دول شرق آسيا تزيد معاناة إيران اقتصاديا – مصدر24

دول شرق آسيا تزيد معاناة إيران اقتصاديا

دول شرق آسيا تزيد معاناة إيران اقتصاديا

واشنطن – علقت إيران آمالا على دول شرق آسيا مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية في مواجهة تداعيات العقوبات الأميركية الوخيمة على اقتصادها، لكن سرعان ما تبخرت أحلام إيران حيث اختارت دول الشرق احترام العقوبات وتركت بذلك طهران في مواجهة مأزق يتفاقم شيئا فشيئا بسبب سياستها التخريبية في المنطقة.

ويشير أليكس فاتانكا في تقرير لمجلة فورين بوليسي، إلى انزعاج النظام الإيراني على وجه الخصوص من السرعة التي تخلت بها الدول الآسيوية عن إيران كشريك تجاري.

وكانت إيران تأمل في أن ينقذ الشرق اقتصاد البلاد من وابل العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. واختارت التوجه شرقا منذ إعلان ترامب في أوائل عام 2018، عن نظام العقوبات على إيران، حيث حث المرشد الأعلى علي خامنئي طهران آنذاك صراحة على التطلع إلى الشرق بحثًا عن شركاء تجاريين في إطار خطة بديلة لإنقاذ اقتصاد متردّ.

وتجنبا لغضب الشارع الذي أبدى رفضه دفع تكلفة السياسة الخارجية لنظام اختار التورط في قضايا المنطقة على حساب مشاغل الداخل، استحضر خامنئي ككل مرة نظرية المؤامرة. ويلفت فاتانكا إلى أن سجل خامنئي الطويل يحفل بتشويه سمعة الغرب، ولطالما وصف أي مسؤول في طهران اختلف مع وجهة نظره بأنه ساذج أو غير عقلاني.

لكن خامنئي خسر رهانه هذه المرة على الشرق، الذي بدا منحازا للولايات المتحدة وممتثلا لعقوبات الإدارة الأميركية الصارمة. ومنذ وصول ترامب إلى سدة الرئاسة، بدا جليا تباين وفتور علاقات إيران مع الدول الآسيوية.

ولاحظ فاتانكا أنه لا توجد علامة على نجاح العلاقات الإيرانية – الآسيوية في أي مكان. حيث بدا أكثر الشركاء التجاريين السابقين للبلاد، مثل كوريا الجنوبية والهند كأكثر الدول حرصًا على احترام العقوبات الأميركية على إيران. وتوقفت تلك الدول عن شراء النفط الإيراني، وأوقفت أي استثمارات طويلة الأجل لديها في إيران، ورفضت إلى حد ما بيع أي شيء للبلاد.

أليكس فاتانكا: إيران أخطأت حين ظنت أن الصين هي المنقذ الاقتصادي للبلاد

وبعد عامين من المماطلة، أرسلت كوريا الجنوبية أخيرًا إلى إيران شحنة من السلع الأساسية الإنسانية بقيمة 500 ألف دولار. ويُقال إن شحنة أخرى تبلغ قيمتها مليوني دولار يجري تنفيذها، ولكنها مشروطة بحصول سيول أولاً على موافقة واشنطن.

كما لم تخف طهران غضبها من سيول التي لا تزال تمنع دفع حوالي 7 مليارات دولار مقابل النفط الذي تم تصديره إلى كوريا الجنوبية قبل تنفيذ العقوبات الأميركية في أواخر عام 2018.

وسبق أن طلب الرئيس الإيراني حسن روحاني من حكومته اتخاذ إجراءات قانونية ضد سيول لردع الدول الأخرى عن التصرف بنفس الطريقة.

ويتسق موقف كوريا الجنوبية مع موقف الهند، حيث رفضت نيودلهي في السنوات الأخيرة التعامل مع طهران وتراجع تدريجيا حجم التبادل التجاري معها. وفي عام 2018، على سبيل المثال، بلغت واردات الهند حوالي 13 مليار دولار من إيران، لكن صادراتها بلغت 3 مليارات دولار فقط. ولمعالجة هذا الخلل عرض الهنود مبادلة النفط مقابل البضائع، وكانت هذه نكسة كبيرة لطهران، لأن مثل هذا الترتيب كان سيحرمها من صرف العملات الأجنبية الذي تشتد الحاجة إليها.

وفي النهاية، كان من المستحيل على الحكومة الهندية أن تقاوم الضغوط الأميركية، وأدى ذلك إلى قطع العلاقات التجارية مع إيران تمامًا. حتى أن الولايات المتحدة أعطت نيودلهي تنازلاً حتى تتمكن من الاستمرار كمستثمر ومشغل في تطوير ميناء إيران في أعماق البحار في تشابهار على خليج عُمان، لكن الهنود أبدوا ترددا في استكمال هذا المشروع.

ويسير على خطى كوريا الجنوبية والهند بقية شركاء إيران التجاريين الآخرين في الشرق. وفي حالة اليابان، أنهت طوكيو التجارة مع إيران بسرعة امتثالًا للعقوبات الأميركية. ومع ذلك، كانت الحكومة، كما يؤكد الكتاب الجديد لمستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون، سعيدة في الوقت نفسه بلعب دور وسيط محتمل بين طهران وواشنطن. ونظرًا لأن اليابان حليف كبير للولايات المتحدة، لم تعلق طهران أبدًا على أمل كبير في الحفاظ على التجارة مع طوكيو، ولكن يبدو أنها تقدر حقًا الجهود اليابانية الهادفة إلى إيجاد حل دبلوماسي.

وكان هذا واضحًا في قرار روحاني القيام بزيارة إلى طوكيو في ديسمبر 2019، وهي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2000. وحتى مع فشل الوساطة اليابانية في تحقيق الهدف المطلوب، تميزت معالجة طوكيو للمواجهة الأميركية الإيرانية بمهارتها الدبلوماسية.

أما بالنسبة للصين فقد تحولت في نظر طهران من كونها طوقاً للنجاة إلى مخيبة للآمال، حسب ما ذهب إليه فاتانكا.

 وسعى وزير الخارجية محمد جواد ظريف أثناء زيارته الصين في مايو 2019 إلى تحقيق هدفين: أولهما حين طلب ظريف من بكين المساعدة في إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي انسحبت منه إدارة ترامب. كما دفع الصينيين إلى مواصلة شراء نفط إيران وتجاهل العقوبات الأميركية. في البداية بدا وكأن رسالة ظريف لقيت استقبالا حسنا. وأثناء وجوده في بكين، سلمت ناقلة نفط إيرانية حمولتها إلى ميناء صيني. كانت هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها نفط إيراني إلى الصين منذ أن فرضت إدارة ترامب حظراً تاماً على جميع صادرات النفط الإيرانية ابتداءً من أواخر عام 2018.

لكن سرعان ما تخلت بكين عن طهران وتراجعت عن دعمها اقتصاديا، حيث انخفضت التجارة بين إيران والصين بنسبة الثلث إلى ما مجموعه حوالي 23 مليار دولار، وخفضت كل من إيران والصين حجم الصادرات لبعضهما البعض.

ويخلص أليكس فاتانكا في تقريره إلى فشل النظام الإيراني في استمالة دول شرق آسيا إلى صفه وخاصة بكين. وأردف بالقول “لقد أخطأت إيران حين ظنت أن الصين هي المنقذ الاقتصادي للبلاد”.

'