رسائل تهديد خلف تقليل أردوغان من أهمية الاتفاق العسكري الليبي – مصدر24

رسائل تهديد خلف تقليل أردوغان من أهمية الاتفاق العسكري الليبي

طرابلس – تضمّنت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقب ساعات من إعلان البعثة الأممية في ليبيا عن توصل اللجنة العسكرية 5 + 5 إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار، تهديدا مبطنا باستئناف القتال، ما يعكس عدم رضا أنقرة عن الاتفاق الذي من بين أبرز بنوده إخراج المرتزقة من البلاد، وهو الأمر الذي يستهدف إنهاء نفوذ كل من روسيا وتركيا اللتين تُتهمان بنشر المرتزقة في البلاد.

وقال الرئيس التركي إن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا ضعيف المصداقية وستظهر الأيام مدى صموده. جاء ذلك في معرض رده على أسئلة الصحافيين، عقب أدائه صلاة الجمعة في أحد المساجد بمدينة إسطنبول.

وأعرب أردوغان عن اعتقاده بأن توقيع اتفاق من أجل وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا ضعيف المصداقية.

وأوضح أن الاتفاق تم على مستوى مندوبين أحدهما يمثل خليفة حفتر (القائد العام للجيش الليبي) والآخر قائد عسكري من مصراتة يمثل حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج.

ولفت إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا “ليس اتفاقا على أعلى مستوى وستُظهر الأيام مدى صموده”. وأردف “أتمنى أن يتم الالتزام بهذا القرار لوقف إطلاق النار”.

وفيما يخص ما تردد حول التوافق بشأن انسحاب المرتزقة، قال أردوغان “لا نعلم مدى صحة (قرار) انسحاب المرتزقة من هناك في غضون ثلاثة أشهر”.

ولم تفاجئ تصريحات الرئيس التركي المتابعين للوضع في ليبيا، حيث سبق أن لوحت قيادات عسكرية ليبية مقربة من أنقرة باستئناف القتال بعد أن دفع وزير الدفاع صلاح الدين النمروش بتعزيزات عسكرية إلى عدد من المدن في المنطقة الغربية متهما الجيش بالتخطيط للهجوم على تلك المدن، وهو ما نفاه الناطق باسم الجيش.

وقبل ذلك أجرت ميليشيات مصراتة التابعة لحكومة الوفاق مناورات عسكرية قرب سرت، ما اعتبر بمثابة رسائل تركية لواشنطن والبعثة الأممية مفادها أن “أي محاولات لتهميشنا سنرد عليها باستئناف الحرب” وبالتالي إجهاض جهود التسوية التي تقودها كل من رئيسة البعثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز والسفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند.

ويعكس التصعيد التركي المستمر رفض أنقرة استيعاب فكرة انتهاء دورها في ليبيا المقلق للكثير من الدول المتدخلة في الملف، وخاصة مصر والجزائر وفرنسا واليونان.

أنطونيو غوتيريش يطالب القوى الإقليمية باحترام بنود الاتفاق وضمان تنفيذه

ويربط كثيرون التمادي التركي في ليبيا بوجود ضوء أخضر أميركي لمواجهة النفوذ الروسي، لكن ذلك حوّل أنقرة إلى المتحكم الأول في مجريات الأمور غرب ليبيا، وهو ما يفسر تقليل أردوغان من أهمية الجهة الممثلة لحكومة الوفاق المنقسمة على نفسها، حيث يبدو أن ممثليها في اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) من الموالين لرئيسها فايز السراج وليسوا من أتباع وزير الداخلية فتحي باشاغا المحسوب على الإخوان المسلمين والذي فضل تجاهل الحديث عن الاتفاق، في حين رحب به السراج.

وقال السراج، الجمعة، إن توصل وفدي اللجنة العسكرية المشتركة الليبية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار “يمهد الطريق لنجاح بقية مسارات الحوار”.

وأضاف أن “اتفاق وقف إطلاق النار الدائم يحقن الدماء ويرفع المعاناة عن المواطنين ويمهد الطريق لنجاح مسارات الحوار الأخرى الاقتصادية والسياسية”.

ويقول مراقبون إن إمكانية اندلاع القتال من جديد في ليبيا تبقى واردة، لاسيما في ظل إصرار الولايات المتحدة على عدم الاعتراف بأي دور روسي في البلاد، وهو الأمر الذي عكسته تصريحات الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وقال غوتيريش “أناشد كل الأطراف المعنية والقوى الإقليمية احترام بنود اتفاق وقف إطلاق النار وضمان تنفيذه دون تأخير”.

ودعا غوتيريش أيضا إلى تطبيق كامل لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا من قبل الأمم المتحدة.

ورغم الإعلان عن وقف مؤقت للقتال منذ أغسطس الماضي تواصل أنقرة إرسال الأسلحة إلى ليبيا، ما يطرح تساؤلات بشأن قدرة الولايات المتحدة -التي تتهم بتشجيع تركيا على التدخل العسكري في البلاد- على ردع أنقرة وإلزامها بما سيتم التوصل إليه من تفاهمات لاحقة قد يكون من بينها إلغاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا، خاصة مع تصاعد حدة الدعوات المحلية والأوروبية إلى إلغاء الاتفاق.

ومن المنتظر أن تنطلق خلال التاسع من نوفمبر المقبل في ضواحي العاصمة تونس محادثات سياسية ستنتهي بتشكيل سلطة تنفيذية جديدة.

ورحّبت المفوضية الأوروبية بإعلان وقف إطلاق النار في ليبيا الجمعة ودعت إلى تطبيقه واستئناف محادثات السلام.

وقال المتحدث باسم شؤون سياسات الاتحاد الأوروبي الخارجية بيتر ستانو للصحافيين إن “اتفاق وقف إطلاق النار بشكل دائم أساسي لاستئناف الحوار السياسي”، مؤكدا أنه “من المهم جدا كذلك أن يُطبَّق هذا الاتفاق”.

وقالت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا إن الطرفين اتفقا على وقف إطلاق النار بشكل تام ودائم في مختلف أنحاء البلاد ويدخل حيز التنفيذ فوْرا.

ووفق الاتفاق، سيشكل الجانبان لجنة عسكرية مشتركة للعمل في غرفة للعمليات تقود قوة محدودة من الأفراد العاديين.

وستكون مهمتها حصر وتصنيف كل الجماعات المسلحة في ليبيا بمساعدة الأمم المتحدة والعمل على ما إذا كان يمكن دمج مقاتليها في مؤسسات الدولة وكيفية تنفيذ ذلك.

وستضطلع غرفة عمليات جديدة مشتركة للشرطة بمهمة تأمين المناطق التي ستنسحب منها قوات الجانبين. وسيعمل الجانبان مع بعثة الأمم المتحدة للتوصل إلى إيجاد آلية بإمكانها مراقبة الهدنة.

'