رسائل داخلية وإقليمية عمانية من ظفار – مصدر24

رسائل داخلية وإقليمية عمانية من ظفار

مسقط – عكست زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى محافظة ظفار تأكيدا على سياسة الاتصال الميداني التي يعتمدها سلطان عمان للاطلاع على مشاغل مواطنيه والاهتمام بأوضاعهم بعيدا عن التقارير الروتينية التي تأتي عن طريق القنوات الحكومية التقليدية والتي قد لا تعبر عن حقيقة الأوضاع.

وحملت رسالة طمأنة لأبناء المحافظة وللعمانيين بشأن التسريبات والإشاعات والاشتغال الإعلامي الموجه حول ما يجري في المهرة والتأثير السعودي والأوضاع في اليمن، ومحاولة استثمار ذلك في تحريك النزعة المناطقية والانفصالية. ومفاد هذه الرسالة أن ظفار على رأس اهتمام السلطان هيثم، بموقعها الإستراتيجي.

وجاءت الزيارة ضمن سلسلة زيارات إلى مناطق أخرى بدءا من الجبل الأخضر ثم ظفار، في سياق سياسة سلطانية تقوم على تقوية مساهمة المحافظات في التنمية من خلال تطوير خصوصياتها ومساعدتها مركزيا على تحقيق ذلك.

وتقدمت شخصيات ومشايخ من المحافظة بمجموعة من المطالب التي تهم حياة الناس ومصالحهم خلال اللقاء مع السلطان هيثم، خصوصا ما يتعلق بموضوع الإسكان، والأراضي الشاسعة الموزعة على المسؤولين، والزحف على الأراضي الريفية والمسطحات الخضراء، وتشغيل الشباب وبناء مرافق تعليمية وصحية.

محمد العريمي: مشايخ ظفار لم يطرحوا قضية خارج المطالب المحلية المشروعة

وقال الشيخ غازي بن سالم بن أحمد بن بخيت الشنفري إن الحديث مع السلطان هيثم شمل المستشفى المرجعي الذي كان مطلب سكان المحافظة. كما شمل فرص الاستثمار خاصة في ميناء صلالة الذي يعد من الموانئ المهمة على بحر العرب.

وبشّر السلطان هيثم العمانيين، خلال اللقاء، بإيجاد فرص التوظيف في القطاع العام والخاص وآلياته، وتوحيد كافة الامتيازات في القطاعين، وبأن الموظف في القطاع الخاص سيحظى بكافة الامتيازات الموجودة في القطاع العام سواء خلال وجوده في العمل أو حتى ما بعد التقاعد.

من جهته، قال الشيخ أحمد بن سعيد الغريبي إن الحديث لم يقتصر على تأكيد مكانة محافظة ظفار الإستراتيجية والاقتصادية فحسب، بل شمل مجموعة مشاريع إستراتيجية في عدة قطاعات بالبلاد.

ولخّص عبدالله بن حسين باعمر، عضو مجلس الشورى العماني، ممثلا عن ولاية صلالة، قائمة مطالب أهالي ظفار في مجموعة نقاط، بينها الاستثمار الأمثل في المناطق الحرة، والإسراع في تطوير الواجهة البحرية، واستكمال مرافق البنية الأساسية، وتطوير العيون المائية والمواقع السياحية، وإنشاء فرع لجامعة قابوس في ظفار.

وعزا محمد العريمي، رئيس جمعية الصحافيين العمانية، أهمية زيارة السلطان هيثم إلى الدلالة التاريخية لمحافظة ظفار بالنسبة إلى السلطنة، فضلا عن أنها تأخذ مساحة متميزة في رؤية عمان 2040.

وقال العريمي في تصريح لـ”العرب” إن السلطان هيثم قبل أن يزور ظفار أدى زيارة غير معلنة رسميا إلى الجبل الأخضر من أجل التعرّف مباشرة على مطالب المنطقة الواعدة بالنسبة إلى عمان وطموحات أهالي المدينة ومشايخها.

وشدد على أن المطالب التي تقدم بها المشايخ في ظفار إلى السلطان هيثم مشروعة ومفهومة مثل التوظيف الذي يمثل حاليا أزمة عالمية وليست مقتصرة على السلطنة، وإنشاء جامعة ثانية تلبي احتياجات ولايات المحافظة، وبناء مستشفى مرجعي ثانٍ لتلبية حاجة الأعداد المتزايدة من أبناء المدينة وعدد الزوار القادمين إليها في موسم الخريف.

ونفى العريمي أن يكون مشايخ ظفار قد طرحوا في الجلسات أي أمور خارجية متعلقة بالمهرة والدور السعودي والحرب اليمنية، مؤكدا أن الجلسات ركزت على الشأن المحلي و الداخلي فقط.

واعتبر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن زيارة السلطان هيثم إلى المحافظة خرجت بنتائج عملية معلنة وسريعة، ما يؤكد أن المرحلة القادمة لن تكون مرحلة مجاملات وإنما مرحلة اقتراح وفعل، وخاصة مصارحة الناس بالأوضاع التي تعيشها السلطنة في ظل الظروف الدولية، خاصة ما تعلق بموجة كورونا العائدة بقوة، فضلا عن تراجع أسعار النفط وتأثيره على ميزانية البلاد واضطرارها إلى التقشف كخيار للحد من الخسائر والخروج بأخف الأضرار.

وقال النشطاء إن هناك تركيزا واضحا من السلطان هيثم على الشباب في مختلف لقاءاته وزياراته، وأن الأمر يظهر من خلال اختيار وزراء ومسؤولين من الشباب في مواقع متقدمة بمؤسسات الدولة، ومن المنتظر أن يتوسع هذا الخيار ليشمل المحافظات وبقية المناطق في سياق إستراتيجية قائمة على تجديد دماء مؤسسة الحكم بالشباب.

مشاغل العمانيين على رأس اهتمامات السلطان هيثم بن طارق
مشاغل العمانيين على رأس اهتمامات السلطان هيثم بن طارق

كما يظهر هذا الاهتمام في التأكيد على فرص التوظيف في القريب العاجل لطمأنة الشباب بأن المستقبل لهم وأن البلاد تحتاج إليهم.

وأشار النشطاء إلى أن ما تم الكشف عنه خلال اللقاء يظهر أن السلطان هيثم يفكر في إجراءات شاملة تهم العمانيين ككل، لكن هناك إجراءات تراعي خصوصيات المناطق، ومن بينها ظفار باعتبارها منطقة إستراتيجية سياحيا وأمنيا، لافتين إلى أن زيارة السلطان ولقاءه الواسع مع مشايخ المحافظة ومسؤوليها، والحديث الصريح، كلها عناصر تؤكد أن لظفار منزلة مهمة في نظر السلطة المركزية، وأن ما يهم ليس الماضي وإنما المستقبل.

ولم يغفل بعض النشطاء الإشارة إلى تأثر البعض من أبناء ظفار بما يجري في المهرة والإشاعات حول التأثير السعودي، وتضخيم البعد المناطقي للمحافظة بالعودة إلى ما جرى في ستينات القرن الماضي وسبعيناته وارتباط ذاك الوضع باليمن، وهو ما أشار إليه الإعلامي العماني موسى الفرعي بقوله إن السلطان حرص بزيارة المحافظة “على ألا يترك فرصة لاحتمالات كثيرة تحوم في المنطقة وذلك بحفظ ظفار بأيدي أبنائها”.

ولفت الأكاديمي العماني سالم الشكيلي إلى ذلك بقوله في تغريدة على حسابه بتويتر “نلاحظ في الآونة الأخيرة ظهور بعض الأصوات التي تتعصب للمناطقية المرفوضة من الشعب العماني، عمان كلها من ظفار إلى مسندم ومن مسقط إلى البريمي قلب واحد، فالحذر الحذر من المناطقية والمذهبية والطائفية والقبلية، فوالله ما هلكت بعض الشعوب إلا من هذا الباب”.

'