رسائل غزل متبادلة بين الجزائر وتركيا تتجاوز الإسلاميين – مصدر24

رسائل غزل متبادلة بين الجزائر وتركيا تتجاوز الإسلاميين

الجزائر – سارعت تركيا إلى ترويج أجندتها العادية مع الجزائر عبر تجاهل ما تم تداوله مؤخرا حول وجود تنسيق بين السلطات التركية وقيادات في حركة رشاد، التي تصفها الجزائر بـ”المقربة من الإرهابيين”.

واختارت تركيا أذرعها الإعلامية للتعامل مع الأزمة حيث كثفت تغطيتها الإيجابية على الجزائر وكانت وكالة الأنباء التركية الرسمية “الأناضول” في مقدمتها وركزت خاصة على أزمة البلاد مع فرنسا، إضافة إلى محاورة السفير الجزائري في أنقرة مراد عجابي لنفي التقارير التي تحدثت عن بوادر أزمة دبلوماسية وشيكة بين البلدين.

وكشف تقرير إخباري عن بوادر أزمة بين الجزائر وتركيا على خلفية لقاءات رسمية تمت بين ممثلين عن السلطات التركية وممثلين عن تنظيم حركة رشاد الذي تسعى السلطات الجزائرية لتصنيفه ضمن الحركات الإرهابية.

مراد عجابي: العلاقات القائمة بين تركيا والجزائر حاليا رائعة

وأوردت صحيفة “الخبر” الجزائرية الخميس عن مصادر مطلعة قولها إن اجتماعات رسمية جمعت في مناسبتين بين ممثلين عن الحكومة التركية وعناصر من حركة رشاد، في مدينتي إسطنبول وأنطاليا.

وأوضح المصدر ذاته أن موضوع اللقاءات تمحور حول توفير الدعم اللوجيستي والسياسي بهدف “تقوية التنظيم وتمكينه من الشارع الجزائري”، مبرزا أن ما حدث على الأراضي التركية “انتهى إلى علم السلطات الجزائرية”.

ولم تعلق حركة رشاد على خبر اللقاء مع الأتراك.

ورغم ما للمسألة من ثقل إستراتيجي في أمن وسلامة البلدين، خاصة بالنسبة إلى الجزائر التي تتخوف من اختراق تيارات إسلامية لاحتجاجات الحراك الشعبي، إلا أن كليهما تجاوز المسألة بشكل يوحي بأن تركيا لم تعد بلدا يضحي بعلاقاته الإستراتيجية مع دول المنطقة، لأجل تنظيمات تروّج خطابا أيديولوجيًّا يدخل في صميم مواقفها السياسية سابقا، وهو ما وقع في المراجعات التي تمت مع مصر ودول الخليج العربي.

ويبدو أن تركيا، التي دخلت في مرحلة التخلص من تركة جيوب التنظيم الإخواني العالمي، لا يمكن أن تضحي بعلاقاتها الإستراتيجية مع الجزائر، خاصة أنها تعتبرها درعها الأمامي في قارة أفريقيا، لأجل تنظيم أيديولوجي معارض يملك موالين له، لكن ليس بالوزن الذي يقلق السلطة أو شركاءها الكبار في المنطقة.

وتركيا، التي تراهن على رفع سقف مبادلاتها التجارية والاقتصادية مع الجزائر إلى عشرة مليارات دولار، غير مستعدة على ما يبدو للتفريط في الجزائر من أجل تنظيم لا يملك في أجندته إلا خطابا سياسيا وأيديولوجيا ولا حظ له في الوصول إلى مصادر القرار على المدى القريب أو المتوسط.

ومع ذلك لا يمكن إخفاء الانزعاج الذي سببه تمدد النفوذ التركي خلال الأزمة الليبية للجزائر، خاصة عندما اقترب المرتزقة السوريون الذين أرسلتهم أنقرة من الحدود البرية الجزائرية.

وتحولت الجزائر إلى محل صراع بين فرنسا التي تعتبرها منطقة نفوذ تاريخية لها وتركيا التي تحاول بشتى الطرق مزاحمتها، وهذا ما يفسر أيضا الهجوم الإعلامي التركي على فرنسا وانحيازها إلى الجزائر عقب التوتر الذي ظهر إلى العلن مؤخرا بعد تأجيل رئيس الوزراء الفرنسي زيارته إلى الجزائر.

ويبدو أنه كما للنفوذ الفرنسي أياد تسهر على رعايته وحمايته من المنافسة المحتملة من طرف شركاء آخرين، هناك أيضا نفوذ تركي آخذ في التمدد داخل الجزائر عبر استمالة مشاعر عامة الجزائريين بخطاب الدين الإسلامي والتاريخ المشترك والتقارب الحضاري والديني، وحتى تكوين لوبيات موالية لأنقرة وتعمل على خدمة مصالحها.

Thumbnail

وقال السفير الجزائري في أنقرة إن “بلاده تأمل في زيادة حضور رجال الأعمال الأتراك المستثمرين إلى أراضيها، والجزائر هي الشريك التجاري الثاني لتركيا في أفريقيا، والأخيرة تحتل المرتبة الأولى بين الدول الأكثر استثمارا في الأراضي الجزائرية”.

وأضاف “هناك فرص جديدة، وأنا متفائل جدا حيال المستقبل لذلك نوجه دعوة لرجال الأعمال، وأن العلاقات التركية – الجزائرية بدأت في القرن السادس عشر”.

وشدد على أن بلاده “واصلت علاقاتها الثنائية مع تركيا من جديد بعد تحقيقها الاستقلال”.

ووصف السفير عجابي العلاقات القائمة بين تركيا والجزائر حاليا بـ”الرائعة “، في رد مبطن على جهات توقعت دخول تلك العلاقات في مأزق بعد لقاء جمع الأتراك وقيادات من حركة رشاد منذ عدة أشهر.

وتابع السفير الجزائري “الفرص كبيرة، وإرادتنا أيضا كبيرة.. وإن شاء الله سننجز معا أعمالا كبيرة بطريقة مفيدة وقوية أكثر في الفترة القادمة”، وأن موقع بلاده إستراتيجي جدا، ففي شمالها أوروبا وجنوبها أفريقيا وشرقها آسيا، ولديها شتى أنواع الموارد، وأن المستثمرين الأتراك إذا قاموا بالإنتاج في الجزائر سيكون بإمكانهم إرسال البضائع إلى 100 دولة دون رسوم جمركية، بما في ذلك الدول الأفريقية والعربية والأوروبية.

ولفت المتحدث إلى أن بلاده “يمكن أن تكون بوابة تركيا سواء إلى البلدان الأفريقية أو الأوروبية أو العربية لأنها فتحت صفحة جديدة سياسيا واقتصاديًا ودوليا”، وهي إشارة واضحة الى استعداد الجزائر لاعتبار تركيا شريكا إستراتجيا خاصة في ظل تذبذب علاقاتها مع الشريك التاريخي فرنسا، كما أن مفردات السفير حملت رسائل غزل بإمكانها تجاوز مختلف المطبات المحتملة.

'