رسوم البث تنهك الإذاعات الخاصة في تونس في ظل أزمة كورونا – مصدر24

رسوم البث تنهك الإذاعات الخاصة في تونس في ظل أزمة كورونا

تونس – قرّرت النقابة الوطنية للإذاعات الخاصة والغرفة الوطنية النقابية للتلفزيونات الخاصة والنقابة الوطنية للصحافيين في تونس تنظيم وقفة احتجاجية الاثنين القادم، أمام مقرّ وزارة تكنولوجيا الاتصال احتجاجا على الوضعية الصعبة التي تعيشها وسائل الإعلام الخاصة.

وتندد هذه النقابات بتهديد الدولة المتواصل بقطع البث على المؤسسات الإعلامية السمعية والبصرية الخاصة، بسبب تراكم الديون عليها نتيجة فرض رسوم باهظة على الإرسال مقارنة بمستوى الخدمات الذي يسوء ويتردّى خلال فصل الصيف.

وتعتبر الإذاعات الخاصة نفسها الأكثر تضررا جراء الأزمة الصحية والاقتصادية في البلاد، وتراجع الإعلانات وهي الطرف الأضعف في قطاع الإعلام الخاص.

وحذر رئيس النقابة الوطنية للإذاعات الخاصة، محمد كمال ربانة الجمعة من تفاقم أزمة الإذاعات أكثر بسبب تفشي فايروس كورونا، بسبب غياب الدعم الحكومي للإعلام الخاص.

كمال ربانة: ليس من العدل أن يدفع المواطن معلوم الأتاوة للإعلام العمومي فقط في حين يقدم الإعلام الخاص نفس الخدمات

وطالب ربانة في تصريحات إذاعية بالتوزيع العادل للإشهار (الإعلان) العمومي للإذاعات الخاصة وبالمعاملة بالمثل عند تقديم المساعدات، وقال “ليس من العدل أن يدفع المواطن معلوم الأتاوة للإعلام العمومي فقط في حين يقدم الإعلام الخاص نفس الخدمات مثله مثل وسائل الإعلام العمومية”.

 ومن ضمن المطالب أيضا، إلغاء الديون المتراكمة بذمة الإذاعات الخاصة مؤكدا على ضرورة تقديم الدعم الحكومي اللازم لها، واعتبر أنه “ليس من المعقول أن تساهم الإذاعات الخاصة في مداخيل كبيرة لصالح الدولة تصل إلى 100 مليون دينار وهي معاليم الأتاوة، ولا تقدم الدولة في المقابل أي دعم مادي لمساعدتها في ظل هذه الأزمة”.

وكرر ربانة دعواته المتكررة في الأشهر الأخيرة إلى إلغاء سياسة قطع البث على الإذاعات الخاصة، قائلا “لا يمكن مواصلة سياسة الدكتاتورية وسياسة التهديد بقطع البث”.

وفي نوفمبر الماضي قام الدّيوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزيوني، بتعليق خدمة البثّ الإذاعي على موجات “أف.أم”، لبرامج إذاعات “كاب أف.أم” و”كنوز أف.أم” و”الرّباط أف.أم” و”المهديّة أف.أم”.

وأوضح الديوان الوطني في بيان له، أنّه اتخذ هذا الإجراء، بعد “أن تخلّفت الإذاعات المذكورة عن تسوية وضعيتها إزاء مستحقات البثّ، وبعد استنفاذه لجميع السّبل، وذلك في إطار حرصه على سداد هذه المستحقات باعتبارها أموالا عمومية مستوجبة”، وأكد أنّ “قرار تعليق بثّ برامج هذه الإذاعات سيظلّ ساريا إلى غاية تسوية وضعيتها”.

والتقى كمال ربانة مؤخرا برئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي وتناول اللقاء الوضعية الاقتصادية التي تعيشها الإذاعات الخاصة في ظل الأزمة الصحية، وأكد ربانة على الدور الهام الذي لعبته المؤسسات الإعلامية خلال فترة مجابهة فايروس كورونا وطالب بضرورة التسريع في تسوية وضعية المؤسسات المصادرة.

ويتضمن المشهد السمعي البصري في تونس 36 إذاعة عامة وخاصة وجمعياتية، بحسب الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري.

وتعمل هذه الإذاعات -حسب إمكانياتها وخصوصية كل منها- على ضمان خطاب تعددي ديمقراطي من خلال فتح المجال لمختلف الأصوات الفكرية والسياسية للتعبير عن رؤاها وتوجهاتها.

ورغم الدعوات لدعم القطاع الإعلامي الخاص من قبل الحكومة وخصوصا الإذاعات، إلا أن القرارات الحكومية بهذا الشأن أثارت الكثير من الجدل في تونس بين مؤيد ومعارض، حيث أقرّ رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ في مايو الماضي، جملة من الإجراءات الاستثنائية لدعم القطاعات والفئات المتضرّرة من انتشار فايروس كرورنا في البلاد، طالت قطاع الإعلام الخاص.

وأقر الفخفاخ، إجراءات “للنظر في دعم قطاع الإعلام ومرافقة المؤسسات الإعلامية، لمجابهة أزمة كورونا”. وتمثلت هذه الإجراءات في تكفّل الدولة بنسبة 50 في المئة من رسوم البث لسنة 2020، لكل القنوات الإذاعية والتلفزية الخاصة التي تلتزم بدفع الرسوم المذكور في موعدها.

نقابة الصحافيين تؤكد تشكيلها لجنة قانونية لتدارس إمكانية مقاضاة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ على خلفية وجود شبهة توظيف لأموال دافعي الضرائب، بهدف الدعاية السياسية

وضمن القرارات أيضًا، اقتناء اشتراكات في النسخ الإلكترونية للصحف، من قبل الدولة والهياكل العمومية، حوال 1.2 مليون دينار (500 ألف دولار) ويُقتطع من الاعتمادات المرصودة بالميزانية، بعنوان “الاشتراكات في الصحف الورقية لسنة 2020”. وواجهت هذه القرارات انتقادات واسعة من قبل شريحة من التونسيين رأوا أن أصحاب القطاع الإعلامي الخاص يجنون أرباحا كبيرة.

وذهب آخرون إلى القول أن غالبية المؤسسات الإعلامية الخاصة غير ملتزمة بالقانون، زاعمين أن رئيس الحكومة يبحث من خلال هذا الدعم عن لوبي إعلامي يعاضد عمله في ظل عدم وجود برامج يعمل به ولا قوى سياسية يرتكز عليها.

كما تضمنت القرارات الحكومية إنشاء صندوق بقيمة خمسة ملايين دينار (حوالي 1.5 مليون دولار) لدعم مجهودات الدولة في الحملات التوعوية، فضلًا عن تخصيص اعتماد بالقيمة نفسها لتمويل برنامج تأهيل القطاع ومساندته في الانخراط في منظومة التحول الرقمي.

وبرّرت الحكومة هذه الإجراءات بسعيها إلى المحافظة على الإعلام، حيث أكّد الفخفاخ، أنّ “مرافقة المؤسسات الإعلامية في تجاوز تداعيات هذه الأزمة، يتنزّل في إطار المحافظة على ديمومتها وتعزيز قدرتها على الحوكمة وتحقيق التحول الرقمي، اعتبارًا للدور المحوري للإعلام في ترسيخ المسار الديمقراطي ودعم حرية التعبير”.

في المقابل لم ترض هذه القرارات أهل المهنة أنفسهم، والمنظمات الوطنية الممثلة للصحافيين ووسائل الإعلام، وعلى رأسها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، التي عبّرت عن “صدمتها بالقرارات الارتجالية والمسقطة بطريقة مثيرة للريبة” للحكومة التونسية في خصوص قطاع الإعلام.

وأعلنت النقابة عن رفضها لما وصفته بـ”سياسة الخنوع مقابل الغذاء التي تريد الحكومة تكريسها في القطاع”، وأعربت عن خشيتها من محاولة تدجين قطاع الإعلام بهدف تلميع صورة الحكومة ورئيسها، واستغلال الوضع الاجتماعي الهش للصحافيين.

وأكدت نقابة الصحافيين في السياق ذاته، تشكيلها لجنة قانونية لتدارس إمكانية مقاضاة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ على خلفية وجود شبهة توظيف لأموال دافعي الضرائب، بهدف الدعاية السياسية.

'