روبوتات بكين “تهاجر” إلى الوطن العربي – مصدر24

روبوتات بكين “تهاجر” إلى الوطن العربي

بعد المحرك البخاري في عصر النهضة الصناعية، والمولد في عصر الكهرباء، والكمبيوتر والإنترنت في عصر المعلومات، أصبح مجال الذكاء الاصطناعي القوة الحاسمة لدفع البشرية إلى عصر جديد. والآن، يمضى التعاون الصيني – العربي في هذا المجال نحو تحقيق مستقبل أكثر كفاءة وسهولة.

بكين – بتاريخه الممتد لحوالي 170 عاما ومنصته الزاخرة باختراعات لا حصر لها، قدم معرض إكسبو العالمي أثناء تنقله عبر العالم تقنيات مبتكرة غيّرت حياة البشر. وشهدت دوراته السابقة الظهور الأول لأجهزة مثل التلفزيون والهواتف وآلات الأشعة السينية والشاشات العاملة باللمس وبدء رحلة تطويرها.

وخلال إكسبو 2020 دبي الذي تم تأجيله بسبب جائحة كورونا وانطلق في الأول من أكتوبر 2021 واستمر ستة أشهر حتى الحادي والثلاثين مارس 2022، عرضت شركات صينية المئات من الروبوتات في موقع إكسبو للتفاعل وخدمة السياح. وتم تجهيز هذه الروبوتات بتقنية الجيل الخامس التي تعد من التقنيات المتقدمة في مجال الاتصالات، بالإضافة إلى القدرة على رصد ورسم خرائط للكائنات باستخدام الذكاء الاصطناعي.

شركات صينية عرضت المئات من الروبوتات المجهزة بتقنية الجيل الخامس في موقع إكسبو دبي 2020 للتفاعل وخدمة السياح

“انتظر، دعني أرتدي ملابسي”، هكذا قال الروبوت أوبتي وهو يغطي عينيه بنظارته الشمسية ويلوح بيده لتحية الزوار. فالروبوت البرتقالي الذي يبلغ طوله متر واحد هو أحد الروبوتات الأمناء الثلاثة لتميمة إكسبو 2020 دبي. وهو قادر على تأدية رقصات وسرد نكات ومجهز بشاشات لمس متعددة وتفاعل صوتي.

أما الروبوت “يويو”، وهو على هيئة حيوان باندا، فقد جذب عشاق الثقافة الصينية في منطقة المعرض الفرعي الإيكولوجي الذكي، وكان محط أنظار وسائل الإعلام معتبرينه بمثابة “سفير لبكين” يجمع بين الصداقة والسلام والتكنولوجيا.

يزن “يويو” 63 كيلوغراما ويبلغ طوله 1.3 متر وهو مزود بـ41 مفصلا على نحو يُظهر التقدم الذي بلغته الصين في مجال الذكاء الاصطناعي. ولعب “يويو” دورا في عرض الثقافة الصينية التقليدية، بما في ذلك الرسم وفن الخط ورياضة “تاي تشي” (أحد فنون الدفاع عن النفس الصينية القديمة)، إلى جانب إبراز تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل.

وتجمع تقنية صناعة “يويو” بين تقنية صناعة الروبوتات التي طورتها الصين بشكل مستقل وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك حس البصر للكمبيوتر والتنقل المستقل وتحديد المواقع والتحرك بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتقنيات الصوت.

وتحت شعار “بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية – الابتكار والفرص”، ركز جناح الصين على أحدث الإنجازات في مجالات مثل استكشاف الفضاء وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وهو ما قدم رؤية مستقبلية لحياة أفضل للبشر.

واستعرضت الصين في جناحها عددا من النماذج التكنولوجية المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، واستطاع الجناح إبراز تجربة بكين في تكنولوجيا المعلومات، كما سلط الضوء على تقنيات النقل الحديث، والقطارات عالية السرعة، والحياة الذكية، واستكشاف الفضاء.

وبالإضافة إلى “أوبتي” و”يويو”، ظهرت روبوتات صينية أخرى ومنها روبوتات جوّالة يمكن استخدامها في مجال الأمن بالحرم الجامعي وكذلك بمحطات مترو الأنفاق، حيث تكون مزودة بتقنيات التعرف على الوجه والتشخيص الحراري. وفي المعرض، كانت هذه الروبوتات تذّكر الزوار بضرورة السير في الممرات المحددة والالتزام بالتباعد الاجتماعي وبمتطلبات الوقاية والسيطرة الأخرى الخاصة بمكافحة كورونا والتي يجب اتباعها في الموقع.

أما الروبوت اللوجستي فقد لفت الانتباه أيضا حيث اُستخدم في نقل البضائع وغيرها من المواد، وفي حمل أرفف عليها كتب ومجلات للمطالعة وخرائط وكتيبات سياحية، وفي توزيع المشروبات والمرطبات في أرجاء المعرض، فضلا عن نقل المياه من مركز الإمداد.

 

روبوتات تسحر الصغار والكبار

 

وفي هذا الإطار، ذكر أسامة عبدالرؤوف عميد كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة المنوفية بمصر أن الصين بدأت مبكرا في المنافسة عن طريق تطوير أذرع الروبوتات التي تعمل في خطوط الإنتاج لديها وحققت تقدما كبيرا في ذلك الأمر، والدليل على هذا النجاح أنه بفضل الدقة العالية لأذرع الروبوتات الصينية في تصنيع اللوحة الأم للحواسب الآلية والخوادم، قررت العديد من المصانع على مستوى العالم ألا تصنع هذه الأذرع وتستوردها من الصين لأنها ذات جودة عالية جدا وسعرها منافس جدا.

إن الروبوتات الصينية لم تظهر في إكسبو دبي وغيره من معارض التكنولوجيا فحسب، وإنما دخلت أيضا ضمن العناصر المستخدمة في الحياة اليومية بالدول العربية.

بالإضافة إلى ذلك، تعد الصين من أكثر الدول تقدما في مجال الزراعة الدقيقة ولديها جميع أنظمة الري وأجهزة الاستشعار المتطورة التي يرتكز عليها هذا المجال.

ومن المنتظر أن يتطور التعاون مع الدول العربية مع أحدث مجموعة روبوتات لتهيئة الصحراء من ثلاثة أنواع من الروبوتات، النوع الأول مخصص لتجهيز الحفرة، والثاني لتثبيت الشتلة، والثالث مخصص للري، كما يمكن لهذه الروبوتات إكمال تخطيط المسار والزراعة تلقائيا بمساعدة نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية، بعد تحديد العمال موقع ونطاق الزراعة في تطبيقهم على جهاز الكمبيوتر.

وتم تطوير الروبوتات بالاشتراك بين شركة هواوي وجامعة شرق الصين للمعلمين، وهي مصممة خصيصا للعمل في البيئات الصحراوية القاسية، وتظهر البيانات أنها تتمتع بقدرة العمل على مدار الساعة، وزراعة من 200 إلى 250 شجرة يوميا.

وقال الدكتور عبدالرؤوف “إذا حدث تعاون بين مصر والصين في مجالي الزراعة الدقيقة والطاقة الشمسية فسيكون هذا التعاون كبيرا جدا بينهما لأن مصر حاليا تعمل على هذه المشروعات”.

ويشكل الخليج إحدى المناطق الأسرع نموًا التي تعتمد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في العالم. ومنذ العام 2013، أصبحت الصين المستثمر الرئيسي في قطاع التكنولوجيا المتقدمة في الشرق الأوسط. وبحلول العام 2030، تشير التقديرات إلى أن انتشار الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط قد يدر أرباحًا بقيمة 320 مليار دولار على أن تكون السعودية وقطر والبحرين والإمارات في الطليعة.

'