رونالدو مشحور عرّاب التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط – مصدر24

رونالدو مشحور عرّاب التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط

دبي – تداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية مقطع فيديو لوزير شؤون مجلس الوزراء في الإمارات محمد القرقاوي يشهد فيه بالكفاءة لرجل الأعمال السوري رونالدو مشحور، جاء فيه أنه ”لو بقي في حلب لأصبح الآن لاجئاً لكن بيئة الإمارات سهلت نجاحه“.

مشحور كان قد أسّس منصة للبيع الإلكتروني حققت نجاحات واسعة، ما دفع جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون ومالكها لشراء شركة مشحور بقيمة 580 مليون دولار في ثاني صفقة بيع يشهدها مشحور في عالم الإنترنت بعد بيع بوابة ”مكتوب“ إلى شركة ”ياهو“.

وموقع “سوق دوت كوم“ يعدّ أول موقع للتجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط يحقق نجاحا على نطاق واسع، ما عاد على مشحور بأثر كبير عزّز مكانته في هذا المجال، حتى بات يعرف بأنه ”الأب الروحي للتجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط”.

سوق بلا خوف

“الجمعة البيضاء” حاول من خلالها مشحور معاكسة “الجمعة الأسود” الذي انطلق من الولايات المتحدة وانتشر في الغرب، فنجحت الفكرة وأقبل المستهلكون على الشراء وحقق أكثر من 275 مليون دولار في يوم واحد

ولد مشحور في حلب السورية عام 1966 وسط أسرة معروفة بالأعمال التجارية الواسعة، ودرس في مدينته كافة مراحل دراسته الأولى ثم غادر إلى الولايات المتحدة لدراسة الهندسة الكهربائية وعلوم الكومبيوتر في جامعة نورث إيسترن ببوسطن. ومنها حصل على درجة الماجستير في الاتصالات الرقمية.

بعد تخرجه عمل مستشاراً للأنظمة والتقنيات لعدد من الشركات الناشئة، ثم أصبح مديراً لشركة استشارية متخصصة في مشاريع التجارة الإلكترونية على الإنترنت الموجهة للعالم العربي.

عمل مبكراً مع والده في مشاريع الأسرة، قبل أن يقرّر شق طريقه بنفسه، فاتجه نحو إدارة الأعمال والتكنولوجيا مع العديد من الشركات الأميركية البارزة، وفي  مطلع الألفية أطلق ”سوق دوت كوم“ من دولة الإمارات.

تم إطلاق المنصة على شبكة الإنترنت بمشاركة مجموعة ”جبار“ للإنترنت مع كل من سميح طوقان وحسام خوري. ويقول مشحور إن تأسيس هذا الموقع كان صفقة رابحة للتجار الناشئين، معتبراً أن الخطوة التي أقدم عليها كانت تحطيماً لحاجز الخوف من عالم التسويق والإعلانات وكيفية عرض السلع وضمان بيع المنتجات وإيصالها الى العملاء.

يرى مشحور أن السوق في العالم العربي كانت في البداية فقيرة بالاستثمارات لبناء منصة التسويق الإلكترونية، فكان العمل في غاية المشقة، وقد واجه صعوبات كبيرة اضطرته إلى السفر إلى الخارج لمحاولة الحصول على رأس المال، وإقناع المستثمرين بتنفيذ فكرته، والتي كان يصفها بأنها ”ستغير عالم البيع بالتجزئة في المنطقة“.

تمكن مشحور من إيصال موقعه ”سوق دوت كوم“ إلى مرتبة فائقة قياساً بالظروف التي انطلق منها، حتى بات الموقع يسجّل أكثر من 45 مليون زيارة شهرياً لزوار يشترون أكثر من 9 ملايين منتج. وقد تحقق ذلك خلال أقل من عقد من الزمن، لتصبح شركته أكبر موقع تجارة إلكترونية في الشرق الأوسط، وصاحبة أعلى نسبة أرباح بالملايين من الدولارات.

ماهي الجمعة البيضاء

 

قيادة مشحور لشركة "أمازون" أظهرت قدراته الخلاقة بفعل روح المغامرة لديه
قيادة مشحور لشركة “أمازون” أظهرت قدراته الخلاقة بفعل روح المغامرة لديه

 

 نال لقب ”أفضل رئيس تنفيذي“ في الخليج لعام 2013 واحتل المركز الـ40 في قائمة أبرز 50 شخصية مؤثرة مقيمة في الإمارات في عام 2018. كما تم منحه جائزة الخليج للأعمال التجارية، وجائزة رائد الأعمال، وهو يعتمد على الابتكار في التسويق، واستثمار ارتباط المستهلكين بالحدث، فأطلق عام 2014 مشروع ”يوم الجمعة البيضاء“.

والجمعة البيضاء حاول من خلالها معاكسة ”الجمعة الأسود“ الذي انطلق من الولايات المتحدة وانتشر في الغرب، وتباع فيه المنتجات والسلع بأسعار رخيصة ومفاجئة.

نجحت فكرة مشحور وأقبل المستهلكون على الشراء وحقق أكثر من 275 مليون دولار في يوم واحد. فكرّر التجربة في السنة التالية، وحصل الموقع في يوم الجمعة البيضاء الثاني على نحو 13 مليون زائر خلال 3 أيام فقط، وتم بيع حوالي 600 ألف سلعة مختلفة في دول عربية كالإمارات والسعودية والكويت ومصر.

استمر مشحور رئيساً تنفيذياً لـ”سوق دوت كوم“ حتى العام 2019، بعدها تم تكليفه بمنصب نائب رئيس شركة أمازون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعضواً في المجلس الاستشاري لمجلة ”هارفارد بزنس ريفيو العربية“.

في أثناء ذلك قام بربط ”سوق دوت كوم“ مع ”بوابة مكتوب“، لكن بعد استحواذ ”ياهو“ على ”مكتوب“ انفصل موقع مشحور وبقي كجزء من مجموعة ”جبار“.

ما سهّل مهمة الموقع هو تطوّر عملية الشراء في الإمارات، بفضل إمكانية الشراء بالبطاقات الائتمانية، إلا أنه واجه مشاكل مع الدول العربية التي لم تكن قد وصلت بعد إلى هذه الإمكانات وبقي البيع يجري فيها عبر الدفع نقداً. فوضع مشحور تقنيتين للشراء؛ الأولى عبر شركة ”بايفورت“ للسداد الإلكتروني، والثانية من خلال شركة ”كيو إكسبريس للتوصيل“، فنجحت الفكرة في حل إشكالية الدفع.

رؤية مغايرة

 

الرؤية التي ساعدت مشحور في الإمارات دفعته إلى إطلاق برامج عديدة في المنطقة لدعم رواد الأعمال
الرؤية التي ساعدت مشحور في الإمارات دفعته إلى إطلاق برامج عديدة في المنطقة لدعم رواد الأعمال

 

كانت زيارة  الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس وزراء دولة الإمارات وحاكم دبي، لمقر شركة مشحور عام 2017 دفعة قوية لها، إذ سرعان ما أنجز  صفقة “سوق دوت كوم“ مع بيزوس، ولما تلقاه من دعم ومرونة في الإمارات بات هذا المبدأ منهج عمل له، فهو يقول باستمرار إن “دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة يعتبر جزءاً أساسياً من عملنا وامتداداً لثقافتنا التي تركز على العملاء“، ويضيف “نعد نجاح هذه الشركات نجاحاً لنا“.

 بفضل هذه الرؤية أطلق مشحور برنامجاً في السعودية في يونيو من هذا العام، تحت علامة ”أمازون“ لدعم رواد الأعمال  وتمكينهم من إدارة مشاريعهم اللوجستية، وقبله بثلاثة أشهر كان قد وقّع مذكرة تفاهم مع الهيئة العامة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة، لربط تلك المشاريع بمنصة ”أمازون“، إضافة إلى الاستمرار في مسابقة ”أمازون ثيو“ في الأردن للابتكارات التقنية بين الطلاب الجامعيين.

وفي الإمارات  أطلق برنامج “التمكين الإلكتروني“ بالتعاون مع ”أمازون“ بهدف دعم وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة لرواد الأعمال في أبوظبي. ويوفر البرنامج محتوى تعليميًا إلكترونيًا تفاعليًا لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو والعمل في ظل توسع الاقتصاد الرقمي، كما سيقدم أدوات ورؤى غير تقليدية لتلك الشركات عن كيفية توسيع أعمالها.

أكثر مشاريعه إثارة للجدل، إضافة إلى التسويق الإلكتروني، بناء أول وأضخم محطة للطاقة الشمسية لأمازون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2021 على أسطح مستودعاتها بدبي

وتقدم ”أمازون“ من خلال هذا البرنامج أكثر من 50 ساعة من المحتوى التعليمي للآلاف من الشركات التي تشكل مجتمع الشركات الصغيرة والمتوسطة في أبوظبي، بالإضافة إلى أربعة أشهر من دعم البائعين ورواد الأعمال، وجاء إعلان هذه الشراكة ضمن برنامج “أبوظبي تُلهم” الذي تم إطلاقه لتعزيز الاستجابات المبتكرة للتحديات الحالية، وتشجيع الأفكار والحلول المرنة من الحكومة والمجتمع، ودعم المبتكرين.

وبالتعاون مع قطاع تسجيل الأعمال التجارية والترخيص في اقتصاد دبي أنشأ مشحور عبر “أمازون” برنامجًا جديدًا لدعم حاملي تراخيص “دي إي دي ترايدر“ لتوفير محتوى تعليمي إلكتروني تفاعلي لمساعدتهم على الازدهار في الاقتصاد الرقمي، كجزء من التعاون بين اقتصاد دبي و”أمازون” لدعم حاملي هذه التراخيص.

وسيوفر البرنامج الوصول إلى جامعة ”أمازون سيلر“ التي توفر سلسلة من مقاطع الفيديو التدريبية والموارد التي ستساعد المشاركين على إتقان الأدوات والتطبيقات لبناء علاماتهم التجارية، وعن هذ المشروع قال مشحور ”نحن نؤمن بإمكانيات وقدرات الشركات الناشئة في دبي، ومن خلال هذا التعاون، نطمح إلى تسريع رحلتهم الريادية باستخدام جميع الأدوات وخبرات البيع بالتجزئة التي نوفّرها لهم”.

قيادة مشحور لشركة ”أمازون“ أظهرت قدراته الخلاقة على افتتاح مشاريع كانت مترددة في السنوات الماضية، فتمكن بفضل روحه المغامرة التي كلفته من قبل مبالغ طائلة من تحقيق الكثير من المنجزات، وعلى الرغم من خسارة موقعه 80 في المئة من أرباحه في ليلة واحدة، بعد تحوّل شركته من العمل بنظام المزادات الإلكترونية إلى موقع مباشر للتسوق الإلكتروني إلا أنه عاد وحقق أرباحاً كبيرة وغير مسبوقة.

 

العقل التجاري لمشحور لا يعتمد على الصدفة والطفرات
العقل التجاري لمشحور لا يعتمد على الصدفة والطفرات

 

وقد أطلقت أمازون تحت إدارته منصة أمازون الإمارات عام 2019، كما أطلقت منصة أمازون السعودية بعد عام واحد، ومؤخرًا أطلقت منصة “أمازون أيجبت” في مصر.

أما أكثر مشاريعه إثارة للجدل فكانت بناء أول وأضخم محطة للطاقة الشمسية لأمازون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2021 على أسطح مستودعاتها بدبي.

العقل التجاري لمشحور لا يعتمد على الصدفة، بل على دراسة لسوق واحتياجاتها وطبيعة العملاء وإمكاناتهم، وهو يتذكر دوماً أن عدد العملاء في موقعه ”سوق دوت كوم“ حقق طفرة غير مسبوقة من 30 عميلاً إلى 130 مليون عميل في المنطقة العربية في مصر والإمارات والسعودية والعديد من الدول العربية والشرق الأوسط خلال زمن قياسي.

وقد ذكر مشحور في حديث له مع راديو“ أن بي آر“ الأميركي أن الانتشار السريع في مجال التكنولوجيا في المنطقة العربية، وامتلاك الملايين لأحدث الهواتف الذكية، يرجع له أكبر الأثر على نجاح مشروعه، حيث أصبح تطبيق ”سوق دوت كوم“ على كل هذه الهواتف، والتي عن طريقها يقومون بعمل الطلبيات مباشرة في أيّ مكان يكونون فيه، كما يمكنهم متابعة العروض والخصومات التي يقدمها الموقع وقت الإعلان عنها.

'