زخم صناعة السيارات الكهربائية يتزايد في الشرق الأوسط وأفريقيا – مصدر24

زخم صناعة السيارات الكهربائية يتزايد في الشرق الأوسط وأفريقيا

تطرح خطط السعودية لصناعة السيارات الكهربائية بعد إبرام صندوق الاستثمارات العامة اتفاقية مع شركة “لوسيد” لتصنيع سيارات صديقة للبيئة، تساؤلات بشأن مستقبل هذه الخطط في ظل منافسة لاعب مهم في الشرق الأوسط وأفريقيا وهو المغرب الذي يستحوذ على حصة مهمة من هذه السوق.

الرياض – يؤكد إعلان الشهر الماضي أن السعودية بصدد زيادة حصتها في شركة صناعة السيارات الكهربائية “لوسيد موتورز” أن الرياض باتت تسابق الزمن لتسريع خطط صناعة سيارات صديقة للبيئة لتوفير فرص عمل وتعزيز إيرادات الدولة، غير أنه يطرح تحديات المنافسة مع لاعب مهم في المجال في الشرق الأوسط وأفريقيا وهو المغرب الذي استطاع استقطاب أكبر شركات صناعة السيارات في العالم.

ونقلت مجلة فورس عن دومينيك دادلي قوله”يلتزم صندوق الاستثمارات العامة بدفع مبلغ 2.5 مليار دولار أميركي لشركة لوسيد”.

وفي عام 2018، قدم صندوق الاستثمارات العامة مليار دولار إلى الشركة التي يقع مقرها في ولاية أريزونا على أمل أن تبدأ تصنيع السيارات الكهربائية في المملكة بحلول عام 2020.

وبسبب جائحة كورونا ، رغم التوقعات المتضخمة وغير الواقعية، لم يحدث شيء من هذا القبيل.

دومينيك دادلي: السعودية دفعت 2.5 مليار دولار لشركة لوسيد للسيارات
دومينيك دادلي: السعودية دفعت 2.5 مليار دولار لشركة لوسيد للسيارات

وتمتلك لوسيد خططا متواضعة لتصنيع نحو 7 آلاف سيارة في عام 2021 في مصنعها في كازا غراندي بولاية أريزونا، حيث يهدف المصنع إلى التحرك بحذر للوصول إلى هدف تصنيع 400 ألف سيارة كهربائية سنوياً بحلول نهاية العقد.

ومن أجل القيام بذلك، سيتوسع مصنع كازا غراندي على أربع مراحل مع نمو الطلب والمبيعات. وكما قال الرئيس التنفيذي لشركة لوسيد بيتر رولينسون “نحن لا نريد إنفاق مليار دولار الآن على مصنع لإنتاج 400 ألف وحدة وتقييد كل رأس المال هذا”.

ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، تم استخدام جزء من استثمار صندوق الاستثمارات العامة الأصلي بواسطة شركة لوسيد لبناء مصنع كازا غراندي. وكان التزام صندوق الاستثمارات العامة مقيدًا بوعد قطعته الشركة ببناء مصنع سعودي ولكن من الواضح أنه لم يتم تحديد أي إطار زمني.

ويقارن رولينسون استراتيجية لوسيد بلعبة الشطرنج التي تحتوي على الكثير من القطع المتحركة بحيث يمنحه تمويل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الوقت والمال لتنفيذ استراتيجيته، لكن لم يتضح بعد كيف سيخلق الاستثمار الضخم للمملكة في الشركة، في أي وقت قريب، ما تحتاجه رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030 بشكل عاجل، وهو توفير وظائف للشباب السعودي.

وحتى في حالة ظهور صناعة السيارات الكهربائية إلى النور في السعودية، فهناك بالفعل لاعب مهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يستحوذ على صناعة سيارات راسخة وناجحة، ويتمتع بموقع جغرافي مثالي كبوابة لكل من السوق الأوروبية الناضجة والسوق الأفريقي المزدهر، وهو المغرب.

وتم تعزيز صناعة السيارات المغربية من خلال الاستراتيجيات الحكومية التي تشمل الدعم المؤسسي من وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي والوكالة المغربية للاستثمار وتنمية الصادرات. ومن خلال العمل مع الجمعية المغربية لصناعة السيارات والتجارة، استطاعت الحكومة تحقيق أهداف رئيسية، من بينها قيادة التدريب والتطوير المهني وضمان تعزيز الصادرات ونقل التكنولوجيا وتشجيع الاستثمار في قطاع السيارات، وكلها مصممة من أجل منح المغرب ميزة تنافسية.

واستفادت هذه الخطط من بعض الحوافز المالية منها عدم وجود ضريبة على دخل الشركات لمدة خمس سنوات ثم فرض 15 في المئة بعد ذلك، وإعطائها إعفاء لمدة 15 عامًا من ضريبة المهنة والأعمال وإعفاء كاملا من ضريبة القيمة المضافة.

وحوّل هذا النهج المغرب إلى مركز رئيسي لتصنيع السيارات، وهو مركز جذب لكل من الشركات الفرنسية (رينو-نيسان وبيسا بيجو-سيتروين) والصينية (بي.واي.دي). تم التركيز بشكل كبير على الاندماج المحلي الذي تعززه مرافق التدريب، والالتزام الراسخ بخلق فرص عمل للمغاربة. وفي الفترة من 2014 إلى 2019، وفّر القطاع ما يقرب من 150 ألف وظيفة وهو في طريقه للوصول إلى هدف 160 ألف وظيفة ومليون سيارة يتم إنتاجها سنويًا بحلول عام 2025.

ويحتل المغرب المرتبة الثانية بالفعل في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا، ويساعد موقعه على توصيل السيارات إلى إسبانيا في يوم واحد وإلى بقية أوروبا في غضون يومين. ويرجع ذلك إلى ميناء طنجة المتوسط الواقع على مضيق جبل طارق، الذي تم بناؤه في عام 2007 وتم تحديثه في عام 2019. هذا الميناء قادر على التعامل مع 9 ملايين حاوية شحن سنويًا، مما يجعله ضمن أفضل عشرين ميناء في العالم.

بيتر رولينسون: لا نريد إنفاق مليار دولار الآن على مصنع لإنتاج 400 ألف وحدة
بيتر رولينسون: لا نريد إنفاق مليار دولار الآن على مصنع لإنتاج 400 ألف وحدة

وبرع المغرب في تطوير الصناعات المرتبطة بما في ذلك الأسلاك وتصنيع المعادن والبطاريات. وفي أواخر العام الماضي، كشفت المملكة النقاب عن أول محطة شحن للسيارات الكهربائية “آي سمارت”، وتخطط لإنشاء 5 آلاف محطة بحلول عام 2022. يتم تصنيع المحطات محلياً بنسبة 100 في المئة.

كما أشار موقع أخبار التنمية المستدامة “أفريك 21″، أنه تم تطوير محطة “آي سمارت” من قبل فنيين مغاربة مقيمين في “غرين إنرجي بارك”، وهي “منصة دولية للاختبار والبحث والتدريب أنشأها معهد أبحاث الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة بدعم من وزارة الطاقة والمعادن والمياه والبيئة المغربية ومكتب الشريفين للفوسفات”. وهذا دليل إضافي على وجود استراتيجية متكاملة وشاملة لقطاع السيارات بقيادة الحكومة، وهي استراتيجية تتجاوز بكثير النهج الذي اتبعه السعوديون حتى الآن.

وتم تحقيق كل هذا دون التضحية بالسيطرة الاقتصادية أو السيادة. وكمثال على ذلك، وقع المغاربة مذكرة تفاهم في أواخر عام 2017 مع شركة “بي.واي.دي” الصينية لبناء مصنع للمركبات الكهربائية في مدينة محمد السادس طنجة التقنية، وهو مشروع مشترك بين الصين والمغرب.

لكن المصنع والمدينة تعطلا عندما حاول الصينيون فرض سيطرتهم. وعلى حد تعبير سياسي مغربي رفيع المستوى، “كانت هناك خلافات حول ملكية المدينة من بين قضايا أخرى. شركاؤنا صينيون لكن هذا لا يعني أنّ المدينة ملك لهم”.

وبينما يقود المغرب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إنتاج السيارات، فإن مصر، التي كان لديها قطاع تصنيع سيارات (لم يكن ناجحًا للغاية) منذ عقود، أشارت الآن إلى نيتها في الانتقال إلى سوق السيارات الكهربائية. وكانت شركة النصر قد أعلنت في يناير عن عقدها صفقة مع شركة “دونغ فينغ” الصينية لإنتاج 25 ألف سيارة سنويًا. تشمل الصفقة تجديد مصنع النصر بحلوان، حيث سينتج 50 في المئة من مكونات السيارة.

وبالعودة إلى أميركا، يتحرك بيتر رولينسون من شركة لوسيد بحذر في هذه الصناعة بالرغم من سخاء السعودية معه. يظهر التساؤل لماذا، بعد تعهده بدفع مليار دولار أميركي في عام 2018، عاد ولي العهد السعودي بالمزيد من الأموال من صندوق الاستثمارات العامة؟ الإجابة هنا هي أنه نظرًا لأن رولينسون يبني بشكل منهجي القدرات في مصنعه في أريزونا على مدار العقد المقبل، ومع وجود منافسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن ولي العهد السعودي لا يزال يحمل وعدًا غامضًا بإنشاء مصنع للسيارات الكهربائية في وقت ما في المملكة.

'