تعيين السيد ذي يزن بن هيثم، الشاب الذي لا يتعدّى عمره الثلاثين عاما، وليا للعهد في سلطنة عمان، يكرّس توجّها آخذا في الانتشار بمنطقة الخليج ويتمثّل في صعود جيل شابّ إلى سدّة القيادة في بلدان تلك المنطقة التي يشكّل الشباب غالبية مجتمعاتها، وتشهد توجّها واضحا نحو التطوير والتحديث والتفتّح على العصر.
مسقط – انضمّت سلطنة عمان باستحداثها منصب وليّ للعهد، تولاّه أكبر أبناء السلطان هيثم بن طارق السيد ذي يزن بن هيثم، البالغ من العمر ثلاثين عاما، إلى مسار جديد سلكته بلدان الخليج خلال السنوات الأخيرة ويتمثّل في الدّفع بجيل من القيادات الشابّة إلى سدّة الحكم، في ظاهرة تلقى استحسانا لدى المجتمعات الخليجية التي يمثّل الشباب نسبة كبيرة من تركيبتها، وتتناسب تماما مع نزعة التحديث والتطوير والانفتاح على روح العصر السائدة في تلك البلدان.
وتترافق هذه الظاهرة، مع تسجيل صعود لافت في الصلاحيات التنفيذية الموكولة إلى أولياء العهود نتيجة توسع مهام الدولة وتشعّبها، مع تزايد طموح دول الخليج للإصلاح والتحديث والتقدّم، في نطاق مخططّات واضحة يجري ربطها بآجال زمنية محدّدة يمتد بعضها إلى عشريات قادمة.
وبعد أن حكم السلطان قابوس بن سعيد سلطنة عمان حتى وفاته العام الماضي، قرّر خليفته السلطان هيثم بن طارق تعيين نجله السيد ذي يزن بن هيثم وليا للعهد في خطوة غير مسبوقة جاءت في وقت يتصاعد فيه نجم جيل جديد من الأمراء الشبان في منطقة الخليج.
وتترافق عمليات توارث الحكم في الدول التي يحكمها ملوك وأمراء، مع تغييرات اقتصادية واجتماعية ودبلوماسية.
وتقول إيلينا ديلوجر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لوكالة فرانس برس إنّ “وجود شبان في مناصب قيادية يعطي إمكانية أن تنعكس رغبات الشباب في سياسات” البلدان.
ويبلغ السيد ذي يزن أكبر أبناء السلطان هيثم من العمر ثلاثين عاما، ويشغل حاليا منصب وزير الثقافة والرياضة والشباب، وهو أول ولي عهد لعُمان في التاريخ الحديث، ما يعطي آلية واضحة ومحددة لانتقال الحكم.
وتولى السلطان هيثم الحكم في يناير 2020 إثر وفاة السلطان قابوس. وأصدر السلطان الجديد مراسيم تقضي بإجراء تغييرات عدة منذ توليه السلطة.
ورحّب العديد من العمانيين خصوصا من الشباب بتعيين ولي العهد، وقدموا التهنئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتشير ديلوجر إلى أنّ لدى العمانيين ثقة في أنّه سيكون لدى ولي العهد “الكثير من الوقت لإتقان ممارسة مهامه خصوصا أن والده ما زال في الستينات من العمر”.
وقاد السلطان قابوس خلال حكمه مسار تحديث السلطنة الخليجية وحماها من النزاعات الإقليمية، متّبعا سياسة خارجية محايدة. وخلفه السلطان هيثم الذي اختير في اجتماع لمجلس العائلة بعد فتح رسالة من السلطان الراحل يعلن فيها خياره لخلافته.
وبينما أدخل السلطان الجديد عددا من التغييرات منذ توليه السلطة، تعهد بمواصلة نهج سلفه في حياد السلطنة وعدم تدخلها في النزاعات.
وولد السيد ذي يزن بن هيثم في مسقط وتلقى تعليمه في جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة، وانضم إلى وزارة الخارجية في عام 2013، وعمل في سفارة بلاده في لندن. ثمّ عاد إلى السلطنة في أغسطس 2020 للانضمام إلى الحكومة بطلب من والده.
ويقول الأستاذ المساعد في التاريخ في جامعة الكويت بدر السيف إن السيد ذي يزن معروف بحديثه الهادئ، مثل والده، ويتقن الإنجليزية.
وكتب على تويتر “عبر اختياره نجله الأكبر السيد ذي يزن وليا للعهد، انحاز السلطان هيثم إلى غالبية شعبه”، مشيرا إلى أنّ “الشباب يمثلون ما يقارب نصف العمانيين”.
وأصبح السيد ذي يزن وليا للعهد بموجب التعديلات التي أعلن في 12 يناير عن إدخالها على النظام الأساسي للحكم ونصّت على أن ولاية الحكم تنتقل “من السلطان إلى أكبر أبنائه سنا”.
وأكد السفير الأميركي السابق في السلطنة مارك سيفرز في تدوينة أن “الخلافة في عمان ستصبح أمرا متوقّعا وستصبح حالة عدم اليقين التي قد تقود إلى الاضطرابات أمرا أقل احتمالا”.
وفي نموذج آخر عن تقدّم جيل شابّ في سلّم القيادة ببلدان الخليج، تمّ سنة 2017 تعيين الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما، وليا للعهد في السعودية ليشرع في إنجاز إصلاحات اجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية عميقة، جعلته يحظى بشعبية لدى شريحة كبيرة من الشباب في المملكة المحافظة.
وكانت السعودية وجارتها الخليجية قطر على خلاف دبلوماسي وقطيعة استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة، وانتهت مؤخّرا بعد استقبال الأمير محمّد بن سلمان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مدينة العلا السعودية خلال قمة لمجلس التعاون الخليجي وعناقهما.
وكان الشيخ تميم يبلغ من العمر 33 عاما عند توليه السلطة في 2013.