سلطنة عُمان تراجع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إيران – مصدر24

سلطنة عُمان تراجع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إيران

سلطنة عُمان تراجع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إيران

رجح محللون أن تبدأ عمان مراجعة علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إيران رغم عقدها لقاء تجاريا بين البلدين هذا الأسبوع. ويرى البعض أن اللقاء يمكن أن يكون بروتوكوليا، في ظل مخاطر انتهاك العقوبات الأميركية وحساسية العلاقة مع جيرانها الخليجيين.

لندن – يتطلع المراقبون إلى رصد مؤشرات جديدة في العلاقات العمانية الإيرانية، بعد احتضان مسقط هذا الأسبوع اللقاء التجاري العماني الإيراني، الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة عُمان.

وتشير بيانات المؤتمر إلى مشاركة 31 من كبار رجال الأعمال الإيرانيين، الذين يمثلون عددا من القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والطاقة والصناعة والمقاولات والإنشاءات ومواد البناء وقطاع الخدمات.

كما شارك عدد من المسؤولين ورجال الأعمال العمانيين في اللقاء، الذي عقد بالتعاون مع غرفة التجارة العمانية الإيرانية وغرفة تجارة كيرمان
الإيرانية.

وقال عضو مجلس إدارة غرفة التجارة العمانية الإيرانية سيد علوي إن سلطنة عمان تعد واحدا من أفضل بلدان منطقة الخليج من حيث مناخ الاستثمار، ولذلك تسعى إلى إيجاد شراكات وفرص تعاون تجاري واستثماري بها بما فيها إيران.

سيد علوي: نسعى إلى إيجاد فرص تعاون تجاري واستثماري مع إيران

وترتبط مسقط بعلاقات وثيقة مع طهران، لكن مراقبين يرجحون أن تراجع علاقتها معها في ظل تطورات جديدة في علاقاتها مع أكبر شركائها التجاريين في دول مجلس التعاون الخليجي، المناوئ للسياسة الإيرانية بسبب تدخلها في شؤون دول المنطقة.

ويرى محللون علاقات مسقط التجارية والاستثمارية مع طهران يمكن أن تنعكس على علاقاتها بأكبر الاقتصادات الخليجية وخاصة السعودية، إضافة إلى المغامرة بانتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.

وكانت هناك فجوة بين دول مجلس التعاون الخليجي وعُمان بشأن طريقة التعامل مع إيران، فبينما اتخذت السعودية والبحرين والإمارات والكويت موقفا واضحا تجاه التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، تركت مسقط النافذة مفتوحة تجاه طهران.

وبحكم الموقع الجغرافي للبلدين على جانبي مضيق هرمز، فإن العلاقات العمانية الإيرانية اتسمت بالتقارب منذ زمن بعيد، لكن الإجماع الدولي على عزل إيران بسبب دورها في صراعات المنطقة، أصبح يثير تساؤلات بشأن موقف مسقط.

وتعاني سلطنة عمان من متاعب اقتصادية بسبب تراجع عائداتها من صادرات الطاقة واختلال التوازنات المالية في وقت تسير فيه خطوات الاصلاحات الاقتصادية ببطء شديد.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى علوي تأكيده خلال اللقاء الذي احتضنته العاصمة العمانية على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، أن بلاده يمكن أن تُتخذ كنقطة عبور للمنتجات الإيرانية للوصول إلى العديد من الأسواق الخليجية والأفريقية والأوروبية، وحتى الأميركية.

وحافظت السلطات العمانية على علاقاتها مع إيران رغم الاستقطاب الشديد في المنطقة. وهناك خطوط ربط كثيرة بين البلدين سواء عن طريق رحلات الطيران المباشرة مع مدن إيرانية مثل طهران وشيراز وقشم وكيش ومشهد، أو عن طريق الموانئ البحرية مثل بندر عباس وشاهبهار وخوران شاه والأحواز وغيرها.

وتقول شركة المنصوري للتجارة والعاملة في مجال تصدير الزعفران والفستق من إيران إلى ألمانيا، إن ما يميز عُمان هو موقعها الجغرافي المتوسط للعالم على خليج عُمان والذي يجعلها عند ملتقى خطوط الملاحة العالمية.

وشهدت الفترة الماضية توجه الكثير من رجال الأعمال الإيرانيين بجزء من استثماراتهم وتجارتهم إلى سلطنة عمان، كما أن هناك كثيرين آخرين ينتظرون لحظة الحصول على الفرصة الملائمة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة بهارستان ريان، محسن ترك زادة إنه شخصيا فعل ذلك ونقل جزءا من استثماراته وأعماله قبل نحو عامين إلى سلطنة عمان.

وتعمل تلك الشركة في مجال الإلكترونيات وتنتج تحديدا الشاشات الذكية بأحجامها المختلفة وبتقنية وتطبيقات إيرانية خالصة تعمل في عُمان تحت اسم شركة إنتاج مسقط كشركة مساهمة محدودة.

وقالت الأمينة العامة لغرفة التجارة العمانية الإيرانية أريزو نظري إنه نظرا للإقبال الكبير من رجال الأعمال الإيرانيين على التعاون التجاري والاستثمار في عُمان «فإننا كغرفة تجارة مشتركة نحرص على تبادل الوفود وعقد لقاءات بين رجال أعمال البلدين».

وقالت إن «سلطنة عمان دولة لها سياستها الواضحة وتحظى بالأمن والأمان والسلام والاستقرار وكلها عوامل جذب للاستثمارات ولرجال الأعمال».

وأضافت أن عمان «يمكن أن تكون محطة للوصول إلى كثير من الأسواق في المنطقة، فهناك كثير من رجال الأعمال الإيرانيين يسعون للتعاون والشراكة مع رجال أعمال عمانيين».

ووفق السفارة الإيرانية لدى مسقط فإن عدد الجالية الإيرانية في السلطنة قد تزايد خلال الأعوام القليلة الماضية عدة أضعاف وأنه وصل بنهاية العام الماضي إلى أكثر من خمسة آلاف شخص.

ويحذر محللون من أن طهران تسعى لإبعاد مسقط عن عمقها الخليجي، وليس استغلال دورها كوسيط لإصلاح العلاقة المتوترة مع دول الخليج.

تقارب تجاري مع إيران
تقارب تجاري مع إيران

ورغم العلاقات الودية الظاهرية وما تبديه المواقف وتصريحات المسؤولين الإيرانيين من حرص على تقوية الأواصر مع سلطنة عمان، إلا أنه أصبح ينظر إلى هذه العلاقة كمصلحة لطهران لاستغلال حياد مسقط في تخفيف عزلتها الدولية.

وقد انعكس ذلك على العلاقات الاقتصادية بشكل كبير، حيث هناك العشرات من الشواهد على التطور المضطرد لعلاقات البلدين على مدى العقود الخمسة الماضية.

ويقول اقتصاديون إن إيران تعمل منذ قيام الثورة قبل 41 عاما على إثارة مخاوف المسؤولين العمانيين من السعودية على وجه التحديد وتصويرها على أنها عدوة لهم بهدف تسهيل إبرام العلاقات الاقتصادية معهم.

وأبرمت طهران بعد الاتفاق النووي في يوليو 2015 اتفاقيات مع مسقط لاستغلال كافة الموانئ العمانية وحولتها إلى مراكز للشركات الإيرانية حتى يسهل تصدير منتجاتها إلى الأسواق الآسيوية والعربية.

وأبرمت سلطنة عمان خلال العقود الماضية العديد من الشراكات المحفزة للتجارة والاستثمار ولاسيما تلك المتعلقة بالإعفاء الضريبي الكامل مع 16 دولة منها إيران.

وتشير بيانات غرفة تجارة وصناعة عُمان إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين واصل النمو حتى بعد فرض العقوبات الأميركية على إيران.

وتظهر أن التبادل التجاري بلغ في الربع الأول من العام الماضي ما يقارب 116 مليون ريال (301.7 مليون دولار)مقارنة مع 388 مليون ريال (أكثر من مليار دولار) خلال كامل 2018.

وتظهر عدة دراسات وخاصة التقارير الدورية الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن سلطنة عُمان تأتي في المركز العاشر بين البلدان التي تستورد المنتجات الإيرانية.

ولا تقتصر الشراكات على الجوانب التجارية والاستثمارية فقط، بل تصل إلى التعاملات المالية أيضا، فسلطنة عمان تعتبر من الدول القلائل، التي لا تكترث لمسألة العقوبات الاقتصادية، التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

وسبق أن أخرجت مسقط المصارف الإيرانية من عزلتها إثر توقيع البنك المركزي العماني مذكرة تفاهم في مارس 2017 مع نظيره الإيراني لتعزيز التعاون المالي والاقتصادي بين البلدين.

ولم يكشف المركزي العماني حينها تفاصيل ذلك التعاون، ولكنه ذكر في بيان أن «الاتفاق سيعزز التجارة الثنائية ويشمل تدريب العاملين في البنك المركزي الإيراني».

وتحجم معظم البنوك المركزية حول العالم فضلا عن المصارف العالمية الكبرى عن التعامل مع إيران خشية تهديدات أميركية بأخذ إجراءات قانونية ضدها في حال خرق العقوبات.

وفي عام 2016 وافق صندوق الثروة السيادي العُماني على دراسة مقترح لبناء مصنع سيارات في عُمان باستثمارات إيرانية.

وتأثرت عُمان من تراجع التجارة البينية مع إيران بعد أن تم رفع العقوبات الدولية عن طهران بعد إبرام الاتفاق النووي.

وكانت إيران قد أعلنت منذ خمس سنوات عن رغبتها في استعادة مليارات الدولارات من سلطنة عمان لكن مسقط تمكنت حتى الآن من الاحتفاظ بتلك الأموال الإيرانية.

'