سوء إدارة ترامب للسجلات يحدث فجوة في التاريخ الأميركي – مصدر24

سوء إدارة ترامب للسجلات يحدث فجوة في التاريخ الأميركي

لن يرى الأميركيون سجلات البيت الأبيض للرئيس دونالد ترامب لعدة سنوات، وفق ما يخوله له القانون، ولكنّ هناك قلقا متزايدا من أن مجموعة الوثائق والمراسلات الرسمية لن تكتمل بسبب سوء إدارته، ما يترك فجوة في تاريخ واحدة من أكثر الرئاسات اضطرابا، لكون ترامب لم يهتم بتوثيقها إلى درجة أنه مزق الكثير منها متعمدا أو عن غير قصد.

واشنطن – عندما خسر دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي، كان موظفو السجلّات في وضع يسمح لهم بنقل الإلكترونية منها وتعبئة الورقية وحفظها في الأرشيف الوطني بحلول الأربعاء المقبل موعد تسلم الرئيس المنتخب جو بايدن السلطة، وفقا لما يقتضيه القانون.

لكن إحجام ترامب عن التنازل والاعتراف بالهزيمة يعني أنهم سيتجاوزون الموعد النهائي لأن ترامب لم يسلمهم كل الوثائق لحفظها في الأرشيف الوطني للجمهورية، وليس ذلك فحسب فقد يقف الأميركيون بعد سنوات من الآن على وجود فجوة في السجلات الرسمية للرئيس الخامس والأربعين ما يضع تاريخ الولايات المتحدة على المحك.

ريتشارد إمرمان: المؤرخون سيعانون من ثقوب أكثر مما كانت عليه في العادة

ويؤكد سولومون لارتي، محلل سجلات سابق في البيت الأبيض أن “ترامب كان متعجرفا بشأن القانون الذي يطالب بحفظ السجلات ولديه عادة تمزيق المستندات قبل التخلص منها، ما يجبر العاملين في البيت الأبيض على قضاء ساعات في تسجيلها معا، ولقد قالوا له أن يتوقف عن فعل ذلك إلا أنه لم يكن يريد التوقف”.

وخلال السنوات الأربع الماضية كان ترامب مثيرا للجدل في هذه النقطة فعلى سبيل المثال صادر مذكرات أحد المترجمين بعد أن أجرى محادثة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما وبخ ترامب محاميه في البيت الأبيض لتدوين ملاحظات في اجتماع خلال التحقيق الروسي مع المستشار الخاص السابق روبرت مولر.

وكان لا بدّ من تذكير كبار مسؤولي الفرع التنفيذي في إدارة ترامب أكثر من مرة بعدم إجراء أعمال رسمية على البريد الإلكتروني الخاص أو أنظمة الرسائل النصية والحفاظ عليها إذا فعلوا ذلك.

والآن، فإن ادعاء ترامب الذي لا أساس له بشأن تزوير الناخبين على نطاق واسع، والذي أرجأ لأسابيع الاعتراف بفوز بايدن، يؤخر نقل الوثائق إلى إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية، ما يزيد من القلق بشأن سلامة السجلات.

ويرجح ريتشارد إمرمان من جمعية مؤرخي العلاقات الخارجية الأميركية أن يعاني المؤرخون من ثقوب أكثر بكثير مما كانت عليه العادة، ويقول إن البيت الأبيض في عهد ترامب لم يكن الاحتفاظ بالسجلات له أولوية فحسب، ولكن “لدينا أمثلة عديدة على أنه يسعى إلى إخفاء هذا السجل أو تدميره”.

وقد يؤدي عدم وجود سجل كامل إلى إعاقة أي تحقيقات جارية مع ترامب، منذ محاكمته وغيرها من التحقيقات الفيدرالية المحتملة وصولا إلى التحقيقات في ولاية نيويورك. ولكن حتى مع طلبات المشرعين والدعاوى القضائية من قبل مجموعات الشفافية الحكومية، هناك إقرار بأن عدم الامتثال لقانون السجلات الرئاسية له عواقب قليلة على الرئيس المتخلي.

وعند رفض دعوى واحدة في العام الماضي، كتب قاضي الدائرة الأميركية ديفيد تاتيل أن المحاكم لا يمكنها “إدارة الامتثال اليومي للرئيس”. وينص قانون السجلات الرئاسية على أنه لا يجوز للرئيس إتلاف السجلات حتى يطلب مشورة أمين الأرشيف الوطني ويخطر الكونغرس، لكن القانون لا يلزم الرئيس بأن يلتزم بنصيحة أمين المحفوظات، ولا يمنعه من المضي قدما في تدمير السجلات.

ومعظم السجلات الرئاسية اليوم إلكترونية رغم أن مهمة نقل سجل الرئيس من الورقي والإلكتروني شاقة، ويقدر خبراء السجلات أن أنظمة الكمبيوتر الاحتياطية التلقائية تلتقط الغالبية العظمى من السجلات، لكن لا يمكنها التقاط السجلات التي يختارها البيت الأبيض بسبب عدم إنشاء هذه الأنظمة أو تسجيل الدخول إليها.

وسجلات الرؤساء السابقين مهمة لأنها يمكن أن تساعد الرئيس الحالي في صياغة سياسات جديدة ومنع تكرار الأخطاء. ويقول لي وايت، مدير التحالف الوطني للتاريخ إن “السجلات الرئاسية تحكي قصة أمتنا من منظور فريد وهي ضرورية للإدارة القادمة في اتخاذ قرارات مستنيرة، وهما أمران مهمان بنفس القدر للمؤرخين”.

Thumbnail

وترك الرئيس السابق باراك أوباما حوالي 30 مليون صفحة من الوثائق الورقية وحوالي 250 تيرابايت من السجلات الإلكترونية، بما في ذلك ما يعادل 1.5 مليار صفحة من رسائل البريد الإلكتروني.

ويمكن لإدارة بايدن أن تطلب رؤية سجلات ترامب على الفور، لكن القانون ينص على أنه يجب على الجمهور الانتظار خمس سنوات قبل تقديم طلبات قانون حرية المعلومات. وحتى ذلك الحين، فإن ترامب – مثل الرؤساء الآخرين من قبله – يطالب بقيود محددة للوصول العام إلى سجلاته لمدة تصل إلى 12 عاما.

وتشمل تلك القيود ستة أشياء من أهمها مسألة الأمن القومي والمعلومات التجارية السرية والاتصالات السرية بين الرئيس ومستشاريه أو بين مستشاريه والمعلومات الشخصية.

وذكرت مصادر مطلعة إن إدارة ترامب تخشى على ما يبدو من شأن بعض التسريبات، فمثلا ممارسات حفظ السجلات حول محاكمة ترامب الأولى بشأن تعامله مع روسيا وفي قضايا حساسة أخرى، فقد تم تجاوز بعض ممارسات سير العمل العادية.

وتعرض ترامب لانتقادات بسبب مصادرة ملاحظات مترجم كان معه في عام 2017 عندما تحدث الرئيس مع بوتين في هامبورغ بألمانيا وحاول المشرعون دون جدوى الحصول على ملاحظات مترجم آخر كان مع ترامب في عام 2018 عندما التقى بوتين في هلسنكي بفنلندا.

وقال توم بلانتون، الذي يدير أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن، التي تأسست عام 1985 لمكافحة السرية الحكومية في تصريحات لوكالة أسشويتد برس “إنه سؤال مفتوح بالنسبة إليّ حول مدى جدية أي من هؤلاء الأشخاص أو عن ضميرهم تجاه نقلهم”.

ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك إذ يرون أنه لا ينبغي على الجمهور الأميركي الانتظار حتى يترك ترامب منصبه لمعرفة المشكلات المتعلقة بممارسات حفظ السجلات الخاصة بهذا الرئيس.

'