شركات التكرير الهندية تخفض مشتريات النفط السعودي – مصدر24

شركات التكرير الهندية تخفض مشتريات النفط السعودي

نيودلهي – انطلقت شركات التكرير الهندية في خفض اعتمادها على النفط السعودي بعد صعود أسعار الطاقة واستمرار خفض الإنتاج بما لا يناسب حاجة السوق الهندية، ما دفع إلى توجيه الشركات للبحث عن مصادر بديلة للطاقة وتنويع مشترياتها من البرازيل وغيانا والنرويج.

وقالت ثلاثة مصادر إن مشتريات شركات التكرير الهندية المملوكة للدولة من النفط السعودي ستنخفض بنسبة 36 في المئة في مايو عن المعدلات العادية، في علامة على تصاعد التوتر مع الرياض حتى بعد أن دعمت المملكة فكرة زيادة الإنتاج من أوبك ومنتجين متحالفين مع المنظمة الأسبوع الماضي.

واحتقنت علاقات الطاقة بين الهند، ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، والسعودية مع صعود أسعار النفط العالمية.

وتلقي نيودلهي باللوم على تخفيضات في الإنتاج من السعودية ومنتجين آخرين للنفط في دفع أسعار الخام إلى الصعود بينما يحاول اقتصادها التعافي من جائحة كوفيد – 19.

وقالت المصادر إن شركات التكرير الهندية المملوكة للدولة قدمت طلبيات لشراء 9.5 مليون برميل من النفط السعودي في مايو، مقارنة مع المستوى المخطط سابقا والبالغ 10.8 مليون برميل.

وتشتري شركات التكرير، مؤسسة النفط الهندية وبهارات بتروليوم وهندوستان بتروليوم ومنجالور للتكرير والبتروكيماويات، في العادة 14.8 مليون برميل من النفط السعودي شهريا.

وأضافت المصادر الثلاثة أن قرار خفض المشتريات اتخذ يوم الاثنين في غضون يومين من محادثة هاتفية بين وزير النفط الهندي دارمندرا برادان ونظيره السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

ولم يُكشف عن محتويات المحادثة بين الوزيرين.

ولم ترد الشركات الهندية على طلبات من رويترز للتعليق. وامتنعت أرامكو السعودية عن التعقيب.

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، في ما يعرف بمجموعة أوبك+، يوم الخميس على تخفيف تدريجي لتخفيضات إنتاج النفط بدءا من مايو بعد أن دعت الإدارة الأميركية الجديدة السعودية، الزعيم الفعلي لأوبك، إلى الإبقاء على أسعار الطاقة في مقدور المستهلكين.

36 في المئة نسبة انخفاض مشتريات شركات التكرير الهندية من النفط السعودي في مايو المقبل

ورفعت أرامكو السعودية يوم الأحد سعر البيع الرسمي لشحناتها من الخام إلى آسيا بينما خفضت سعر الشحنات إلى الأسواق الأوروبية والأميركية.

وقال أحد المصادر الثلاثة “نحن فوجئنا عندما أعلنوا عن تخفيضات للأسواق الأخرى بينما أعلنوا عن زيادة سعر البيع الرسمي لآسيا”.

واقترحت الهند على شركات التكرير البحث عن مصادر طاقة بديلة للنفط الخليجي، وهو مصدرها الرئيسي للخام.

وتصاعد التوتر بين نيودلهي والرياض بعد أن نصح الأمير عبدالعزيز الشهر الماضي الهند بأن تستخدم مخزوناتها من الخام التي اشترتها بتكلفة رخيصة أثناء هبوط الأسعار في 2020. ووصف برادان رد الوزير السعودي بأنه “غير دبلوماسي”.

ولتهدئة الخلاف قال الأمير عبدالعزيز الأسبوع الماضي إن أرامكو أبقت على مستويات معتادة لإمدادات النفط لشهر أبريل إلى شركات التكرير الهندية بينما خفضت الأحجام إلى مشترين آخرين، وسلّم بأن القيود الإنتاجية الطوعية وضعت “أرامكو في موقف صعب بعض الشيء مع بعض شركائها”.

وقال أيضا إن السعودية ستخفف تدريجيا تخفيضاتها الطوعية على مراحل بحلول يوليو.

ومن ناحية أخرى بدأت شركات التكرير الهندية المملوكة للدولة تنويع مشترياتها من النفط لتشمل خامات من البرازيل وغيانا والنرويج.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية أريندام باجتشي الأسبوع الماضي “نعتقد دوما أن إمدادات الخام يجب أن تحددها السوق لا أن تُدار بشكل مصطنع”.

وأضاف أنه بالرغم من أن أوبك+ أعلنت عن تخفيف طفيف لتخفيضات إنتاج النفط إلا أنها مازالت أقل كثيرا من توقعات الهند.

وذكرت تقارير وبيانات في وقت سابق أن تخفيضات أوبك + خلقت حالة من الضبابية وصعبت على شركات التكرير التخطيط للمشتريات ومخاطر السعر.

كما أنها خلقت فرصا أيضا لسد الفجوة من جانب شركات في الأميركتين وأفريقيا وروسيا.

ويرى محللون أنه إذا نجحت الهند فسوف تكون قدوة لبقية الدول؛ إذ أنه في الوقت الذي يرى فيه المشترون المزيد من الخيارات بأسعار في المتناول وتصبح الطاقة المتجددة أكثر شيوعا، فإن نفوذ المنتجين الكبار مثل السعودية قد يعتريه الضعف مما يغير الأوضاع الجيوسياسية ومسارات التجارة.

وزاد الطلب على النفط في الهند بـ25 في المئة في الأعوام السبعة الماضية، وهو ما يتجاوز طلب بقية المشترين الكبار. وتخطى البلد اليابان كثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم.

Thumbnail

وخفضت الهند بالفعل اعتمادها على الشرق الأوسط من أكثر من 64 في المئة من الواردات في 2016 إلى أقل من 60 في المئة في 2019.

لكن هذا الوضع تغير في 2020 عندما قوضت جائحة كوفيد – 19 الطلب على الوقود وأجبرت شركات التكرير الهندية على الالتزام بمشتريات نفط من الشرق الأوسط بموجب عقود محددة المدة واستبعاد المشتريات الفورية.

ومنذ بدء الخلاف مع السعودية عقد برادان اجتماعات مع وزير الدولة الإماراتي والرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) سلطان أحمد الجابر ووزيرة الطاقة الأميركية جنيفر غرانهولم لتعزيز شراكات الطاقة.

وقال برادان في الآونة الأخيرة إن البلدان الأفريقية قد تلعب دورا محوريا في تنويع أسواق النفط في الهند. ويتطلع البلد إلى توقيع اتفاق توريد نفط طويل الأمد مع غيانا، فضلا عن دراسة خيارات لزيادة الواردات من روسيا، حسب ما ذكره مصدر في وزارة النفط.

وقال مصدر منفصل في الحكومة الهندية إن الحكومة تتوقع تخفيف العقوبات المفروضة على إيران في الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة، مما يوفر بديلا محتملا أرخص ثمنا من النفط السعودي.

والسعودية رابع أكبر شريك تجاري للهند، وتستورد منها المنتجات والأغذية. وتدرس أرامكو شراء حصة 20 في المئة من أنشطة النفط والكيميائيات التابعة لريلاينس إندستريز. كما أنها جزء من مشروع مشترك لبناء مصفاة بطاقة 1.2 مليون برميل يوميا في الهند.

لكن أميتيندو باليت الباحث لدى الجامعة الوطنية في سنغافورة قال إنه سيكون من الصعب على السعودية العثور على مشتر بديل مستقر إذا واصلت الهند خفض المشتريات لفترة طويلة.

وقال باليت “هذه العلاقة الثنائية لا يجب أن تتأثر بسبب أي قرارات تخص سلعة أولية واحدة. لكن في ظل الفائض العالمي يكون لدى المشترين في السوق قدر كبير من قوة التفاوض والمصادر”.

'