صراع القوى داخل إيران يؤجل مصير الاتفاق النووي – مصدر24

صراع القوى داخل إيران يؤجل مصير الاتفاق النووي

تسعى الولايات المتحدة إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران عبر تخفيف العقوبات تدريجيا دون المس من جوهرها حتى التأكد من امتثال طهران للمخاوف الدولية، إلا أن مراقبين يقولون إن فرص إحراز تقدم في العودة إلى الاتفاق قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية المقررة في يونيو تتضاءل.

طهران – رفضت إيران الثلاثاء عرضا أميركيا غير رسمي لاستئناف المحادثات بشأن الاتفاق النووي، في خطوة وصفها مراقبون بالتصعيد التكتيكي الذي يرتبط جزء منه بالحسابات الانتخابية الداخلية، إذ يؤكد هؤلاء أن طهران ستقبل في نهاية المطاف بالشروط الأميركية لإحياء الاتفاق مهما كان الفائز بها.

ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن مسؤول لم يذكر اسمه قوله الثلاثاء، ردا على تقرير إعلامي أميركي يفيد بأن واشنطن ستقدم اقتراحا جديدا لبدء المحادثات بشأن الاتفاق النووي، “إن إيران لن توقف تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المئة قبل أن ترفع الولايات المتحدة جميع العقوبات”.

وتسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إشراك إيران في محادثات بهدف استئناف الجانبين الامتثال للاتفاق الذي تم بموجبه رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي لجعل تطوير سلاح نووي أكثر صعوبة.

ونقلت قناة برس.تي.في التلفزيونية على موقعها على الإنترنت عن مسؤول إيراني كبير قوله “طهران لن توقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة إلا إذا رفعت الولايات المتحدة جميع عقوباتها على إيران أولا”.

وأضاف “ستخفض طهران بشكل أكبر التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 إذا لم ترفع الولايات المتحدة جميع العقوبات”، محذرا من أن الوقت ينفد بسرعة.

ومن ناحية أخرى، كتبت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة على تويتر تقول “ليس المطلوب من الولايات المتحدة تقديم مقترحات بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، المطلوب منها فقط هو قرار سياسي بتنفيذ كامل وفوري لجميع التزاماتها بموجب الاتفاق”.

مؤيدو الاتفاق النووي يحضون بايدن على الإسراع حتى لا يضطر بعد الانتخابات إلى التعاطي مع قيادة جديدة أكثر عدائية

وكان موقع بوليتيكو الإخباري الأميركي قد أفاد في وقت سابق بأن اقتراحا أميركيا، ما زال يجري العمل على تفاصيله، سيطلب من إيران وقف بعض أنشطتها النووية، مثل العمل على أجهزة طرد مركزي متطورة وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المئة، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الأميركية.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد انسحب من الاتفاق النووي في 2018 وأعاد فرض العقوبات على إيران.

وردت إيران، بعد انتظار لأكثر من عام، بخرق شروط الاتفاق ومنها تقييد تخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.67 في المئة.

ويقول مسؤولون إن فرص إحراز تقدم في العودة إلى الاتفاق قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية المقررة في يونيو، تتضاءل منذ أن اختارت إيران اتباع نهج أكثر تشددا قبل العودة للمحادثات.

وأبدت إدارة بايدن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، مشترطة بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.

لكن الرئيس الديمقراطي محاصر بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه. فالمؤيدون يحضّونه على الإسراع حتى لا يضطر بعد الانتخابات إلى التعاطي مع قيادة جديدة أكثر عداء للحوار مع واشنطن، فيما يدعوه المعارضون لعدم تقديم أي تنازل قبل قيام طهران بخطوات فعلية.

وفي رسالة وجهت إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، طالب سبعون نائبا جمهوريا وسبعون نائبا ديمقراطيا إدارة بايدن بالتفاوض على اتفاق أوسع نطاقا وأكثر صرامة مع إيران. غير أن بايدن يقول إنه يريد العودة أولا إلى اتفاق 2015، واعتماده نقطة انطلاق للتفاوض على التزامات “أقوى وأكثر استدامة”.

Thumbnail

ويقول الموفد الأميركي للتفاوض مع إيران روب مالي “نعتقد أن مفاوضات مباشرة أكثر فعالية وتسمح بتفادي سوء التفاهم، لكن الجوهر أهم من الشكل بنظرنا”، ملمحا إلى أن مفاوضات غير مباشرة بوساطة أوروبية ربما، قد تسمح في نهاية المطاف ببدء المفاوضات.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وتراجع شعبية التيار الإصلاحي بسبب العقوبات الأميركية أساسا، يبدو الملف النووي عنصرا مؤثرا في تدارك الإصلاحيين هزيمة الانتخابات التشريعية العام الماضي أمام المحافظين.

ويراهن الإصلاحيون في إيران على انفتاح بايدن لحسم الخلاف النووي مع الولايات المتحدة قبل انتخابات الرئاسة، لكن في ظل التجاذب بين طهران وواشنطن تبدو العقوبات الأميركية ومسألة رفعها من عدمه، مؤثرة في المسار الانتخابي.

ويسعى المحافظون إلى قطع الطريق على أي مفاوضات قد يدخل فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني مع بايدن، وذلك بهدف التقليل من فرص فوز القوى الإصلاحية المعتدلة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

وغالبا ما يتهم المحافظون الإصلاحيين بعدم الفعالية ولاسيما في مواجهة أزمة اقتصادية سببها الأساسي العقوبات الأميركية، في حين تعتبر الحكومة الإصلاحية أن أعضاء البرلمان يقومون بكل ما في وسعهم لعرقلة جهودها الدبلوماسية.

ويريد المحافظون أيضا إلغاء العقوبات، لكن في آن واحد يرغبون في عرض فترة حكم روحاني لثماني سنوات بأنها “وقت ضائع”.

'