صفقة “بازفيد” و”هافبوست” محاولة لإطلاق منصات تتناسب مع عالم اليوم – مصدر24

صفقة “بازفيد” و”هافبوست” محاولة لإطلاق منصات تتناسب مع عالم اليوم

شهد موقعا “بازفيد” و”هافبوست” العملاقان أوضاعا صعبة واضطرا للاستغناء عن عدة نسخ في مختلف أنحاء العالم، ويعولان اليوم على الشراكة في منصة تواكب العصر الحالي بحيث تجذب جمهورا متعدد الاتجاهات لجذب إيرادات إعلانية أكبر، وهو الاتجاه الذي يشكل جوهر عمل المؤسسات الإعلامية التقليدية الكبرى بالإضافة إلى التطور التقني لمواجهة المنافسة الشرسة في القطاع سواء في الشرق أو الغرب.

واشنطن –  استحوذ موقع “بازفيد” الإخباري على منافسه “هافبوست”، في مسعى لتكوين مؤسسة إعلامية قوية تجمع جمهورا متعدد الاتجاهات، للتغلب على الصعوبات التي واجهت المنصتين في السنوات الأخيرة وازدادت أكثر مع تداعيات وباء كوفيد – 19.

ووفقا لبيان صادر عن الشركتين، بموجب هذه الصفقة، يستحوذ “بازفيد” على “هافبوست” من الشركة الأم “فيرايزن ميديا” ويمكنه استخدام محتويات المنصات الأخرى التابعة لها بما فيها “ياهو”.

ويتضمن اتفاق الشراكة مشاركة إيرادات الإعلان ومشاركة المحتوى، وتعولان عليها لخلق فرص جديدة للإيرادات.

وتعتبر الصفقة عودة لجونا بيريتي، الذي كان أحد مؤسسي ما كان آنذاك هافينغتون بوست مع أريانا هافينغتون والذي أصبح في ما بعد المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بازفيد، والآن سيدير ​​الشركة المدمجة.

ويخطط الموقعان اللذان يعتبران من عمالقة مواقع الإنترنت لتوحيد قواهما للمنافسة بشكل أفضل في مجال مزدحم بشكل متزايد، بعد وقوعهما فريسة للأزمات الاقتصادية نفسها التي ابتليت بها الصحف والمجلات.

وقال بيريتي في مقابلة الخميس، إن “بازفيد وهافبوست يجذبان قراء مختلفين، لذلك يجب أن يكمل كل منهما الآخر كجزء من نفس الشركة”. وأضاف بيريتي إن “مع إضافة هافبوست، سيكون لشبكة الوسائط الخاصة بنا عدد أكبر من المستخدمين، حيث يقضون وقتا أطول بكثير مع المحتوى الخاص بنا مقارنة بأي من أقراننا”.

ومن شأن هذه الخطوة تعزيز قطاع المعلومات المجانية عبر الإنترنت، حيث كان من ضمن الخيارات التي يبحثها بازفيد التوجه نحو المحتوى غير المجاني أسوة بالمؤسسات الإعلامية الراسخة، إلا أن المحتوى الذي يقدمه الموقع والموجه خصوصا لجمهور الشباب أضعف من أن يصمد في مواجهة المنصات ذات المحتوى الجاد وبالتالي من الصعب المراهنة على هذا النموذج الاقتصادي.

وصنع بازفيد اسمه لإنشاء محتوى مثل قوائم ومسابقات، والتي اجتذبت جماهير الشباب. كما جلبت مراسلين لموقعها الإخباري. واعتمد بداية انطلاقة المحتوى على المحتوى الترفيهي، مثل “21 صورة ستعيد إيمانك في الإنسانية” ومقطع فيديو لمتابعي بازفيد وهم يحاولون جعل البطيخ ينفجر.

ولاحقا قرر الموقع التعمق في تغطية الأحداث الجارية والمقالات الاستقصائية من خلال “بازفيد نيوز”، وهو قسم قاده لمدة ثماني سنوات محرره المؤسس بن سميث، قبل أن ينضم إلى صحيفة التايمز ككاتب عمود إعلامي.

وبرز موقع هفنغتون بوست خلال رئاسة جورج دبليو بوش كموقع للمدونين الليبراليين، الذين ساهم الكثير منهم مجانا، وشهد صعودا متسارعا وتوسعا شمل منصات في كافة أنحاء العالم، وصلت إلى 14 نسخة بلغات مختلفة، ويعد من أهم المواقع الإخبارية الإلكترونية المجانية في العالم.

وكان نموذج العمل بسيطا في الموقعين، أنتج محتوى سريع الانتشار يستهدف الجماهير الأصغر سنا والأذكياء عبر الإنترنت واستفاد من إيرادات الإعلانات عبر الإنترنت. لم يكن ذلك مربحا كما كانوا يأملون.

واضطر الموقعان للاستغناء عن عدة نسخ لديهما في مختلف أنحاء العالم، فقد أغلق بازفيد غرف التحرير في المملكة المتحدة وأستراليا وخفض رواتب الموظفين في مايو الماضي، وذكرت مصادر مطلعة أن هذا القرار جاء بسبب الضغوط على نموذج أعمال الشركة الممول من الإعلانات، وليس عملها

جونا بيريتي: بازفيد وهافبوست يجذبان قراء مختلفين، لذلك يكملان بعضهما

وسبق أن قام بعملية تسريح موظفين عام 2017 لضغط النفقات بسبب تراجع إيرادات الإعلانات.

واستغنت منصة هافبوست عن 39 موظفا خلال جولة من عمليات التسريح في عام 2017. وفي أوائل عام 2019، قالت شركة فيرزيون إنها ستخفض 800 وظيفة، أو 7 في المئة من أقسامها الإعلامية.

ووفق ما ذكرت في بيان رسمي المديرة الدولية لموقع هاف بوست، لويز روغ، نهاية شهر مارس عام 2018، شهدت أوضاعا صعبة وتعثرا عدة مرات، فاستغنت عن عدة نسخ في السنوات الماضية، من بينها “هافنغتون بوست عربي” التي استثمرها القطريون ولم تدم طويلا، بعد أن قامت الشركة الأم بعملية تقييم للمحتوى.

ولحق به موقع “هافنتغون بوست مغرب” الذي توقف في ديسمبر 2019، بعد ست سنوات من انطلاقه حيث كان يغطي كلا من تونس والجزائر والمغرب، ودعت رسالة مقتضبة نشرت على الموقع، القراء إلى زيارة النسخة العالمية للموقع “هافبوست”.

ونظر محللون إلى العمر القصير للنسخة العربية من المنصة الرقمية العالمية إلى أنها مؤشر قوي على ضرورة الاعتماد على بنية صحافية راسخة في المؤسسات التقليدية، التي عززت منصاتها بالتقنيات الرقمية الحديثة ونجحت بالحفاظ على قاعدة جماهيرية.

وأصبح الجانب التقني لا يقل أهمية عن المحتوى في المؤسسات الإعلامية، خصوصا لدى استهداف الجمهور الشباب، وقال ماكس ويلينز المحرر من نشرة التجارة الرقمية Digiday “إذا كنت ناشرا يعتمد على النصوص في عام 2019، فيجب أن يكون واضحا تماما أن متابعة هذا النهج ليست استراتيجية معقولة، لاسيما إذا كنت تبحث عنها من خلال توظيف أشخاص لكتابة محتوى”.

وأضاف “إذا كان هذا هو مصدر دخلك الوحيد، فمن الصعب جدا بناء عمل تجاري مزدهر”.

ويدفع التدهور المتسارع للقطاع الناشرين إلى البحث عن حلول جديدة لزيادة الإيرادات، إذ لم ينتج الفيديو القصير إيرادات مأمولة بالنسبة للكثيرين، لذلك يعتبر البودكاست هو الوجهة التالية للمؤسسات الصحافية. فقد قالت “الإيكونوميست” إنها توسع فريقها الصوتي إلى ثمانية موظفين. وتتبع صحيفة وول ستريت جورنال مبادرة مماثلة.

في المقابل مازال البودكاست في العالم العربي يعتمد على جهود فردية وتجارب صغيرة، ولم يتطور في المؤسسات الصحافية والإعلامية العربية بالشكل المطلوب كما هو الحال في المؤسسات الغربية.

وشكل استحواذ فيسبوك وغوغل على حصص أكبر من الإعلانات عبر الإنترنت، ضربة قوية للمنصات الإعلامية في الشرق والغرب على حد السواء، خصوصا التي تعتمد على الإعلانات مثل “بازفيد” و”هافبوست”، بعد أن كان يُنظر إلى الشركتين على أنهما من أقوى المنافسين في المشهد الإعلامي التقليدي.

'