ضجيج التهديدات العسكرية في ليبيا يُخيّم على هدوء محاور القتال – مصدر24

ضجيج التهديدات العسكرية في ليبيا يُخيّم على هدوء محاور القتال

تتعاظم المخاوف في ليبيا من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وذلك على خلفية تضاعف التهديدات العسكرية بين طرفي النزاع والتقارير التي تتحدث عن تجهيز تركيا لاستئناف عمليات إرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا، إضافة إلى تحركاتها العسكرية غربي البلاد في وقت تتعدد فيه المبادرات للتوصل إلى تسوية سياسية تُنهي الأزمة المستمرة منذ سنوات.

تونس – لا يهدأ ضجيج التحذيرات والتهديدات العسكرية في ليبيا، حيث تصاعدت وتيرته، وبات يُخيّم على أجواء الهدوء الحذر الذي يسود محاور القتال بين ميليشيات حكومة الوفاق الليبية، برئاسة فايز السراج، والجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، منذ إعلان وقف إطلاق النار في نهاية أغسطس الماضي.

وفيما يُراوح الحراك السياسي مكانه وسط جدل حسابات كل طرف، وتضارب الأجندات الإقليمية والدولية التي عمقت الأزمة الليبية، رصدت وسائل إعلام ليبية، الأحد، تحركات تركية في قاعدة “الوطية” العسكرية الجوية الواقعة على بعد نحو 150 كلم جنوب غرب العاصمة طرابلس.

أحمد المسماري: نحذر الميليشيات من أي استفزاز أو مغامرة تستهدف قواتنا
أحمد المسماري: نحذر الميليشيات من أي استفزاز أو مغامرة تستهدف قواتنا

وكشفت أن طائرتي شحن تركيتين غادرتا قاعدة “الوطية” التي تخضع لسيطرة ضباط أتراك منذ مايو الماضي، باتجاه مصراتة شمال غرب ليبيا، على بعد حوالي 185 كم شرق العاصمة طرابلس، وذلك في تحرك تزامن مع تردد أنباء حول استئناف أنقرة نقل المزيد من المرتزقة السوريين إلى ليبيا.

وبالرغم من أنه لم يتم الكشف عن ماهية حمولة الطائرتين إلا أنّ مراقبين ربطوا هذه التحركات بعودة قادة الميليشيات المُتمركزة على طول خط الجفرة-سرت، منهم الميليشاوي أكرم الدرناوي، قائد ما يُعرف باسم “غرفة تحرير سرت الجفرة”، إلى استفزاز الجيش الليبي بتحريك عناصره في أكثر من اتجاه.

وترافقت هذه الاستفزازات التي وثّقها بشريط فيديو، مع عودة العقيد محمد قنونو، الناطق باسم قوات حكومة الوفاق، إلى التصعيد الكلامي ضد الجيش، بعبارات لا تخلو هي الأخرى من الاستفزاز والتهديد، جاءت في سلسلة تغريدات تتالت ليل السبت-الأحد بشكل لافت.

وقال بعد زيارة لكلية الدفاع الجوي بمدينة مصراتة، إن “أيدينا على الزناد، وسنرد بقوة، وحزم، وسنضرب بؤر التمرد لتحرير كل شبر من ليبيا”، على حد تعبيره.

وليست هذه المرة الأولى التي يُطلق فيها قنونو مثل هذه التصريحات الاستفزازية، غير أن توقيتها هذه المرة يأخذ أبعادا أخرى، لاسيما وأنها تأتي بعد إعلان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، أن القوات الموالية لحكومة الوفاق تُخطط لتنفيذ هجوم على وحدات الجيش الليبي وصفه بـ”العدواني”، يسبق الهجوم العسكري على محور الجفرة-سرت.

وكشف في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن “رصد تحشيدات لميليشيات الوفاق بالقرب من خط الفصل المُحدد على مستوى خط سرت-الجفرة، وقد سبقت ذلك عمليات استطلاع متقدمة للميليشيات”.

وتابع المسماري في بيانه قائلا “نحذر ميليشيات الوفاق من مغبة الإقدام على أي عمل عدواني يستهدف مواقعنا، إذ تتوفر لدينا معلومات مؤكدة بأنها تخطط للقيام بعمل عدواني واستفزازي يسبق هجومهم على خط سرت الجفرة ومواقع قواتنا”.

محمد قنونو: الأصابع على الزناد وسنحرر كل شبر من أرض ليبيا
محمد قنونو: الأصابع على الزناد وسنحرر كل شبر من أرض ليبيا

وأكد في المقابل، أن “القوات المسلحة الليبية كانت ولا زالت ملتزمة بوقف إطلاق النار من أجل إنجاح العملية السياسية.. وفي الوقت ذاته فإننا على أهبة الاستعداد، وأتم الجهوزية للرد على أي استفزاز أو مغامرة تستهدف قواتنا ومواقعنا”.

وأثارت هذه التهديدات المتبادلة وسياقها المُلتبس ضجيجا تردد صداه في أجواء الحراك السياسي المتواصل على أكثر من صعيد بحثا عن حل يُنهي هذه الأزمة، وسط مخاوف من أن تتحول في صورة تطورها إلى حالة صدام عسكري محدود في أقل الحالات.

غير أن هذه التخوفات تُقابلها تقديرات أخرى، ترى أن الأمر لن يصل إلى حد المواجهة، لأن المناخ العام السائد حاليا، ليس مناخ حرب، وبالتالي تبقى تلك التهديدات مُجرد تشويش على المسار السياسي، لخلط الأوراق من جديد، خاصة بعد تسجيل تفاهمات خلال الاجتماعات التي رعتها بعثة الأمم المتحدة.

ويتضح ذلك من خلال تصريحات النائب البرلماني الليبي، عيسى العريبي، التي رحب فيها بالاجتماعات بين الفرقاء الليبيين التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي قال إنها “تعمل على استقرار ليبيا وخلق سلطة جديدة تقود البلاد إلى بر الأمان وتبعد شبح الحرب والانقسام”.

وأضاف في تصريحات تلفزيونية بثتها قناة “ليبيا 218” مساء السبت، إن الحوارات برعاية البعثة الأممية يمكن أن “تبعد عن ليبيا شبح الحرب، وأن تكون مقدمة لفترة استقرار تستمر 18 شهرا تنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية”.

وعقد الفرقاء الليبيون خلال الأسابيع الماضية سلسلة اجتماعات في مونترو السويسرية وأخرى في بوزنيقة المغربية، واجتماعات أمنية وعسكرية وأيضا دستورية استضافتها مصر، وذلك في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة لإطلاق حوار ليبي في تونس مطلع نوفمبر المقبل.

'