ضغط شعبي في تونس من أجل حل البرلمان – مصدر24

ضغط شعبي في تونس من أجل حل البرلمان

تونس – تصاعدت الدعوات إلى حل البرلمان المنقسم على نفسه منذ انتخابات 2019 وسط أزمة اقتصادية وسياسية خانقة تشهدها البلاد.

وفي خطوة يرى مراقبون أنها ستتلوها خطوات أخرى، لاسيما في ظل تحول المجلس النيابي إلى حلبة صراع، خرج المئات من المحتجين في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس السبت في مسيرة تطالب بحل البرلمان.

وجاءت هذه المسيرة، وهي من المسيرات النادرة التي تطالب صراحة وبشكل أساسي بحل البرلمان، في أعقاب أحداث فوضى وعنف شهدها المجلس النيابي خلال الأسبوع الماضي.

ويُعد البرلمان أعلى سلطة في تونس بمقتضى نظام الحكم شبه البرلماني الذي تم إرساؤه في 2014 والذي تطالب العديد من الأطراف بتغييره بعد أن قاد إلى تشتت الصلاحيات بين رؤوس السلطة في البلاد.

عبدالعزيز القطي: الشارع سيتحرك ويفرض مسألة حل البرلمان
عبدالعزيز القطي: الشارع سيتحرك ويفرض مسألة حل البرلمان

وقال النائب البرلماني حاتم المليكي إن “البرلمان بدأ فعلا فقدان شرعيته”.

وتابع المليكي في تصريح لـ”العرب” أن “فقدان البرلمان شرعيته جزء من فقدان الأحزاب شرعيتها الشعبية”.

ورفع المحتجون خلال المسيرة التي تزامنت مع إحياء تونس لعيد استقلالها لافتات مؤيدة للرئيس قيس سعيد تطالب بتطبيق الفصل 80 من الدستور الذي يتضمن إجراءات حل البرلمان، ورددوا شعار “حل البرلمان” و”الشعب يريد حل البرلمان”.

وينص الفصل 80 من الدستور التونسي على أنه بإمكان رئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس البرلمان وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويطغى التوتر على علاقة الرئيس سعيد بالبرلمان والأحزاب الرئيسية الممثلة فيه، وفي مقدمتها التحالف الداعم للحكومة الحالية برئاسة هشام المشيشي، وهي حركة النهضة الإسلامية وحزب قلب تونس الليبرالي وائتلاف الكرامة (إسلامي شعبوي).

وقال الناشط في المجتمع المدني طارق الماجري، وهو أحد المشاركين في التحرك، إن “البرلمان قدم صورة رديئة وسيئة عن تونس، وندعو إلى استفتاء وطني لحل هذه المؤسسة التي لم تعد تمثل الشعب”.

وتابع “نواب البرلمان وعلى اختلاف كُتلهم لا يمثلون من انتخبهم، وشرعيتهم انتهت منذ مدة طويلة”.

ورئيس الجمهورية منتخب من الشعب بصفة مباشرة ولكن صلاحياته تنحصر أساسا في مسائل الدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية، في حين يتمتع رئيس الحكومة بصلاحيات تنفيذية واسعة.

ولمّح قيس سعيد في حملته الرئاسية 2019 وفي الكثير من خطاباته إلى رغبته في تعديل النظام السياسي نحو نظام رئاسي مع تعزيز الصلاحيات للحكم المحلي، بينما يدعو رئيس البرلمان وزعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي إلى الانتقال لنظام برلماني خالص.

ومنذ أيام تشهد تونس حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى حل البرلمان بعد أن بلغت الأزمة داخله ذروتها حيث منع رئيس البرلمان النائبة عبير موسي من حضور اجتماع لمكتب المجلس الأسبوع الفائت.

ودعا الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي إلى حل البرلمان معتبرا أنه “تحول إلى بؤرة للتآمر على مستقبل تونس وخطر على مصالحها الحيوية وسلامة كيانها وسيادتها وأمنها”.

 

الصحبي بن فرج: حل البرلمان غير ممكن، إلا إذا كان المقصود الانقلاب
الصحبي بن فرج: حل البرلمان غير ممكن، إلا إذا كان المقصود الانقلاب

 

وأضاف النابتي أن “البرلمان الحالي أصبح عقبة أمام كل عملية إصلاح وبات مجرد حلبة تمارس فيها المجاميع التكفيرية والإخوانية والشعبوية المتحالفة مع المافيا الوكيلة أبشع أنواع العنف المادي واللفظي، لا خيار إلا حل البرلمان الحالي”.

ويساير الناشط السياسي عبدالعزيز القطي النابتي في رأيه بشأن البرلمان حيث يشدد في تصريح لـ”العرب” على أن ما يحدث في المجلس النيابي أحدث احتقانا شعبيا وكرها له و”هناك عدم قبول من الشعب التونسي لما يحدث داخل البرلمان. الشارع سيتحرك ويفرض مسألة حل هذا المجلس أو إعادة ترتيب الأوراق (على المشهد السياسي) مجددا”.

واستدرك القطي “لكن دستوريا لا يمكن حل البرلمان، لا يوجد قانون واضح يمكّننا من ذلك، هناك حالة وحيدة تمكننا من حله وهي عدم التصويت على الحكومة”.

وبالرغم من حالة شبه الإجماع حول سوء أداء البرلمان إلا أن هناك أصواتا كثيرة تشدد على أنه لا آليات دستورية للإقدام على حل المجلس النيابي في الظرف الراهن، علاوة على أن الخطوة لن تكون حلا للأزمة.

وقال الناشط السياسي والنائب السابق في البرلمان الصحبي بن فرج لـ”العرب” إن “حل البرلمان غير ممكن حاليًّا ومستقبلا، دستوريّا لا توجد آلية تمكن من القيام بذلك، إلا إذا كان الداعون إلى ذلك يريدون انقلابا ليتدخل الجيش أو قوة خارج الآليات الدستورية، لا توجد إمكانية إلا إذا استقال المشيشي (رئيس الحكومة) وفشلت الحكومة الجديدة في نيل الغالبية المطلوبة”.

وأضاف بن فرج أنه “علاوة على ذلك فإن هذا البرلمان هو وجه من وجوه الشعب التونسي، فالسؤال الذي يُطرح ماذا بعد تغيير البرلمان؟ هل نغير الشعب؟ هذا ليس حلا، في المستقبل علينا التفكير في ما إذا كنا سنقوم بانتخابات بشأن تغيير النظام الانتخابي والنظام السياسي وقانون الأحزاب وغيرها من المعطيات، هذا هو الحل الوحيد”.

'