ضغوط الخارج تدفع العاهل الأردني إلى تبريد جبهات الداخل – مصدر24

ضغوط الخارج تدفع العاهل الأردني إلى تبريد جبهات الداخل

ضغوط الخارج تدفع العاهل الأردني إلى تبريد جبهات الداخل

جماعة الإخوان ترى أن الضعف الذي يعتري صاحب القرار الرسمي يخول لها فرض نفسها رقما صعبا في المعادلة.
 عمان – ينطوي استقبال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لرئيس وأعضاء كتلة الإصلاح النيابية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، الثلاثاء في قصر الحسينية بالعاصمة عمان، على دلالات سياسية عميقة، خاصة وأن العلاقة بين الجماعة والمؤسسة الملكية شابها فتور على مدار السنوات الماضية.
وتقول أوساط سياسية أردنية إن خطوة الملك عبدالله الثاني بلقاء كتلة الإخوان، هدفها تبريد الجبهات الداخلية، ومحاولة احتواء الجماعة التي أظهرت في الفترة الأخيرة نية لاستغلال التحديات التي يواجهها الأردن داخليا وخارجيا للضغط بغية تحقيق مكاسب سياسية وليس أدل على ذلك من المبادرة التي طرحتها قبل أسابيع بشأن إجراء تعديلات دستورية.
وتلفت هذه الأوساط إلى أن العاهل الأردني أراد من هذا اللقاء توضيح حجم التحديات التي تواجهها المملكة وأن هناك حاجة ملحة إلى وحدة الصف، والابتعاد قدر ما يمكن عن طرح ملفات من شأنها حرف الأنظار عن تلك التحديات.
وبحسب بيان للديوان الملكي فقد أكد الملك عبدالله الثاني خلال اللقاء مع كتلة الإصلاح أن بلاده لن تقبل بأن يمارس عليها أي ضغط، مضيفا أن الأردن القوي داخليا هو مكسب للعرب والقدس.

وشدد على أنه “لا حل للقضية الفلسطينية إلا من خلال حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.

وأشار إلى أن “زياراته الخارجية التي شملت دولا عربية وأوروبية ركزت على موقف الأردن الواضح والمعروف تجاه القضية الفلسطينية، وكذلك الجهود المبذولة مع الأطراف الفاعلة من أجل تحقيق السلام العادل والدائم”.

وأوضح العاهل الأردني أن “الأردن لن يقبل بأن يمارس عليه أي ضغط بسبب مواقفه من القضية الفلسطينية والقدس”. ولم يعط تفاصيل عن تلك الضغوط غير أن تقارير إعلامية تحدثت عن وجود ضغوط أميركية على الأردن للقبول بـ”صفقة القرن”.

وينتظر أن تطرح الإدارة الأميركية خطتها للسلام في الشرق الأوسط بعد تشكيل بنيامين نتنياهو الفائز في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، حكومة جديدة.

وتقول التسريبات إن الخطة التي انكب على إعدادها فريق من البيت الأبيض يقوده مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر على مدار أكثر من عامين تأتي على نقيض أسس السلام الحالية القائمة على إعلان دولة فلسطينية مستقلة على أراضي 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

ووفق التسريبات فإنه سيتم تثبيت واقع القدس عاصمة لإسرائيل الذي كان الرئيس دونالد ترامب قد أقره في 2017، وضم الدولة العبرية للجزء الأكبر من الضفة الغربية.

وكان نتنياهو قد صرح قبل أيام بأنه سيقوم -بالتنسيق مع الإدارة الأميركية- بضم المستوطنات الكبرى في الضفة، فيما بدا تمهيدا لإعلان الصفقة. ويخشى الأردن فقدان حقه في الإشراف على الشؤون الدينية والمقدسات في القدس والذي كرسته اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994)، والأخطر بالنسبة له هو أن تصبح المملكة الوطن البديل بعد ضم الضفة وإسقاط حق العودة.
وتحدثت أنباء في الأيام الأخيرة عن غضب الملك عبدالله الثاني من تجاهل واشنطن له ورفضها توضيح الشق السياسي المتعلق بالخطة أو الصفقة كما يحلو للكثيرين تسميتها، وتقول الأنباء إن النقطة الوحيدة التي أوضحها له الأميركيون خلال زياراته المتكررة للولايات المتحدة هي الشق الاقتصادي المتعلق بتحسين أوضاع فلسطينيي الداخل ومد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وغيره من الدول بتعويضات.
ويرى متابعون أن الملك عبدالله يحاول جاهدا اليوم خلق جدار صد دولي ضد المشروع الأميركي، بالتوازي مع توحيد قوى الداخل خلفه وبينها جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر رغم الانشقاقات التي عصفت بها خلال السنوات الماضية القوة السياسية الأكثر قوة وتنظيما.
ويشير المراقبون إلى أن العاهل الأردني يتخوف من أن تسعى الجماعة لاستغلال الوضع الصعب الذي يجد نفسه فيه للتحرك في مسار يستهدفه، خاصة وأن المبادرة التي طرحتها مؤخرا ما كانت لتقدم عليها لولا استشعارها حالة الضعف التي يعاني منها صاحب القرار الرسمي.
وتصدرت مبادرة الجماعة إنشاء حكومة برلمانية تأمل في أن تتولى قيادتها، ووضع قانون انتخاب جديد، وقانون للأحزاب وتعديل للتشريعات الناظمة للحريات العامة.
والعلاقة بين جماعة الإخوان والسلطة الأردنية شهدت منذ 2011 توترا واضحا على خلفية تصدر الجماعة لموجة الاحتجاجات أسوة بما حصل في دول عربية أخرى.
ونجح الملك عبدالله بعد فترة في احتواء الحراك، لتجد الجماعة نفسها معزولة، وازدادت أزمتها مع انهيار حكم جماعة الإخوان في مصر في العام 2013، لتتعرض لموجة من الانشقاقات اتهمت حكومة عبدالله النسور (2012 – 2016) بالوقوف خلفها.
وفي العام 2017 أعادت الجماعة تنظيم صفوفها وسعت إلى التقرب من السلطة حيث شاركت في الانتخابات المحلية وبعدها النيابية بعد مقاطعة الاستحقاقين لسنوات، وهي ترى أن الوضع الداخلي والضعف الذي يعتري السلطة يخولان لها فرض نفسها مجددا رقما صعبا في المعادلة، ولعل استقبال الملك عبدالله لكتلتها يعزز طموحها.

'