عراقي يحوّل السيارات الخردة إلى تحف كلاسيكية – مصدر24

عراقي يحوّل السيارات الخردة إلى تحف كلاسيكية

بغداد – يحوّل العراقي عامر إبراهيم صالح عاشق السيارات القديمة في ورشته الكائنة بمنطقة الأعظمية شمالي العاصمة العراقية بغداد، السيارات الكلاسيكية من خردة إلى سيارات تعمل بصورة جيدة، ليشتريها عشاق السيارات القديمة، محققا مردودات مالية جيدة وملبّيا رغبات الزبائن في اقتناء هذه السيارات.

بدأ عامر إبراهيم البالغ من العمر 59 عاما العمل بإصلاح السيارات عندما كان صبيا في ورشة والده، واكتسب خبرات كبيرة في هذا المجال حتى بات يلقب بالأسطى، أي الخبير المتخصص في مهنة إصلاح السيارات القديمة.

ويقصد ورشة عامر عشاق السيارات القديمة من أجل تصليح سياراتهم أو البحث عن سيارات كلاسيكية لغرض اقتنائها.

السيارات القديمة تستعيد حضورها في شوارع المدن العراقية وزاد الإقبال على اقتنائها خاصة من قبل الشباب الميسورين

 

ويقوم عامر إبراهيم بتجديد وإعادة إصلاح السيارات القديمة، فيبدأ برفع الهيكل الخارجي للسيارة القديمة، ثم يشرع في عمليات تصليح الأجزاء بداخلها، وهذا يحتاج إلى مهارة خاصة وتعامل بدقة مع هذه السيارات جراء السنوات الطوال التي مرت عليها وتعرضها للتلف، ومن ثم يقوم بإعادة كل قطعة في السيارة بعد إصلاحها إلى مكانها، ويبدأ بتجربة السيارة وتشغيلها والتأكد من أنها تعمل بصورة صحيحة.

وبعد الانتهاء من عملية التصليح يتم إرسال السيارة إلى ورشة الصبغ، حيث يقوم متخصص بصبغ السيارات بلونها الأصلي وتلميعها، معيدا إليها “الحياة” من جديد ليقتنيها عشاق السيارات الكلاسيكية، وتبدأ رحلتها في الشوارع جاذبة انتباه المارة.

واستعادت السيارات القديمة في السنوات الأخيرة حضورها في شوارع العاصمة بغداد وبعض المحافظات، وزاد الإقبال على اقتنائها من قبل العراقيين، وخاصة الشباب من العائلات الميسورة، كونها سيارات مميزة وتجذب انتباه الناس عندما تمر في أي منطقة، كما أن بعضها كانت تعود لشخصيات مشهورة قبل عدة عقود.

وحسب عشاق السيارات الكلاسيكية القديمة، فإن السيارات المصنوعة في الأربعنات والخمسينات والستينات من القرن الماضي تشهد إقبالا واسعا من قبل هواة السيارات، خاصة من ماركات شيفروليه وكاديلاك ومرسيدس وفولكس فاغن، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها التي بدأت تضاهي أسعار السيارات الحديثة في السوق العراقية.

وصمم عشاق هذا النوع من السيارات صفحة لهم على فيسبوك باسم “السيارات الكلاسيكية القديمة في العراق”، يتم من خلالها تبادل المعلومات عن السيارات القديمة وأماكن تواجدها.

وكشف الأسطى عامر إبراهيم، بموقع ورشته الذي يشغله منذ عام 1995، والمكونة من ثلاثة محال مع فناء مفتوح أمام المحلات وبارتفاع نحو أربعة أمتار، لوكالة أنباء “شينخوا” أنه بدأ العمل بإصلاح السيارات القديمة منذ عام 1982، وقبلها تعلم على يد والده الذي كان يملك ورشة لتصليح السيارات.

ويسعى عامر إلى غرس حب هذه المهنة في ولديه عبدالله ومحمد اللذين يعملان معه في الورشة لتزداد خبراتهما، كون والدهما يقوم بتعليمهما كل جوانب هذه المهنة وكيفية التعامل الدقيق مع هذه السيارات وبأدوات بسيطة.

وأضاف عامر أن “الزبون يجلب سيارته إلى ورشتنا ونبدأ بمراحل التصليح، وبعد الانتهاء نرسلها إلى الصباغ لغرض الصبغ والتلميع”.

ويفتخر بأن أغلب السيارات الكلاسيكية التي عادت إلى العمل تم تصليحها من قبله، قائلا “السيارت القديمة التي تسير في الشوارع، تقريبا نصفها أنا من قام بإصلاحه”.

وأشار عامر إلى أن أسعار السيارات الكلاسيكية تتوقف على موديل السيارة وسنة صنعها، مضيفا “كلما يكون الموديل قديما يكون سعره أغلى”، مبينا أن أسعار السيارات القديمة تتراوح بين 25 و60 ألف دولار وأكثر.

تحفة فنية تعود للحياة في شوارغ بغداد

ويروي عامر قصة سيارة كلاسيكية يحتفظ بها أصحابها منذ أكثر من 70 سنة، تعرضت للتدمير والحرق بسبب الحرب الأميركية على العراق.

وقال، وهو يشير إلى السيارة الجاثمة في ورشته، “هذه السيارة من نوع كاديلاك موديل 1949، تم اقتناؤها من قبل أصحابها عام 1951، وهم يعتزون بها كثيرا”، مضيفا “أثناء الحرب الأميركية على العراق تعرضت السيارة للحرق، وخاصة داخلها الذي احترق بالكامل، فضلا عن احتراق مقاعدها”.

وتابع “اصطحبني أصحاب السيارة لكي أراها، وسألوني: هل بإمكانك إعادة تصليحها وسوف نعطيك المبلغ الذي تطلبه”.

وأكد عامر أنه وعد أصحاب السيارة بإعادتها مثلما كانت، معتبرا أن عمله يحافظ على تاريخ بغداد ويظهر جمال هذه المدينة العريقة.

وقال باسم التميمي، صاحب سيارة ويعمل في مجال بيع وشراء السيارات القديمة، “نشتري السيارات القديمة التي تعود لشخصيات مسؤولة سابقة في الدولة أو لأشخاص توفوا وقرر ورثتهم بيع هذه السيارات، رغم أنها لا تعمل وبحالة رديئة، كونها متروكة منذ سنوات طويلة، ثم نقوم بإصلاحها على أيدي متخصصين مهرة”.

وأوضح التميمي أنه شكل مع زملائه رابطة خاصة تهتم بالسيارات الكلاسيكية تضم 72 سيارة، مطالبا بإقامة معرض للسيارات الكلاسيكية حتى يطّلع عليها العراقيون، كونها تروي حقبة من تاريخ العراق. ويفتخر عماد عبدالله بامتلاكه لسيارة مرسيدس حمراء اللون من طراز 1937، كان ملك العراق فيصل الثاني قدمها هدية إلى رئيس الوزراء توفيق السويدي، الذي شغل هذا المنصب ثلاث مرات من 1929 إلى 1950، مؤكدا أن سيارته تجذب انتباه الناس أثناء سيرها في الشارع.

وبدأت قصة عبدالله مع سيارته المرسيدس التي أحبها منذ عدة سنوات عندما شاهدها لأول مرة في حي الأعظمية شمالي بغداد، وفعل كل ما في وسعه وأنفق الكثير من المال لشرائها. كما أنفق المزيد من المال لإعادتها إلى شكلها الأصلي.

واختتم قائلا “عندما يتحقق الأمان ويشعر العراقيون بالطمأنينة نستمتع بقيادة السيارات القديمة”.

'