غضب جزائري من حجم وفد رئيس الحكومة الفرنسية يؤجل زيارته للجزائر – مصدر24

غضب جزائري من حجم وفد رئيس الحكومة الفرنسية يؤجل زيارته للجزائر

باريس- أعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس مساء الخميس تأجيل زيارته إلى الجزائر بسبب فايروس كورونا، لكن مصادر دبلوماسية جزائرية قدمت رواية متناقضة مع ما أعلنته باريس، حيث شددت على أن غضبا جزائريا من حجم الوفد الفرنسي كان وراء تأجيل الزيارة إلى أجل غير مسمّى.

ويأتي هذا التأجيل في وقت تعرف فيه العلاقات الفرنسية – الجزائرية برودا بسبب العديد من القضايا رغم أجواء التفاهم التي خيمت على اتصالات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقال مكتب رئيس الوزراء الفرنسي إنّ “جائحة كوفيد – 19 لا تسمح بأن تكون هذه الوفود في ظروف مُرضية تماماً”، مضيفا أن اللجنة الحكومية الفرنسية – الجزائرية، الهيئة التي كان مفترضاً أن تُعقد الاجتماعات الثنائية في إطارها “أرجئت بالتالي إلى موعد لاحق يكون فيه السياق الصحّي أكثر ملاءمة”.

ولكن مصادر فرنسية وجزائرية متطابقة عزت إرجاء الزيارة إلى أسباب دبلوماسية، مشيرة إلى أنّ حجم الوفد الفرنسي الذي جرى تخفيضه بسبب الجائحة، اعتُبر غير كاف من قبل الجزائر التي أبلغت باريس بذلك، الأمر الذي عجّل في صدور القرار المتأخّر بإرجاء الزيارة التي كانت مقررة الأحد.

مصدر جزائري أكد أن باريس خفضت مدة الزيارة وحجم الوفد في حين أنّ هناك الكثير من القضايا الثنائية التي يجب دراستها

وقال مصدر فرنسي مطّلع على القضية إنّ “تشكيلة الوفد هي دون المستوى” في نظر الجزائر. وعلق مصدر جزائري بالقول إن “باريس خفضت مدة الزيارة إلى يوم واحد وحجم الوفد إلى أربعة وزراء، إنّها تشكيلة مصغّرة في حين أنّ هناك الكثير من القضايا الثنائية التي يجب دراستها”.

وكانت باريس والجزائر تعولان على هذه الزيارة لتكريس مزيد من التقارب الثنائي الذي بدأه الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبدالمجيد تبون.

وكان مقرّراً خلال الزيارة التي أرجئت أن يترأّس كاستيكس بالاشتراك مع نظيره عبدالعزيز جراد اللجنة الحكومية رفيعة المستوى، وهي هيئة تجتمع بانتظام لتقييم التعاون الاقتصادي بين البلدين بشكل خاص.

ولم تنعقد هذه اللجنة منذ ديسمبر 2017 بسبب الحراك الشعبي في الجزائر الذي أدّى إلى تنحّي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في 2019 ثم بسبب الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد – 19.

وبعد توتّر خلال الحراك الشعبي قبل سنتين عمد ماكرون إلى تقديم دعم مفتوح للرئيس تبون الذي قوبل انتخابه في نهاية عام 2019 برفض كبير من قبل الشعب وبتظاهرات في الشارع لا تزال مستمرة حتى الآن، وهو دعم أثار انتقادات داخل الحركة المطالبة بالديمقراطية.

وكانت أوساط كاستيكس قالت إنّ “زيارة رئيس الوزراء تندرج في إطار إعادة تفعيل العلاقة التي يريدها الرئيسان” مشيدة “بإطار التقارب” بين البلدين. والزيارة التي أرجئت تأخرت أصلاً بسبب دخول الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مرتين إلى المستشفى في ألمانيا في نهاية العام 2020 ومطلع 2021.

وكان مصدر في قصر ماتينيون (مقر عمل رئيس الوزراء الفرنسي) قال قبل إرجاء هذه الزيارة إن “جان كاستيكس يرغب في إبقائها في موعدها كدليل على التزام فرنسا والقيام ببادرة صداقة تجاه الجزائر”.

وأضاف أن “الرئيسين أطلقا استئناف العلاقات الفرنسية – الجزائرية في جوّ جديد من الثقة. وهذا يجب أن يترجم عبر استئناف الاتصالات الثنائية وخصوصاً عبر اللجنة الحكومية”.

الجزائر تطالب بإعادة الأرشيف المرتبط بالاستعمار وكشف مصير الجزائريين الذين اختفوا خلال الحرب

ولو لم تؤجّل الزيارة لكانت ستشكّل أول رحلة في إطار علاقات ثنائية فعلية لكاستيكس منذ تولّيه مهامه في يوليو 2020. ولم يزر رئيس الوزراء الفرنسي حتى الآن سوى بروكسل وتشاد لتفقّد القوات الفرنسية المنتشرة في منطقة الساحل التي تشهد تمردا لمتطرفين.

وكان مقررا أن يبحث رئيسا الوزراء في الجزائر “جميع جوانب العلاقات الثنائية” الاقتصادية والأمنية والتعليمية والثقافية وأن يوقّعا اتفاقيات في “بعض مجالات التعاون”، كما ذكرت مصادر في باريس من دون أن تضيف أي تفاصيل.

ومع اقتراب الذكرى الستين لانتهاء الحرب الجزائرية (19 مارس 1962) واستقلال الجزائر (5 يوليو 1962) قام إيمانويل ماكرون بسلسلة من “الأعمال الرمزية” من أجل “التوفيق بين الذكريات” ورسم التطبيع في علاقة تظل معقدة وعاطفية.

واعترف خصوصاً “باسم فرنسا” بأنّ المحامي والزعيم الوطني علي بومنجل قد تعرّض للتعذيب والاغتيال من قبل الجيش الفرنسي، وقرّر تسهيل الوصول إلى الأرشيف السري الخاص بالحرب الجزائرية.

وتطالب الجزائر بإعادة الأرشيف المرتبط بالاستعمار وكشف مصير الجزائريين الذين اختفوا خلال الحرب، ويقدر عددهم بنحو 2200، وكذلك دفع تعويضات لضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.

'