فاغنر من ليبيا إلى مالي – مصدر24

فاغنر من ليبيا إلى مالي

باريس – لم تخف فرنسا انزعاجها مما يروّج عن اتفاق بين المجلس العسكري الحاكم في مالي ومجموعة فاغنر الروسية، وهي الخطوة التي تظهر، وفق مراقبين، أن روسيا توظف أدواتها غير المعلنة للدخول على خط منافسة النفوذ الفرنسي المتراجع في أفريقيا.

وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الثلاثاء “إذا أبرمت السلطات المالية عقدا مع مجموعة فاغنر، فسيثير ذلك قلقا بالغا وسيكون مناقضا لكل ما قمنا به على مدى سنوات وكل ما نسعى للقيام به دعما لبلدان منطقة الساحل”.

وجاء الموقف الفرنسي بعد أنباء عن تحرك فرنسي لمنع المجلس العسكري في مالي من تفعيل الاتفاق الذي سيسمح لمجموعة فاغنر -وهي مجموعة من المتعاقدين العسكريين الروس من القطاع الخاص- بالعمل في مالي، وفق ما أكدته مصادر دبلوماسية لرويترز الاثنين.

وقالت المصادر إن المساعي الفرنسية تتضمن طلب مساعدة شركاء -مثل الولايات المتحدة- على إقناع المجلس العسكري في مالي بعدم المضي قدما في هذا الاتفاق وإرسال دبلوماسيين كبار إلى موسكو ومالي لإجراء محادثات.

فلورانس بارلي: الاتفاق مع فاغنر يتناقض مع دعمنا لمنطقة الساحل

وأضافت أن فرنسا قلقة من أن يقوض وصول مرتزقة روس عملياتها المستمرة منذ عشر سنوات لمكافحة الإرهاب والتصدي لمقاتلين لهم صلة بتنظيمي القاعدة وداعش في منطقة الساحل الأفريقي في الوقت الذي تسعى فيه لتقليص عملية برخان التي يشارك فيها خمسة آلاف جندي بهدف إعادة تشكيل القوة حتى تضم المزيد من الشركاء الأوروبيين.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها فرنسا قلقها من الدور الذي تلعبه مجموعة فاغنر، فقد سبق أن أبدت انزعاجها من الدور الذي تلعبه المجموعة في دول مثل أفريقيا الوسطى.

وفي يونيو الماضي أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن روسيا شرعت في “الاستيلاء على السلطة” في جمهورية أفريقيا الوسطى عبر مرتزقة مجموعة فاغنر، مع استبعاده تهديداً مماثلاً في الساحل الأفريقي.

وقال “في جمهورية أفريقيا الوسطى، عبر المرتزقة الروس، ثمة نوع من أنواع الاستيلاء على السلطة، والسلطة العسكرية على وجه الخصوص. هذا ما نكافحه، وهذا ما دفعنا نحو اتخاذ تدابير لسحب عدد من أفرادنا العسكريين”.

كما أن تدخل المجموعة الروسية في ليبيا قد قطع الطريق على دور كانت فرنسا تطمح له من خلال دعم قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر. ونجحت هذه المجموعة -التي تنفي موسكو أي صلة بها- في أن تضع يدها على المكاسب التي كانت باريس تخطط  للحصول عليها من خلال لعب دور قوي في ليبيا.

وتكافح باريس للحفاظ على نفوذها في أفريقيا التي تمثل تاريخيًّا موقعا حيويا بالنسبة إلى المصالح الفرنسية، لكنها تواجه في السنوات الأخيرة صعوبات كثيرة بسبب تعدد خصومها، وخاصة المجموعات الجهادية في غرب أفريقيا، والتي اكتسبت خبرات قتالية وقدرة على التحرك والمناورة أجبرت الفرنسيين على إشراك القوات الحكومية لدول الساحل والصحراء، وتبحث الآن عن مخارج لسحب قواتها ودعم القوات المحلية من أجل الاستمرار في الحرب المعقدة على الإرهاب.

ودخول روسيا إلى مالي، ولو بشكل مقنّع، سيضيف منافسا قويا لفرنسا التي دخلت السنوات الأخيرة في صراع مفتوح مع الولايات المتحدة حول مواقع النفوذ في أفريقيا.

Thumbnail

وتراهن روسيا على الشركات الأمنية لتحقيق أهدافها، حيث تنتشر عناصر شركة فاغنر اليوم في أكثر من بلد أفريقي، وهي تنشط تحت عدة مسميات سواء كشركات لتعدين الذهب والماس أو كمدربين عسكريين أو كشركات متخصصة في الحرب السيبرانية.

وتشير تقارير مختلفة إلى أن مرتزقة فاغنر يتمركزون حاليا في عشر دول أفريقية، هي السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وزيمبابوي وأنغولا ومدغشقر وغينيا وغينيا بيساو وموزمبيق وربما جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وفي جمهورية أفريقيا الوسطى تلعب مجموعة فاغنر دورا رائدا في تدريب الحرس الرئاسي والجيش، وتحرس الرئيس فوستين أرشانج تواديرا، وتحميه من المجموعات المتمردة التي تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد.

كما تحمي مناجم الذهب والماس وتحصل على نسبة من العائدات، وتقع معظم هذه المناجم شمال شرقي البلاد، منها مناجم قرب مدينة بامباري في مناطق نفوذ تحالف متمردي “سيليكا”، وغالبيتهم من المسلمين.

وتقول وسائل إعلام سودانية وغربية إن مجموعة فاغنر بدأت نشاطها في السودان منذ 2017، تحت غطاء عدة شركات منها “ميروغولد” و”أم إنفست” للتنقيب عن الذهب، وتولت عناصرها تدريب أفراد من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إقليم دارفور.

وكانت هذه المجموعة تنشط في عدة مدن سودانية، من ميناء بورتسودان إلى الخرطوم ودارفور، وتزعم وسائل إعلام غربية ومحلية أنها نقلت أسلحة وأفرادا من السودان إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر مطاراتها أو عبر الحدود بين البلدين من منطقة أم دافوق.

'