فتح وحماس تجمدان خلافاتهما إلى حين مرور عاصفة الضم – مصدر24

فتح وحماس تجمدان خلافاتهما إلى حين مرور عاصفة الضم

فتح وحماس تجمدان خلافاتهما إلى حين مرور عاصفة الضم

مشروع الضم الإسرائيلي لأراض في الضفة الغربية خلق حالة من اللحمة الفلسطينية وتقاربا بين حركتي فتح وحماس اللتين اتفقتا على مواجهة مشتركة لهذا المشروع مع تأجيل خلافاتهما الداخلية إلى حين مرور عاصفة الضم.

 رام الله – تشهد الأزمة بين فتح وحماس انفراجة على ضوء شعور كلا الحركتين الفلسطينيتين بالخطر الذي يتهددهما جراء إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، والذي سيعني بالضرورة نسف أسس السلام القائمة والقضاء على طموح إقامة دولة فلسطينية متصلة ومستقلة.

وأنعش الاختراق الحاصل على خط فتح حماس آمال الفلسطينيين في إمكانية رأب الصدع وإنهاء الانقسام الجاري بينهما، والذي شكل على مدار سنوات استنزافا للقضية الفلسطينية، بيد أن مراقبين يشككون في ذلك لاسيما وأن قيادات حماس تتحدث اليوم عن تجميد للخلافات وليس إنهائها أو تذويبها.

وبعد تصدر مسؤولين من الحركتين مسيرات احتجاجية الأربعاء في قطاع غزة رفضا لخطط الضم، جرى الخميس مؤتمر صحافي مشترك نادر جمع بين أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.

وقال رجوب خلال المؤتمر الذي جرى عبر تقنية الفيديو “أعلنّا في فتح وحماس عن اتفاق لإفشال صفقة الضم ومشروع تصفية قضيتنا كقضية سياسية”، مضيفا “سنعمل على تطوير كافة الآليات التي تحقق الوحدة الوطنية”.

وأكد الرجوب “أن المرحلة الحالية هي الأخطر التي يعيشها شعبنا وتتطلب أن نكون على مستوى هذا التحدي”، وشدد على أنه وفي حال “أعلن الضم، سنتعامل مع الاحتلال كعدو”، مضيفا “نريد أن نخرج برؤية استراتيجية كاستحقاق لمواجهة التحديات الحالية مع كافة فصائل العمل الوطني”.

وتشهد العلاقة بين الحركتين شبه قطيعة منذ العام 2007، بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة إثر معارك دموية بين الطرفين انتهت بطرد حركة فتح وأجهزة السلطة الفلسطينية من القطاع. وفشلت جميع الجهود منذ ذلك الحين لإجراء مصالحة بين الجانبين.

ويرى متابعون أن الأزمة بين فتح وحماس تتجاوز مجرد خلافات في الرؤى إلى صراع على النفوذ بينهما، فحماس ترنو إلى أن تكون جزءا أساسيا من مشهدية السلطة، إن لم يكن المتحكم بكامل خيوطها، وهي تلقى في ذلك تشجيعا ودعما من قوى إقليمية، في المقابل فإن فتح التي تستند إلى نوع من المشروعية التاريخية تكابد للحفاظ على مفتاح السلطة “المهترئة” بيدها.

وفي موقف حمل أكثر من دلالة دعا نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري خلال المؤتمر إلى “تجميد كافة المسائل التي فيها خلافات داخلية بين الحركتين، من أجل التوصل إلى اتفاق إستراتيجي وجوهري، لمواجهة الخطر الوجودي الذي تتعرض له القضية الفلسطينية”.

وأوضح القيادي في حماس “لم نكن نحن وحركة فتح مختلفين على مواجهة الاحتلال والتصدي لمخططاته..ويجب أن نقف وقفة حقيقية وصادقة للتصدي لهذا المشروع وإفشاله”.

وأشاد العاروري بمواقف الرئيس الفلسطيني الرافضة “لتقديم تنازلات للاحتلال”. وقال “هذا المؤتمر المشترك فرصة لنبدأ مرحلة جديدة تكون خدمة استراتيجية لشعبنا في أكثر المراحل خطورة”. وأضاف “مشروع الضمّ لن يمر، فهو مشروع إقصائي واحتلالي، فرض علينا ألا نسمح بتنفيذ هذه الخطوة”.

ويعتبر المحلل السياسي الفلسطيني غسان الخطيب أن الاجتماع المشترك يشير إلى “أهمية قضية الضم في عيون الفلسطينيين على اختلاف توجهاتهم السياسية”.

ويلفت المحلل إلى أن “فتح وحماس لم تتوحدا منذ فترة طويلة، ويبدو أنهما تنظران إلى الضم على أنه تطور خطير للغاية”، ما يدفعهما إلى “وضع خلافاتهما جانبا”.

ولئن تؤكد الحركتان على وحدتهما في مواجهة مشروع الضم إلا أن ذلك لا يخفي وجود تباينات حول الآليات والكيفية، فحركة حماس أعلنت مؤخرا على لسان الناطق الرسمي باسم جناحها العسكري كتائب عزالدين القسام أن قرار الضم هو بمثابة “إعلان حرب” وفي ذلك رسالة بأن الخيار المسلح مطروح وبقوة لمواجهة المشروع.

في المقابل فإن السلطة الفلسطينية ومن خلفها حركة فتح تتبنى نهج المقاومة الشعبية وحشد الدعم الدولي كسبيل لمواجهة التوجهات الإسرائيلية.

وكان من المفترض أن يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء عن بداية عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية تشمل المستوطنات وغور الأردن الاستراتيجي، بناء على الخطة الأميركية للسلام التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب في أواخر يناير الماضي، مع إضافة تعديلات عليها، بيد أن الضغوط الدولية والحشد الفلسطيني، والانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية على وقع تحفظات البيت الأبيض، أجبرت نتنياهو على التمهل.

وأعلنت حكومة نتنياهو الخميس أن المفاوضات مع الجانب الأميركي مستمرة لتنسيق موعد البدء الفعلي للضم، ويعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن هذا أفضل توقيت لتنفيذ المشروع لاسيما مع ضبابية ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة.

والتقى نتنياهو هذا الأسبوع في القدس المستشار الخاص لترامب آفي بيركوفيتش والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان. وقال رئيس الوزراء “ناقشت مسألة تطبيق السيادة التي نعمل عليها وسنواصل العمل في الأيام المقبلة”.

ويقول الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب دانييل شابيرو الذي شغل في الماضي منصب مبعوث الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إلى الشرق الأوسط، “يبدو أن جزءا من المناقشات مع الأميركيين يتمحور حول المبادرة تجاه الفلسطينيين”.

ويرى السفير السابق أن جزءا من المحادثات يدور حول توسيع سلطة الفلسطينيين في المنطقتين أ (مناطق الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية)، وب (مناطق الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية)، وبناء المساكن، وغيرها من الأمور.

ويشير شابيرو إلى أن نتنياهو “يصعب عليه استيعاب هذا. هو يريد ضمّا أكثر اتساعا (…) لذلك أعتقد أن هناك توترا بينه وبين البيت الأبيض”.

ويشير شابيرو إلى سعي البيت الأبيض للحفاظ على توافق في الآراء بين نتنياهو ومنافسه السابق بيني غانتس، الأمر الذي يحد من خيارات رئيس الوزراء. وأبدى غانتس تحفظه على تنفيذ مخطط الضم، محذرا من التداعيات الإقليمية.

'