فرماجو يجرّ المسار السياسي في الصومال إلى أزمة عميقة – مصدر24

فرماجو يجرّ المسار السياسي في الصومال إلى أزمة عميقة

مقديشو – دخل المسار السياسي في الصومال مرحلة أكثر غموضا نتيجة تمسك الرئيس محمد عبدالله فرماجو بأن يكون طرفا في أي حل محتمل للأزمة الراهنة والمتعلقة بإجراء الانتخابات التي تأجلت، وسط اعتراضات كبيرة من قبل ولايتي جوبالاند وبونتلاند، التي لم تعد تعترف بشرعيته، مما يجعل البلد أمام سيناريوهات تهدد الاستقرار الهش للبلاد.

ويسود الصومال حالة من الاحتقان السياسي، نتيجة خلافات بين الحكومة من جهة، ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى، حول بعض التفاصيل المتعلقة بآلية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، فيما يشير البعض من المراقبين إلى أطراف خارجية في التسبب في ما يحدث من تعطيل.

وتنتقد دوائر سياسية صومالية انسياق حكومة فرماجو في سياسة المحاور الإقليمية، وقد حذرت مرارا من الدور القطري التركي في تخريب علاقات حيوية للبلد بدول عربية وازنة تقوم بدور كبير في مساعدته على تجاوز فترة عدم الاستقرار التي شهدها طوال ما يقارب الثلاثة عقود.

وتجاوزت البلاد مهلة نهائية كانت محددة لإجراء انتخابات بحلول الثامن من فبراير الجاري، وهو موعد كان من المفترض أن يتنحى فيه فرماجو، ما أدى إلى أزمة دستورية. ولم يتمكن الرئيس الحالي وزعماء الولايات الفيدرالية حتى الآن من حل خلافاتهم بشأن كيفية إجراء الاقتراع، بعدما تم التخلي عن آمال إجراء أول انتخابات منذ العام 1969 بالاقتراع المباشر، على خلفية مشاكل أمنية وسياسية.

وجددت جوبالاند، وهي من بين الأقاليم الخمسة الرئيسية بالبلاد الأحد، رفضها مشاركة فرماجو في المحادثات الهادفة إلى الخروج من الطريق المسدود الذي وصل إليه انتخاب رئيس جديد. وقالت في بيان إن الرئيس “يجب أن يكون خارج عملية الانتخاب ويجب ألا يكون له دور في عملية الانتخاب من أجل أن تكون هناك ثقة بها من جانب المشاركين الرئيسيين”.

ويفاقم هذا الإعلان من انعدام الاستقرار في البلد، الذي تديره حكومة فيدرالية هشة، وينشط فيه بشكل متزايد متمردو حركة الشباب المتشددة، حيث تسيطر السلطات الرسمية على قسم فقط من أراضي الصومال رغم الدعم الذي تقدمه قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم).

وأعلن قادة الولايتين الاتحاديتين، جوبالاند وبونتلاند، في وقت سابق هذا الشهر أنهم لم يعودوا يعترفون بالرئيس الحالي، الذي انتهت فترة ولايته قبل أسبوعين. وكان من المقرر أن تجري الانتخابات على أساس نظام معقّد للتصويت غير المباشر استُخدم في الانتخابات الماضية ويقوم على اختيار شيوخ العشائر لناخبين يختارون النواب، والذين يختارون بدورهم الرئيس.

وكان فرماجو وقادة الأقاليم الخمسة، توصلوا في سبتمبر الماضي، إلى اتفاقية تم التخلي بموجبها عن نظام انتخابي عبر الاقتراع العام، الذي يمنح صوتا لكل ناخب، مع عرض مسار مشترك نحو الانتخابات.

ويقول المتابعون للشأن الصومالي إن الدولة الواقعة في القرن الأفريقي تقترب من منطقة لا يمكن التنبؤ بها، في حال عدم اتفاق قادته السياسيين بشكل عاجل على كيفية المضي قدما لإجراء انتخابات تأخر تنظيمها.

ومن أبرز النقاط الخلافية بين الحكومة ورؤساء الأقاليم الفيدرالية هو تشكيل اللجان الانتخابية إلى جانب إقليم جدو، الذي تدور فيه خلافات سياسية بين الحكومة ورئيس ولاية جوبالاند المحلية. ويعود أصل المشكلة في الإقليم، إلى انتخابات جرت في أغسطس الماضي، حيث أفرزت إعادة انتخاب رئيسه الحالي أحمد محمد إسلام (موال لكينيا) لولاية ثالثة. ورفضت الحكومة الصومالية نتائج تلك الانتخابات.

Thumbnail

ولم يحظ الصومال بحكومة مركزية فعلية منذ انهيار نظام سياد بري العسكري العام 1991، ما أدى إلى عقود من الحروب الأهلية والفوضى التي غذّتها نزاعات عشائرية. ولا تزال الدولة تدار بموجب دستور مؤقت بينما تعد مؤسساتها على غرار الجيش، بدائية وتعتمد إلى حد ما على الدعم الدولي.

وكذلك لا يزال البلد يخوض معركة ضد حركة الشباب الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة التي سيطرت على العاصمة حتى العام 2011، بينما لا تزال تستولي على مناطق ريفية وتشن هجمات ضد أهداف حكومية وعسكرية ومدنية في مقديشو وبلدات محيطة.

وشهدت العاصمة مقديشو الجمعة الماضي، مواجهات مسلحة بين القوات الحكومية وقوات موالية لكتلة المرشحين في سباق الرئاسة (تتألف من 14 مرشحا رئاسيا)، إثر محاولة بعض المرشحين التوجه إلى ساحة “الجندي المجهول”، التي كان من المقرر عقد مظاهرات فيها في اليوم ذاته.

وتقول الكتلة إن هدفها كان التصدي لممارسات الحكومة في ما يتعلق بالانتخابات بخصوص طريقة إجرائها واللجان الموكل إليها إدارة السباق، ومن أبرز أعضائها الرئيس السابق حسن شيخ محمود. وأدت تلك الخلافات، إلى تأجيل الانتخابات أكثر من مرة، دون تحديد موعد واضح لها رغم عقد عدة جولات حوارية كان آخرها أوائل الشهر الجاري.

ويتأكد القارئ لأحداث العنف الأخيرة ووقائع السياسات، التي تنتهجها حكومة فرماجو أن الرئيس ومن يقف خلفه مقتنعون بفكرة القطبية والحزب الواحد وأن الحل في القوة وليس في الديمقراطية والتعددية الحزبية ويجربون نظريات بالية أثبت الأيام فشلها.

ويحذّر خبراء عسكريون من أن أزمات سياسية وأخرى عسكرية يواجهها الصومال قد تعصف بالاستقرار النسبي القائم، ما يخلق فراغا أمنيّا سيمكّن مقاتلي حركة الشباب من استهداف المزيد من المنشآت الحكومية الحساسة وخاصة في العاصمة مقديشو.

'