فورة استثمارية في سلاسل تجارة التجزئة بمصر – مصدر24

فورة استثمارية في سلاسل تجارة التجزئة بمصر

عززت إغراءات المكاسب الكبيرة وارتفاع الاستهلاك في مصر من سباق رؤوس الأموال العربية والأوروبية لضخ استثمارات جديدة في قطاع سلاسل التجزئة وتدشين متاجر جديدة في العديد من المحافظات، مستفيدة من الكثافة السكانية ورواد هذا النوع من التجارة فيها.

القاهرة – كشف جهاز تنمية التجارة الداخلية المصري مؤخرا عن دخوله في مباحثات، لتوطين ثلاث سلاسل تجارية أوروبية شهيرة على غرار سينسبري البريطانية.

ومن المتوقع أن يزور القاهرة أحد أكبر المستثمرين الخليجيين مع بداية مارس المقبل، للاجتماع مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير التموين علي المصيلحي بشأن الاستثمار في هذه المتاجر.

وتستهدف مجموعة جيان الفرنسية التي تعد ثاني أكبر سلسلة متاجر تجزئة في فرنسا، وخامس أكبر سلسلة على مستوى العالم، افتتاح ما يقرب من 15 متجرا في مصر باستثمارات تتجاوز مليار جنيه (نحو 300 مليون دولار)، خلال 5 سنوات.

ويصل عدد سلاسل التجزئة الكبيرة العاملة في مصر حتى الوقت الراهن إلى نحو 42 سلسلة، ومن المتوقع أن تشهد زيادة مع نهاية السنة الحالية، في ظل الفورة الاستثمارية الحقيقية لاقتحام ذلك المجال من جانب رجال الأعمال المحليين والأجانب.

إبراهيم عشماوي: عدد السكان وحجم السوق يستوعبان توسعات المتاجر

وأكد إبراهيم عشماوي، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، لـ”العرب” أن مصر لديها ثلاثة ملايين متر مربع في صناعة التجزئة، وتحتاج إلى خمسة أضعاف هذه المساحة لتصل إلى خمسة عشر مليون متر مربع، لأن السوق المحلية وعدد السكان يستوعبان ذلك.

ويسهم قطاع التجارة الداخلية بنحو 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، وتستهدف وزارة التموين زيادة حصته إلى 21 في المئة بنهاية العام.

وتتراوح هذه النسبة في الأسواق المتقدمة بين 25 و30 في المئة، وتعد من المؤشرات المهمة التي تعزز الطلب وفرص نمو الاقتصاد وعمليات تشغيل المصانع.

وقال عشماوي إن “البنية الأساسية لمنظومة التجارة الداخلية تحتاج إلى أسواق جملة ونصف جملة ومتخصصة، وهو ما سعى إليه الجهاز خلال الفترة الماضية”.

وأوضح أن الجهاز نجح في جذب استثمارات بقطاع التجارة بنحو 3 مليارات دولار عبر 18 مشروعا في 11 محافظة، وتوفر 400 ألف فرصة عمل.

وكشف مسؤولون في سينسبري عن خطط لتدشين نحو خمسة فروع جديدة خلال العام الجاري، فيما ستدشن مترو ثلاثة فورع، في حين ستفتتح خير زمان 75 فرعا بالقاهرة والأقاليم الأخرى. وجميع هذه السلاسل يهيمن على أسهمها مستثمرون عرب وأجانب.

أما سلسلة ألفا ماركت المملوكة لمستثمرين محليين، فتعتزم تدشين فرعين جديدين قبل نهاية 2022.

ويشهد قطاع سلاسل التجزئة رواجا كبيرا بالبلاد، ويفضل الكثير من المستثمرين العرب والأجانب اقتحامه مع زيادة الاستهلاك من جانب الأفراد، والرغبة الشديدة للشركات والمصانع في تسويق وبيع منتجاتهم عبر المتاجر الكبيرة.

ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء في يناير الماضي، حققت مبيعات تجارة التجزئة في مصر ارتفاعا ملحوظا مع نهاية العام المالي 2018 – 2019، بلغت قيمتها نحو 3.5 مليار دولار، بزيادة بمقدار 18.5 في المئة على أساس سنوي.

42 سلسلة بالبلاد تدعم قطاع التجارة الذي يشكل 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي

وفي ضوء المؤشرات الأخيرة، من المتوقع أن تكسر مبيعات القطاع حاجز الستين مليار جنيه (خمسة مليارات دولار) العام الجاري.

وأكد أحمد علي، مدير التشغيل بشركة توب بيزنس لإدارة وتسويق السلاسل التجارية، لـ”العرب” أن السلاسل التجارية من أهم القطاعات الواعدة.

وقال إن “غالبية السلاسل تراهن على السلع الغذائية، فلا غنى عن الأكل والشرب والمواد الغذائية الأساسية بشكل يومي، خاصة مع ارتفاع الاستهلاك في مصر”.

وأضاف أن “السلاسل التجارية حققت أرباحا طائلة خلال السنوات الماضية، قبل إلزام الحكومة المصانع بتحديد أسعار السلع، ويصل هامش الربح في قطاع الخضراوات والفاكهة بالسلاسل إلى الضعف، بعد إضافة المتاجر مصروفاتها على المنتجات”.

ويعزز انتشار المتاجر من كفاءة إدارة منظومة التجارة الداخلية، إذ يقلل ذلك من حلقات تداول السلع ويمنع الاحتكار ووصول السلع إلى أكثر فئات المجتمع.

كما دفع تحفيز القاهرة المستثمرين الأجانب على دخول هذا القطاع الحيوي، بعد استنساخ التجربة الفرنسية، إلى إصلاح منظومة تجارتها الداخلية.

وتحرص المصانع والشركات بمختلف أنواعها، سواء المصنعة للمنتجات الغذائية أو المنزلية، على توريد منتجاتها للسلاسل الكبرى ذات الفروع المنتشرة بأنحاء مصر، لأنها أسرع وسيلة للحصول على السيولة ودوران عجلة الإنتاج بالمصانع.

سيد بسيوني: سلاسل التجزئة تنعش إنتاج المصانع وتحرك الأسواق

ويسبق دخول منتجات الشركات إلى السلاسل التجارية دفع العديد من الرسوم المتنوعة مثل تشفير المنتجات والدخول ووضع المنتج على الرف وغيرهما، لذلك تحقق السلاسل مكاسب قبل بيع المنتج وبعده فور أن تضع هامش الربح على السلع.

ويؤكد ذلك أن القطاع مربح وواعد للغاية بالأسواق المحلية. ويختلف هامش الربح للسلاسل بين منطقة وأخرى في المنتجات غير الأساسية، مثل منتجات العناية الشخصية وبعض أدوات المطبخ وغيرهما، حيث يرتفع سعرها في المناطق الراقية عن غيرها من المناطق الشعبية.

وفي مساعيها لتقليل حلقات تداول السلع، لم تقتصر جهود الحكومة على تشجيع المتاجر الكبرى بتدشين فروع عديدة لها عبر مساحات الأراضي التي توفرها لها، بل دشنت أيضا البورصة السلعية والتي يتوقع أن تساهم فى تخفيض الأسعار إلى الربع.

وكانت وزارة التموين أبرمت اتفاقية توأمة مع بورصة سلع بيلاروسيا، للاستفادة من خبراتها في قواعد البيانات للسلع واشتراطات العضوية في البورصة السلعية، ونسب العمولة في حجم التداول واشتراطات تسجيل الشركات.

وأوضح سيد بسيوني، عضو لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمري العاشر من رمضان، لـ”العرب” أن الاستثمار بسلاسل التجزئة من القطاعات الرائجة، لأن نسبة الاستهلاك مرتفعة للغاية، كما أن ذلك القطاع يمثل نوعا من التجارة ذات دوران رأس المال المرتفع ومعدل مخاطرة أقل.

وتسعى القاهرة عبر خطوات انتشار المتاجر التجارية لمواجهة الاحتكار الذي سيطر على بعض سلاسل التوزيع، وتسبب في موجات تضخم غير حقيقية للمنتجات، ولذلك لجأت إلى إلزام المصانع بتحديد أسعارها، ولكن لم يشمل ذلك العديد من السلع الأساسية.

وارتفعت معدلات التضخم في مصر بنهاية ديسمبر الماضي، وسجل الرقم القياسي لأسعار المستهلكين المعد من قبل البنك المركزي، معدلا شهريا بلغ 0.2 في المئة مقابل 0.5 في المئة في نهاية نوفمبر الماضي.

وأشار بسيوني لـ”العرب”، وهو مدير إحدى مجموعات الأغذية الكبرى، إلى أن توسع تلك السلاسل وتزامنها مع امتداد الزحف العمراني يُحدثان رواجا بالسوق المحلية عبر زيادة المبيعات، ويعود ذلك بالتبعية على نشاط الشركات العاملة في الصناعات الغذائية والأجهزة الإلكترونية والكهربائية والأدوات المنزلية وغيرها.

'