الدوحة- يعكس اختيار قطر لشركة توتال إنرجي الفرنسية كشريك من ضمن عدد من الشركات النفطية العالمية الأخرى في تطوير أكبر حقل غاز في العالم، في وقت تشهد فيه العلاقات القطرية – الفرنسية فتورا بسبب تضارب أجندات البلدين في عدد من الدول بالإضافة إلى أزمتها مع شركة أيرباص، سياسة قطرية جديدة تقوم على تنويع الشركاء وتوزيع الاستثمارات بين الشركات الدولية الكبرى.
ويرى المراقبون أن قطر تريد من خلال هذه الصفقة توطيد علاقتها بباريس لكنها من الواضح أيضا أنها تعلمت درسا من خلال الأزمة مع أيرباص بألا تضع بيضها في سلة واحدة، لذلك قررت الاتفاق مع عدة شركات لتطوير هذا الحقل، حتى يكون البديل جاهزا في أي لحظة.
وجاء الإعلان عن إبرام الصفقة مع توتال في وقت تخوض فيه الخطوط الجوية القطرية نزاعاً مع شركة أيرباص، بسبب عيوب في طائرات الركاب “إيه 350″، فضلاً عن إلغاء الشركة طلبية لشراء 50 طائرة من طراز “إيه 321 نيو” في يناير الماضي.
~ قطر تعلمت درسا من الأزمة مع أيرباص بألا تضع بيضها في سلة واحدة، لذلك قررت الاتفاق مع عدة شركات لتطوير حقل الغاز
واستبعدت شركة الطيران القطرية شراء نسخة جديدة من طائرة “إيه 350” من خطط تجديد أسطول الشحن، بسبب تآكل الطلاء السطحي وطبقة الحماية من الصواعق. كما رفضت تسلم المزيد من تلك الطائرات، إلى حين تلقي إجابات عن أسئلة بشأن السلامة من الهيئة المنظمة في قطر.
وفي محاولة لتجاوز الأزمة قدمت قطر طلبا إلى شركة بوينغ لشراء 34 طائرة شحن جديدة من طراز “777 إكس”، وطلبية شراء طائرات ركاب من طراز “737 ماكس”.
واختارت قطر الأحد شركة توتال إنرجي الفرنسية لتكون أول شريك أجنبي لها يساهم في تطوير أكبر حقل غاز في العالم ومن ثَمّ يساعد على تخفيف وطأة مخاوف أوروبا المرتبطة بالطاقة.
وقال وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي خلال مؤتمر صحافي في الدوحة “يسعدني أن أعلن أنه تم اختيار توتال إنرجي كأول شريك في مشروع حقل الشمال الشرقي”.
وأوضح “أرسينا سلسلة من عقود الهندسة والتوريد والإنشاء البحرية والبرية الرئيسة.. كان علينا اختيار شركائنا من شركات الطاقة العالمية للانضمام إلينا في تطوير المشروع، وهو ما تم من خلال عملية تنافسية بدأت في عام 2019”.
وأضاف “بفضل القدرة التنافسية الاقتصادية للمشروع ومرونته المالية وميزاته البيئية الفريدة، فقد تلقينا خلال عملية تقديم العطاءات عروضا تغطي ضعف الحصة المعروضة للمشاركة في المشروع”.
وأكد أنه سيتم الإعلان عن اتفاقيات أخرى في المستقبل القريب.
بدوره، أفاد الرئيس التنفيذي لتوتال إنرجي باتريك بوياني الصحافيين بأن المجموعة ستحظى بحصة نسبتها 6.25 في المئة ضمن مشروع حقل الشمال الشرقي في إطار مشروعها المشترك مع شركة قطر للطاقة.
باتريك بوياني: المجموعة ستحظى بحصة نسبتها 6.25 في المئة ضمن مشروع حقل الشمال الشرقيوتشير مصادر مطلعة إلى أن كلا من شركات إيكسون موبيل وشل وكونوكو فيليبس مرشّحة للمشاركة في عملية التوسيع العملاقة التي كانت قطر ترغب -في البداية- في تمويلها بشكل منفرد.
وذكرت رويترز الأسبوع الماضي نقلا عن مصادر لم تكشف عنها، أن قطر اختارت شركة إيني الإيطالية إلى جانب أربع شركات نفط كبرى أخرى كشركاء في توسعة قيمتها حوالي 30 مليار دولار لأكبر مشروع غاز طبيعي مسال في العالم.
ومن المتوقع أن يصل مجموع حصة شركات النفط والغاز العملاقة في حقل الشمال إلى حوالي 25 في المئة.
وبحسب تقديرات قطرية فإن كلفة زيادة الإنتاج ستتجاوز 60 في المئة بحلول عام 2027 وستبلغ أكثر من 28 مليار دولار. وذكر الكعبي أن الإنتاج سيبدأ عام 2026 وأن التوسعة تسير بحسب الخطة.
وتعد قطر من بين أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا.
وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا سعت دول أوروبية إلى الاعتماد على قطر لسد احتياجاتها من الطاقة كبديل للنفط والغاز الروسيين.
وبحسب تقديرات شركة قطر للطاقة فإن حقل الشمال يضم حوالي 10 في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم.
وتمتد الاحتياطات في البحر وصولا إلى مناطق ضمن الأراضي الإيرانية، حيث تعرقل العقوبات الدولية مساعي طهران لاستغلال حقل جنوب فارس للغاز.