د. محمد فضل الله، المستشار الاستراتيجي الرياضي الدولي، أجاب على هذه التساؤلات في تصريحاته لـ”اقتصاد سكاي نيوز عربية” قائلاً إن “قواعد اللعب النظيف أو ما يُعرف أيضاً بقانون اللعب النظيف كان فكرة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” عن طريق رئيسه آنذاك أسطورة كرة القدم الفرنسية “ميشيل بلاتيني”، حيث قدم بلاتيني هذا المقترح في عام 2009 ونجح في انتزاع موافقة أعضاء الاتحاد عليه، قبل أن يصبح القانون تحت رعاية الاتحاد الدولي لكرة القدم”.

وأضاف فضل الله أنه تم بدء العمل بهذا القانون في موسم 2010-2011، وهي الفترة الزمنية التي شهدت ذروة التنافس بين ناديي برشلونة وريال مدريد الإسبانيين في شراء عقود أهم اللاعبين في العالم، بما أخل بالمنافسة مع بقية الفرق سواء محلياً أو قارياً، موضحاً أن “يويفا” كان لديه 3 أسباب وراء إصراره على خروج هذا القانون:

  • مواجهة استحواذ الأندية الكبيرة على اللاعبين.
  • وضع الأندية تحت الرقابة المالية.
  • ضرورة تحديد كل ناد للمصروفات والإيرادات بشكل واضح.

وتابع فضل الله تصريحاته بأن مسمى “اللعب المالي النظيف” جاء على خلفية مبدأ وشعار الاتحاد الدولي لكرة القدم الرئيسي “اللعب النظيف”، وهو القائم على مبداً “تشابه التنافسية” بين الفرق من حيث عدد اللاعبين وعدد المباريات في الدوري، وإقامة المباريات في ملعب كل فريق، مضيفاً أن ذلك تلك المساواة على المستويين الإداري والفني في اللعبة، كان لابد أن يتبعه مساواة على المستوى المالي، وهو ما تم بالفعل في قانون اللعب المالي النظيف الذي يهدف أيضاً إلى إحكام عمليات الصرف والإيرادات ومحاربة احتكار الأندية للتعاقدات حتى لا يتم إلحاق الضرر بسلامة كرة القدم.

واعتبر فضل الله أن مخالفة أي نادي للقانون يضر بسلامة كرة القدم، موضحاً أن هناك أندية خارج أوروبا تقوم بالتعاقد مع أكثر من 10 لاعبين في انتقالات الصيف أو الشتاء بمبالغ مالية تفوق قدرتها على جلب الأرباح، وبالتالي تفقد هذه الأندية بعد فترة قدرتها على الوفاء بتعاقداتها سواء مع اللاعبين أو الأجهزة الفنية والإدارية والموظفين أيضاً، وهو ما يترتب عليه فسخ العقود من قبل اللاعبين بسبب ما يُعرف “بالضرر في مستقبله الكروي”.

أزمة برشلونة

وأوضح المستشار الإستراتيجي الرياضي الدولي، أن المبدأ الأبرز في قانون اللعب المالي النظيف يتمثل في ضرورة التدقيق في عمليات المصروفات مقابل الإيرادات، فلا يجوز أن تكون قيمة مصروفات أي نادٍ أكثر من إيراداته خلال الميزانية السنوية، وإذا اتضح وجود هذا الأمر يتم على الفور معاقبة النادي بمنعه من قيد أي لاعبين جُدد حتى يتم تسوية أموره المالية من جديد وهو أمر يُكلف النادي خسائر مالية فادحة.

وتبدو أزمة برشلونة الحالية نموذج واضح لهذا القانون، حيث صرح رئيس رابطة الدوري الإسباني “خافيير تيباس” أن الرابطة قررت أنه لم يعد في إمكان برشلونة دخول سوق الانتقالات الصيف القادم، مضيفاً أن برشلونة يتعين عليه جمع مبلغ يصل إلى 200 مليون يورو ليتمكن من الامتثال لقواعد اللعب المالي النظيف.

ما الحلول؟

يرى فضل الله أن برشلونة أصبح يتعين عليه في هذه الحالة الفوز بكل البطولات التي يُشارك فيها، للاستفادة من المكافآت المالية في تدبير المبلغ المطلوب، مؤكداً أن فكرة بيع بعض اللاعبين في هذه الحالة لن تفيد برشلونة الذي يسعى لبناء فريق قوي يعيد له أمجاده وبطولاته.

وأوضح أنه برشلونة اتخذ بالفعل بعض “الروافع الاقتصادية” لزيادة ميزانيته، وذلك من خلال بيع حقوق مواد الديجيتال على موقعه الرسمي، وبيع بعض متاجره الخاصة، وإدارته لحقوق البث الخاصة بمباريات الفريق لجلب أكبر مكاسب مالية قبل حلول يونيو القادم حيث موعد الانتقالات الصيفية.

وكشف الخبير الدولي أن ميزانية أي نادي في أوروبا، تكون نسبة 60 في المائة منها مصاريف خاصة برواتب الرياضيين والأجهزة الفنية والإدارية والموظفين، وبالتالي فإن النادي مطالب بتوفير هذه النسبة الكبيرة أولاً سنوياً.

عقوبات متأخرة

وحول السبب في خروج عقوبات على بعض الأندية لمخالفتها قانون اللعب المالي النظيف بعد عدة سنوات، أكد محمد فضل الله أن المراقبة المالية على ميزانيات الأندية أمر صعب للغاية، حيث أن دورة رأس المال تحتاج إلى فترة زمنية طويلة، خاصة في ظل وجود شراكات عديدة متداخلة مع الشركات التابعة للأندية، وبالتالي فهي عملية معقدة للغاية تحتاج وقتاً طويلاً حتى يتم الكشف عنها.

العقوبات التي يطبقها الاتحاد الأوروبي للأندية المخالفة للقانون هي عقوبات متدرجة، تبدأ بلفت النظر في البداية لتصحيح مسار النادي، وفي حال استمرار المخالفات يتم تغريم النادي مالياً، ثم منع النادي من بيع أو شراء اللاعبين من فترة إلى 3 فترات انتقالات، تصل العقوبة إلى حد منع النادي من المشاركة في البطولات القارية.

لكن على مستوى الدوريات المحلية، فقد تتنوع العقوبات إلى خصم نقاط من الفريق المخالف، وتوقيع غرامات مالية على النادي.

أبرز العقوبات

أبرز العقوبات في هذا الصدد، بدأت مع نادي “آنجيه” الروسي موسم 2013-2014 وكان أول نادي في أوروبا يطبق عليه قانون عقوبات الاتحاد الأوروبي بدفع 2 مليون يورو،
لكن العقوبات المالية تختلف من حالة إلى أخرى، فقد تم تغريم نادي “غلطة سراي” التركي بمبلغ يصل إلى 210 ألف يورو في نفس الموسم.

أما أشهر العقوبات في تلك الفترة الزمنية، فكانت ضد فريق “باريس سان جيرمان” الفرنسي موسم 2013-2014 بغرامة مالية بلغت قرابة 60 مليون يورو مع ضرورة تحديد رواتب اللاعبين لمدة موسمين، ومن العقوبات أيضاً منع نادي “إيه سي ميلان” الإيطالي من المشاركة في البطولات الأوروبية لموسم واحد موسم 2017-2018.

ولا يطبق قانون اللعب المالي النظيف في عديد البلدان، حيث لا يمكن تطبيقه إلا بوجود دوري محترفين يلبي اشتراطات الفيفا، وأهمها عدم وجود فرق مملوكة لجهة أو لشخص واحد، والكشف عن الميزانيات الحقيقية للأندية داخل هذه الدوريات وغيرها من الشروط.