كتاب “السيبرانية والقانون” يقترح إنشاء منظمة عالمية للتخصص بالأمن السيبراني – مصدر24

كتاب “السيبرانية والقانون” يقترح إنشاء منظمة عالمية للتخصص بالأمن السيبراني

الرياض – يقترح القانوني السعودي أصيل الجعيد الأستاذ المساعد في القانون الجنائي بمعهد الإدارة العامة بالرياض إنشاء منظمة عالمية موازية لمنظمة الأمم المتحدة للتخصص فقط بالأمن السيبراني وفضائه، ويحبذ لو تكون المملكة راعية لمثل هذا الاقتراح.

وتجتمع كل دول العالم بالرياض يوما ما، حيث أن السعودية تقود مشروعا إقليميا تنويريا مستقبليا مضادا للأصوليات البائدة المتطرفة، وهذه الأصوليات جربت كل ما لديها من أفكار ولم تفض لأي شيء غير التقوقع حول نفسها منتجة ظلاما دامسا.

ويؤكد القانوني السعودي في حوار خاص مع “العرب” أن “السعودية اليوم تصنع سماء خاصة بها تختلف عن سماوات الآخرين، ومنظمة الأمم المتحدة على الصعيد الآخر مترهلة قانونيا على المستوى التنظيمي، ولا أعتقد أنها تضطلع بمثل هذه الجهود، بل إن الاتحاد الأوروبي سبقها كثيرا بخطواته الجادة جدا من خلال توجه أعضائه نحو الأمن السيبراني واتفاقية بودابست أحد هذه الشواهد”.

ويقول الجعيد الحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون الجنائي تخصص الجرائم المعلوماتية من كلية القانون بجامعة وايك فورست بولاية نورث كارولينا بالولايات المتحدة، في حواره لـ”العرب” “إن الفضاء السيبراني بدل كل شيء في حياتنا فتأثر كل شيء بدءا من الاقتصاد  إلى الحياة الاجتماعية إلى السياسة”.

أصيل الجعيد: الحروب الإلكترونية والتشويه والتضليل وما يسمى بالحسابات السوداء والذباب الإلكتروني كلها حروب سيبرانية بامتياز

وتابع “لا شك أن الفضاء السيبراني كالهرم ذو أوجه متعددة بالتأكيد ساهم في دفع حياتنا جميعا للأفضل لكنه أيضا ساهم في وجود سلبيات خطيرة علينا تلافيها، وما إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية إلا خير دليل على تلك الأهمية بشقيها الإيجابي والسلبي”.

وشدد على أن “حياة أي بشري تقريبا أصبحت في الفضاء السيبراني فعبره تتأكد من تقويم مواعيدك وجدولتها، وتستطيع خوض غمار معركة قضائية أمام محاكم تستخدم أنظمة للحضور عن بعد، واستخراج كافة التراخيص والتصاريح وفسح الكتب…إلخ. لا أبالغ عندما أقول إن من لم يستخدم الفضاء السيبراني كمن يضيع في الصحراء دون ماء حتى لو كان وسط أناس كثر. هذا يحدث كل يوم”.

ويستشهد المتحدث بقوله “تذكر عندما ضاع مكان هاتفك النقال وكيف كان شعورك سلبيا وكأنك أضعت ابنا من أبنائك! محاربة أخطار الفضاء السيبراني تبدأ ببنية تشريعية سريعة وسيبرانية تواكب هذا الفضاء السريع والآتي بكل جديد، فطريقة تشريع القوانين والبيروقراطية حولها لا تجدي نفعا”.

ويضيف “على نفس الصعيد محاولة رفع مستوى الوعي عبر المحاضرات التوعوية وأعتقد أن على وزارة التعليم السعودية إصدار منهج خاص للفضاء السيبراني وأمنه بالتعاون مع هيئة الأمن السيبراني، فتوعية الأطفال منذ نعومة أظفارهم أمر حاسم”.

ويلفت “على الهيئة الوطنية للأمن السيبراني وضع برامج استقطاب لهؤلاء العباقرة الهاكرز ونحوهم الذين يخطئون ولا بد لنا من إعادة تأهيلهم بشكل خاص بحيث نجد طريقة لاحتوائهم واستخدام مواهبهم لتعزيز الكفاءات في الدولة”.

ويرى الجعيد أن التحرك العربي للسيبرانية كمجال جديد في العمليات العدائية بين الدول وحتى بين الأفراد “غير مرض وليس على قدم وساق مع ما يحدث في الفضاء السيبراني العالمي، لكن في ظل ذلك يظل التحرك السعودي على الجانب الآخر ملفتا، فإنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي دليل على أن المملكة عازمة على الاستثمار في المستقبل السيبراني الذي نعيشه حاليا ومع الأجيال القادمة. الحروب الإلكترونية الإعلامية والتشويه والتضليل وما يسمى بالحسابات السوداء والذباب الإلكتروني كلها حروب سيبرانية بامتياز، فلا يحتاج الأمر إلى تحرك مادي بالجيش بل لمجرد جيش صغير إلكتروني يعرف ماذا يفعل وكيف يحرك الرأي العام ويجيشه لتشويه سمعة أو لإثارة البلبلة والمساس بالنظام العام”.

ويعتقد الجعيد أنه على الهيئة الوطنية للأمن السيبراني وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي أن تقترح للجهات المختصة في السعودية تشريعات سيبرانية تواكب العصر وتحد من استغلال بعض شركات التقنية الكبرى لما يسمى بالبيانات الخام وتقنين مفهوم الخصوصية للأفراد. إن الرقابة الحكومية على الفضاء السيبراني أمر لا بد منه حتى لو أن الرقابة من ناحية اقتصادية تعتبر صعبة ومكلفة إلا أن التشريعات السيبرانية تظل ضرورة ملحة.

ويشدد على أن “القوانين في العالم العربي تحتاج إلى إيجاد وسيلة لتسريع تمرير التشريعات السيبرانية بحيث لا تعوقها معوقات بيروقراطية، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون في النيابة العامة محققون جنائيون سيبرانيون وقسم طب شرعي سيبراني. لربما كانت للغياب أسباب أحدها قلة المختصين، وجدة التشريعات السيبرانية والجامعات لا تساعد، فلا توجد جامعة سعودية أو عربية لحد علمي تدرس القانون السيبراني كتخصص دقيق، بل لا أدري إن كانت هناك أيضا مادة علمية تدرس في كليات القانون بهذا الشأن وإن وجدت فهي بالتأكيد قلة لا أكثرية”.

الأمن السيبراني منظومة متكاملة

ويشير إلى أن التعاون موجود بين الجهات المعنية بحماية الأمن القومي داخل الدولة السعودية وبين الدول العربية الخاص بالأمن السيبراني، ولكن هذا التعاون لن يثمر بشكل جاد دون إطار قانوني دولي، قائلا “أقترح من خلال منبركم تفعيل هيئة الأمم السيبرانية كاتفاقية دولية جديدة يكون مقرها الرياض السعودية ونكافح من خلالها لجعل العالم السيبراني مكانا أفضل وندحر الجرائم المعلوماتية التي هي آفة هذا العصر. علما أن الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن لا تزال غير فعالة وتحتاج بذل جهود دبلوماسية على صعيد أكبر”.

حول اقتراحه في كتابه “السيبرانية والقانون” إنشاء منظمة عالمية موازية لمنظمة الأمم المتحدة للتخصص فقط بالأمن السيبراني وفضائه، ودعوته الحكومة السعودية لرعاية الاقتراح ولماذا لا يكون البدء بمنظمة عربية عربية، يقول الجعيد “بالفعل هيئة الأمم السيبرانية كمنظمة دولية، لأن أولى خصائص الفضاء السيبراني أنه لا يعترف بالحدود ولهذا قلت دولية لا عربية فلا فرق بين عربي وأعجمي في الفضاء السيبراني. والسعودية والعرب بشكل عام جزء من المشهد الدولي وتتأثر بتأثيراته وإن ترك بصمة عالمية أكثر تأثيرا من بصمة إقليمية، لربما كنت من الحالمين ولكنني أعلم أن السعودية قادرة بلا شك على هذا التحدي وأكثر”.

ويلفت إلى أن “الأمن السيبراني منظومة متكاملة تبدأ بالوعي والتعليم إلى التشريعات العقابية إلى أيضا حرية المعلومات وخصوصيتها. لهذا لا بد أن تتعاون الهيئة الوطنية السعودية للأمن السيبراني مع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لتعمل بفعالية أكبر. إن الاحتياج لمثل هذا العمل الأمني يزداد ضرورة يوما بعد يوم خاصة مع دخولنا هذا العصر السيبراني والاعتماد المتزايد على التطبيقات والأنظمة الإلكترونية، والمتوقع تزايد الأنظمة والتشريعات وفق ما يطرأ على هذا المجال من تطورات. أقترح على الهيئة الوطنية للأمن السيبراني إنشاء منصة وطنية للإبلاغ عن الثغرات الإلكترونية في مواقع الأجهزة الحكومية وتطبيقاتها وأن تمنح لمن يبلغ في هذه المنصة جوائز تحفيزية، بالإضافة إلى السماح لكافة الأعمار بالتبليغ في المنصة، لأنه من المعروف أن الهاكرز المخترقين الموهوبين يأتون بشتى الأعمار وبعضهم لم يدرس دراسة نظرية علوم الحاسب الآلي والبرمجة”.

'