كلوب هاوس.. مساحة حرة لمناقشة أزمات لبنان في توقيت مثالي – مصدر24

كلوب هاوس.. مساحة حرة لمناقشة أزمات لبنان في توقيت مثالي

بيروت – اعتاد اللبنانيون متابعة حروب تعليقات ضروسة يخوضها مناصرو الأحزاب التقليدية على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن على تطبيق “كلوب هاوس” يجد مستخدموه مساحة لحوارات أكثر هدوءا بعيدا عن استقطاب لطالما طبع الحياة السياسية في البلاد.

عبر التطبيق الصوتي الأميركي يخوض اللبنانيون، وإن كان على مستوى مازال محدودا مقارنة بتراشق الاتهامات السياسية على البرامج التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، نقاشات متّزنة يتدرّج مضمونها من الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد مرورا بأداء الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وكيفية التخلص منها إلى قضايا عدة أخرى.

وتقول الصحافية الناشطة على “كلوب هاوس” بولا نوفل (25 عاما) إن التطبيق “ساعد الأشخاص ذوي الخلفيات السياسية المتناقضة على فهم وجهة نظر بعضهم البعض”، إذ أتاح لهم فرصة “للإصغاء بخلاف تطبيقي تويتر وإنستغرام” حيث يبقى التفاعل المباشر بين المستخدمين محدودا.

ومنذ إطلاقه قبل عام، ورغم أن استخدامه محصور بهواتف “آيفون”، راج صيت التطبيق بشكل كبير. وساهمت إجراءات الإغلاق بمواجهة فايروس كورونا من سرعة انتشاره بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. ويخشى كثر أن تعمد حكوماتهم إلى فرض رقابة على التطبيق.

ويتطرق المستخدمون في العالم العربي عبر غرف النقاش الرقمية التي بإمكانهم إنشاؤها إلى مسائل عدة تتنوع من السياسة إلى القضايا النسوية والتحول الجنسي والكتب والموسيقى وحتى الطعام.

وفي لبنان يُعد التطبيق بمثابة خدمة من الدرجة الأولى، إذ يستطيع مالكو هواتف “آيفون” فقط استخدامه. ويعادل سعر الجهاز اليوم أكثر من عشر مرات قيمة الحد الأدنى للأجور البالغ 675 ألف ليرة (نحو 60 دولارا بحسب سعر صرف السوق).

إدارة غرفة نقاش على التطبيق لا يعد أمرا سهلا، إذ يقع على عاتق مدير الجلسة تحديد مسار الحوار

لكنّ مستخدمي “كلوب هاوس” من ناشطين وصحافيين ومغتربين يجدون في غرفه الرقمية فرصة للتعرف على الآراء المتنوعة.

ويقول الصحافي اللبناني المقيم في واشنطن جو خولي “بات كلوب هاوس بمثابة مساحة آمنة للاستماع والأهم التعلم والتعرف على بعضنا البعض”، خصوصا حين تجمع الغرف مستخدمين من خلفيات سياسية مختلفة.

ولطالما شكّل الاستقطاب السياسي ركيزة للحياة السياسية، تزداد حدّته أو تتراجع مع كل أزمة في لبنان الذي يشهد اليوم خليطا من المآزق. ومنذ خريف العام 2019 اندلعت احتجاجات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية على وقع انهيار اقتصادي فاقمته في مرحلة لاحقة إجراءات الإغلاق للحد من فايروس كورونا، ثم انفجار مرفأ بيروت الذي أوقع أكثر من 200 قتيل ودمّر أحياء من العاصمة.

ووسط وباء حلّ على العالم، وأجبرهم على البقاء في منازلهم لفترات طويلة، وجد اللبنانيون كما غيرهم في دول العالم متنفسا، فيما أسئلة عدة تشغل بالهم: ما هو سعر صرف الليرة التي تدهورت قيمتها أمام الدولار وكم ارتفعت أسعار المواد الغذائية والبضائع؟ وما هي آخر تطورات تشكيل الحكومة؟ كيف بإمكاننا الخروج من المأزق؟

وتحمل إحدى غرف النقاش عنوان “لا أحد سيأتي لإنقاذنا”، وثانية “بين عون والحريري: مع أو ضد”، في إشارة إلى الخلاف المستمر منذ أشهر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري حول تشكيل الحكومة المقبلة.

Thumbnail

ويقول المنتج التلفزيوني وسيم فقيه المقيم في واشنطن إن تطبيق “كلوب هاوس” ساهم “في تغيير نظرتنا” إلى الشباب اللبنانيين الذين مازالوا يؤيدون الأحزاب التقليدية. ويضيف “يحاول البعض أن يجد طريقة للخروج من سرديتهم أو حتى إصلاحها”.

وتطرق إلى حوار حول الإصلاحات الضرورية لوقف الانهيار الاقتصادي الحاصل، ناقش خلاله الحاضرون ضرورة تشكيل حكومة جديدة، بعدما مرت حوالي ثمانية أشهر على استقالة حكومة حسان دياب.

ويقول إنه خلال الحوار ابتعد مناصرو الأحزاب عن “سردية” زعمائهم الذين يتنافسون على تقاسم الحصص في الحكومة المقبلة. ويضيف “بدا أن الجميع متفقون على ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين، وإلا سنقع في الفخ مجددا”.

ولا تعدّ إدارة غرفة نقاش على التطبيق أمرا سهلا، إذ يقع على عاتق مدير الجلسة تحديد مسار الحوار، ما يمكن القبول به أو رفضه وقد يضطر أحيانا إلى إخراج أي مثير للمشاكل من الجلسة.

لكن في لبنان لا تشهد غرف النقاش بشكل عام حوارات حادة وإن اختلفت فيها الآراء.

ويقول علي فواز الذي يدير موقع “ذي رايت ووردز” (الكلمات الصحيحة)، إن تطبيق “كلوب هاوس ظهر فجأة وفي الوقت المثالي، حيث كان الجميع في لبنان يتوق للتواصل والحوار”.

وكما يشرح، أتاح التطبيق لفواز إمكانية قليلة الحدوث للتواصل مع سياسيين بينهم وزير سابق وشخصيات عامة عادة ما يحلون ضيوفا على برامج تلفزيونية يجيبون خلالها على أسئلة محاوريهم التقليدية. ويضيف “أصاب كلوب هاوس الهدف بالصميم جراء النقاش الحر والمباشر الذي يمكن خوضه مع شخصيات عامة”. ويوضح أنه أجرى عبر التطبيق “لقاءات عن قرب مع من يتمتعون بماض ذي شوائب ولم تتم مساءلتهم حوله”.

'