كورونا مقياس لاختبار أداء زعماء العالم – مصدر24

كورونا مقياس لاختبار أداء زعماء العالم

كورونا مقياس لاختبار أداء زعماء العالم

بلال تامر

القاهرة – يتوقع أن يستغرق قياس دورة حياة فايروس كورونا سنوات، ومن السابق لأوانه محاسبة الدول على مجمل ردود أفعالها في مواجهة الجائحة على الرغم من وجود تباين في تصرف وسرعة استجابة قادة العالم لمواجهة الفايروس واسع الانتشار.

ويقول مارك شامبيون، كبير مراسلي الشؤون الدولية في وكالة بلومبرغ الاقتصادية إنه إذا كان ثمة قائد يعاني من ضعف سياسي، فإن فايروس كورونا قادر على كشفه.

وكشف الفايروس عن حالة إدمان للسرية في الصين شارك فيها مسؤولون محليون ورئيس البلاد شي جين بينغ على حد سواء. كما أن أسلوب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في التعامل مع الفايروس كلفه إضاعة الوقت وكاد أن يكلفه حياته.

وفي الولايات المتحدة، يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأزمة وتسييس تفشي الفايروس قد عرقل القيام برد فعل فيدرالي منسق. وليس من الواضح ما إذا كان الناخبون سيعتبرون “الفوضى الناجمة عن تصرفات ترامب فشلا منه” عندما يقررون التصويت في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.

وتتوقع تقديرات “بلومبرغ” الاقتصادية أن جائحة كورونا ستكلف الاقتصاد العالمي 6 تريليونات دولار.

واعتمادا على سيناريوهات متفائلة بالنسبة للتعافي، تتوقع تقديرات “بلومبرغ” الاقتصادية أن جائحة كورونا ستكلف الاقتصاد العالمي 6 تريليونات دولار. ويعتقد أن أسلوب “الاحتشاد الوطني” ساعد في توفير الحماية للقادة ضد الانتقادات، مع وجود استثناءات قليلة، كما سجل ارتفاع في شعبية بعضهم، وهو نمط مألوف في أوقات الحروب. وبدأ أفول هذا الأسلوب، وأصبح يتم توجيه الانتقادات للقادة علانية. وعلى سبيل المثال، وجه كير ستارمر، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، انتقادات لاذعة مؤخرا لجونسون أمام البرلمان، اتهمه فيها بالتقصير.

ويبدو أن الفرق واضح بين الجهود الأولى لجونسون في مواجهة كورونا وجهود ألمانيا بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل، حيث تم اكتشاف الفايروس في الدولتين في نهاية ينايرـ ولكن بحلول مارس – وهو الوقت الذي كان لا يزال جونسون يستعرض فيه بالمصافحة وسط الجموع- كانت ألمانيا قد أعلنت طوارئ بالنسبة للأجهزة الوقائية وتقوم بتطوير اختبارات على نطاق واسع. وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد حالات الوفاة بسبب كورونا في المملكة المتحدة أربعة أمثال العدد في ألمانيا.

كما كشف رد فعل الصين نقطتي ضعف رئيسيتين لدى الرئيس شي ونظام الحزب الواحد الذي يتزعمه، وذلك وفقا لويلى لام، الأستاذ المساعد بمركز الدراسات الصينية في جامعة هونغ كونغ. ونقطة الضعف الأولى هي الافتقار إلى الشفافية، بداية من المسؤولين الأدنى الذين اتسموا بالتردد في نقل أنباء سيئة للقيادات العليا خوفا من فقدانهم وظائفهم، إلى شي وغيره من قادة الحزب الذين أصرّوا على إعلان النجاحات فقط.

ويري شامبيون أن التأخيرات التي سببها هذا الأمر بالنسبة للتعامل مع المرض قبل إمكانية انتشاره في الخارج كلف الرئيس شي كثيرا فيما يتعلق بالقوة الناعمة الدولية، حسبما يرى لام. وتعني قبضة شي الحديدية على المؤسسات في الصين “أنه مازال يتمتع بنفوذ واسع، كما كان دائما”. ونقطة الضعف الثانية التي كشفتها الأزمة، هي أن اعتماد الحزب الشيوعي الصيني على النمو الاقتصادي السريع من أجل الحفاظ على شرعيته يمكن أن يكون ضارا، لأن أي كساد عالمي يؤدي إلى استحالة تحقيق رخاء كبير.

وبالنسبة للهند، ما زال رئيس الوزراء ناريندرا مودي يتمتع بتأييد شعبي قوي على الرغم من أن الصعوبات الاقتصادية نتيجة الإغلاق الذي دام 50 يوما بدأت تؤثر على الأوضاع في البلاد. ومع ذلك، يعاني مودي من انتقادات لتأخر حكومته في اتخاذ إجراءات مبكرة.

إجراءات وقرارات ضمن الرصد الشعبي لقياس أداء القادة
إجراءات وقرارات ضمن الرصد الشعبي لقياس أداء القادة

وفي البرازيل، يبدو الرئيس جاير بولسونارو، الذي يواصل إنكاره لخطورة الفايروس، أكثر عرضة للخطر. فقد أقال وزير صحة واستقال وزير صحة ثان في خضم الأزمة، كما اشتبك مع حكام الأقاليم بشأن قيود الإغلاق، مما أظهر تماما افتقاره لتجربة الإدارة.

وتعتبر القيادة مجرد عامل قد يفسر الاختلافات الكبيرة في تأثير فايروس كورونا في مختلف الدول. ومن العوامل الأكثر أهمية: ما إذا كان للدول تجربة حديثة مع وباء مماثل، وهو سبب وراء ميل الدول في آسيا واستراليا إلى أن تكون أكثر رسوخا في ردود فعلها.

وتشمل العوامل الأخرى التركيبة العمرية للسكان والكثافة السكانية وقدرة النظام الصحي والثقافة.

وعلى أي حال، تعتبر القيادة ذات تأثير. ففي روسيا تعرضت سمعة الرئيس فلاديمير بوتين بالنسبة لإدارة الأزمات لهزات- ليس بالضرورة بسبب معدلات الإصابة أو الوفاة نتيجة كورونا. فالغضب يتزايد بسبب الأضرار التي لحقت بالاقتصاد، والذي يتوقع أن يسجل انكماشا بنسبة 5.5 في المئة هذا العام، في الوقت الذي تعاني فيه خزانة الحكومة بالفعل بسبب ضعف الإيرادات من البترول- والذي ازداد سوءا نتيجة حرب الأسعار التي خاضتها روسيا مع السعودية – والعقوبات المفروضة على روسيا منذ ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في العام 2014 . كما أن بوتين ليس قادرا أو غير مستعد لصرف أموال لمواجهة الوضع السيء.

وفي فرنسا، كما هو الحال في بعض الدول الأخرى، ربما يكون من الصعب الفصل بين أخطاء القيادة وأخطاء الدولة.

ويقول فرانسوا هيسبورغ، وهو مسؤول فرنسي سابق بوزارتي الخارجية والدفاع، إن فرنسا قامت، بناء على توصية من لجنة كان عضوا فيها لوضع الاستعدادات للأوبئة عقب وباء سارس، الذي هدد أوروبا في العام 2003، بتخزين 1.25 مليار كمامة، ضمن إجراءات أخرى، ولكنها لم تحافظ على المخزون الذي كان يتناقص عبر السنين.

وبدلا من الاعتراف بالخطأ عندما تفشي كورونا هذا العام، قضت الحكومة الفرنسية أسابيع تجادل بأن الكمامات- الضرورية في المعركة ضد الفايروس في آسيا- ليست ذات نفع كبير.

ويقول شامبيون إنه يبدو أن أسلوب الرئيس إيمانويل ماكرون الإمبراطوري في الحكم فاقم ضعفا عميقا في “الحمض النووي” للدولة الفرنسية.

'