كيف تفوق منتخب مصر على أستوديوهات التحليل الرياضي – مصدر24

كيف تفوق منتخب مصر على أستوديوهات التحليل الرياضي

خيّب منتخب الفراعنة لكرة القدم ظنون الكثير من المعلقين الرياضيين في مصر الذين راهنوا على خروجه مبكرا من دوري المجموعات في بطولة كأس الأمم الأفريقية المقامة في الكاميرون، حيث نجح في هزيمة منتخبي كوت ديفوار والمغرب على التوالي واللذين كانا في مقدمة المنتخبات المرشحة للفوز بهذه البطولة.

القاهرة – أظهر منتخب الفراعنة شخصية البطل وتحلى بروح جديدة في سباق كأس الأمم الأفريقية أهلته للفوز على منتخبين في حجم المغرب وكوت ديفوار والاستعداد لملاقاة فريق الكاميرون الخميس في دور ربع النهائي، وسط شحن معنوي من جانب المسؤولين في الكاميرون للاعبين لحضهم على الفوز بلقب هذه النسخة من البطولة الأفريقية المقامة في بلدهم.

ووصف رئيس الاتحاد الكاميروني للكرة اللاعب السابق صامويل إيتو الاثنين المقابلة مع الفراعنة بأنها “حرب”، ما أثار ردود فعل سلبية في مصر لأن الوصف بعيد تماما عن الروح الرياضية التي يجب التحلي بها في هذه المسابقات، لكن إيتو قدم هدية للفراعنة، حيث زادهم إصرارا على الفوز، طالما أن المباراة تحولت إلى حرب.

وتعرض المدير الفني للمنتخب المصري كارلوس كيروش لكثير من الانتقادات قبل بدء البطولة وبعدها بسبب الطريقة العقيمة التي يلعب بها الفريق وكثرة التبديل في مراكز اللاعبين، والتي أنهكت عددا منهم وأبعدتهم عن مستواهم الرياضي.

طريقة جديدة

تناغم تام
تناغم تام 

ظهرت هذه المسألة بوضوح في المباراة الأولى أمام نيجيريا التي هُزم فيها الفراعنة بهدف نظيف، حيث لعب بكابتن الفريق ولاعب ليفربول الإنجليزي محمد صلاح في مركز رأس الحربة، ووضع لاعب قلعة سراي التركي مصطفى محمد جناح يمين، بينما بدأ بلاعب أستون فيلا الإنجليزي محمود تريزيغيه في وسط الملعب، وهو ما أحدث ارتباكا في مهام اللاعبين وأدى إلى سيطرة الفريق النيجيري على مجريات المباراة.

وبدأ المدير الفني البرتغالي يستوعب أن هذه الطريقة غير مجدية وقرر إعادة اللاعبين إلى مراكزهم، ما جعل أستوديوهات التحليل الرياضي المنتعشة في مصر هذه الأيام توجه له انتقادات لاذعة وحذرته من استمرار تغيير مراكز اللاعبين المصريين، وزاد الهجوم على الرجل مع المستوى الباهت الذي تعرض له منتخب الفراعنة الفائز بهذه البطولة سبع مرات من قبل، بينها ثلاث مرات متتالية.

الانتقادات لم تتوقف إلا مع الأداء الجيد الذي قدمه المنتخب المصري أمام كوت ديفوار، وتعزز لاحقا مع المنتخب المغربي

وتضاعفت الانتقادات مع الأداء غير المقنع في مباراتي غينيا بيساو والسودان، واللتان فاز فيهما الفراعنة بنتيجة واحدة، هدف واحد في كليهما، وصعد إلى الدور التالي تصحبه مرارات ولعنات الكثير من أستوديوهات التحليل التي تملأ القنوات المصرية.

ومع تصاعد الهجوم على المدير الفني وعدد كبير من اللاعبين خرج كابتن الفريق محمد صلاح في مؤتمر صحافي قبل مباراة كوت ديفوار مناشدا أستوديوهات التحليل الكف عن الانتقادات الموجهة للفراعنة والوقوف خلف الفريق الذي قال إنه يتأثر سلبا بما يتردد على ألسنة المعلقين الذين ظهرت على ألسنتهم نغمة الانتماء إلى أندية على حساب منتخب بلدهم، وهو ما حذر من تداعياته محمد صلاح.

لم تتوقف الانتقادات إلا مع الأداء الجيد الذي قدمه المنتخب المصري أمام كوت ديفوار، وتعزز لاحقا مع المنتخب المغربي، وهنا بدأت أستوديوهات التحليل تتحول إلى الإشادة بأداء الفراعنة وتكيل المديح لعبقرية كيروش فجأة واكتشافه لبعض المواهب، فما الذي تغير وقاد إلى هذه النتيجة، وكيف انتقل من وجهوا انتقادات للفريق إلى الإشادة به، ولماذا تغيرت طريقة اللعب وأثمرت عن تفوق غير متوقع؟

يقول متابعو المسابقات القارية إنها تكسب ولا تلعب، فالفريق الذي يملك عزيمة وإصرارا وروحا عالية وتكتيكات فنية معينة يستطيع الفوز بالبطولة، بعيدا عن قوة وأداء لاعبيه وأماكن احترافهم في الدوريات الأوروبية، فالفريق المغربي يملك من الأدوات الفنية واللاعبين ما لا يملكه الفراعنة، كذلك بالنسبة إلى كوت ديفوار.

انتقادات متواصلة

إصرار كبير
إصرار كبير 

وجاء التفوق على هذين الفريقين انطلاقا من مجموعة من المحددات، في مقدمتها الروح العالية التي تسلح بها المنتخب المصري، فإذا كانت أستوديوهات التحليل الرياضي أثرت سلبا على نفسيات بعض اللاعبين، فهي أيضا دفعتهم للتحلي بالعزيمة القوية والتصميم على تحسين الأداء مع اكتساب حساسية اللعب والفوز على فريقين كبيرين.

كما دفعت كيروش إلى التخلي عن طريقة التجريب وتغيير أماكن اللاعبين في هذه البطولة التي لا تحتمل هذا النوع من الرفاهيات الفنية وأجبرته على الاستماع إلى معاونيه المصريين، خاصة أن من بينهم من فازوا بهذه البطولة مع الفراعنة، مثل مدير الكرة وائل جمعة، والمدرب المساعد محمد شوقي، ومدرب حراس المرمى عصام الحضري، وشرح هؤلاء جانبا مهما من الوصفات التي مكنتهم من الفوز سابقا.

كسب الفريق المصري غالبية بطولاته في هذه المنافسة بالروح القتالية التي تحلى بها اللاعبون، وهو ما أسهمت في استرداده أستوديوهات التحليل دون أن تدري أو تدري، لأن الإمكانيات الفنية والبدنية لكثير من الفرق في أفريقيا عالية وما لم يمتلك الفراعنة عزيمة قوية لن يستطيعوا مجاراتها، وأسهم البعد المعنوي في حل جانب معتبر من ألغاز بعض المباريات مع تطبيق تكتيكات تفرض طريقة لعب على الخصم.

'