كيف صمد اقتصاد دول الشرق الأوسط ومنظوماته الطبية في عاصفة كورونا – مصدر24

كيف صمد اقتصاد دول الشرق الأوسط ومنظوماته الطبية في عاصفة كورونا

توقع الخبراء أن تكون تكلفة جائحة كورونا على الاقتصاد في دول الشرق الأوسط باهظة بالنظر إلى تداعياتها على سوق النفط الدولي وقطاعي السياحة والخدمات. وعلى الرغم من أن السنة الأولى من ظهور الوباء كانت صعبة، إلا أنها لم تكن كارثية، فقد أحدثت الوتيرة السريعة للقاحات في دول الخليج على سبيل المثال الفارق وبعثت الأمل في قدرة اقتصاديات هذه الدول على التعافي حتى وإن كان ذلك بنسق متفاوت بسبب الوتيرة المختلفة لتدابير اللقاحات المضادة للمرض، فضلا عن اختلاف سبل التصدي للجائحة على صعيد السياسة المالية.

واشنطن – تعامل الشرق الأوسط، مثل الكثير من دول العالم، مع مرض كوفيد – 19 بشكل أفضل مما كان يخشى كثيرون في البداية.

كانت منحنيات العدوى قد ارتفعت وانخفضت ثم عادت للارتفاع، لكنها لم تتسبب في انهيار منظومة القطاعات الطبية. كما أن الاقتصادات لم تتعرض إلى الانهيار وصمدت الحكومات. ومقارنة بتوقعات العام الماضي، فإن الشرق الأوسط يعتبر في وضع جيّد جدا.

وأشار جون ب. الترمان نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي في تقرير نشره المركز، إلى أن هناك حقيقة مثيرة للقلق تتمثل في أن هناك تباينا كبيرا بين الدول التي كان أداؤها أفضل في التصدي لفايروس كورونا وتلك التي كان أداؤها أسوأ، وأن هذا سيؤدي إلى تقسيم المنطقة بشكل أكثر وضوحا إلى دول غنية وأخرى فقيرة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه بينما من غير المرجح أن يتسبب الوباء نفسه في حدوث انهيار، إلا أنه أحدث دمارا على وجه التحديد في البلدان الأكثر ضعفا. وبالنسبة إلى الكثير من هذه الدول فسوف يلقي الوباء بظلاله على تطورها على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لعدة سنوات قادمة.

وأضاف الترمان، أنه لم يكن من المسلّم به أن الدول الأغنى في المنطقة ستنجو من الوباء على نحو أفضل من معظم الدول الأخرى. فعلى الصعيد الدولي، أدى انخفاض الطلب العالمي على الطاقة إلى تراجع أسعار النفط، مع عدم وجود دلالة واضحة على الطريق للعودة إلى مسار الانتعاش.

جون ب. الترمان: الدول الفقيرة في المنطقة تعتمد على دعم جيرانها الأكثر ثراء

ويعتمد الكثير من هذه الدول أيضا بشكل كبير على السفر، مثل السفر للحج في السعودية، والسياحة العابرة في الإمارات وقطر، غير أن هذا القطاع توقف بين عشية وضحاها تقريبا.

ومع الانتقال من فصل الخريف إلى الشتاء، بدأ التحول في الوضع، حيث أحدثت اللقاحات فرقا كبيرا في دول مثل الإمارات.

وكثفت دول خليجية أخرى جهود التطعيم حيث أعطت البحرين 70 جرعة لكل مئة شخص، وقطر 50 جرعة؛ ونتيجة لذلك، ينخفض منحنى الإصابة في البحرين، فيما ظل معدل الإصابة ثابتا في قطر. غير أن السعودية تأخرت جزئيا في ذلك نظرا إلى حجم الدولة وسكانها، لكنها تلحق بالركب ويشهد منحنى العدوى فيها انخفاضا أيضا.

وبينما كانت كل هذه الدول تخشى أن تتحول التجمعات في شهر رمضان إلى فعاليات من شأنها أن تتسبب في تفشي فائق السرعة للفايروس، فإن الوتيرة السريعة للتطعيمات تبعث الأمل في أن الأسوأ قد أصبح شيئا من الماضي.

ومن جهة أخرى، فإن تعافي أسعار النفط العالمية يعني أن الحكومات لديها وفرة مالية كبيرة لتعزيز الاقتصاد.

لقد كان عاما صعبا بالنسبة إلى كل هذه الدول، لكنه لم يكن عاما كارثيا. وهناك دول أخرى أقل حظا حيث شهد الأردن ارتفاعا في عدد الإصابات في شهر سبتمبر الماضي، ومع وجود قطاع غير رسمي كبير، كانت مهمة الحفاظ على أجور العاملين وتوفير الغذاء لهم عبئا ثقيلا للغاية في ظل قيود صارمة.

ومصر أيضا انفتحت بشكل كبير. ويمضي المصريون في الغالب حياتهم دون قيود. ومن جهة أخرى، فإن التطعيم بطيء للغاية، فقد أعطى الأردن حوالي ثماني جرعات لكل مئة شخص، بينما أعطت مصر أقل من جرعة واحدة لكل مئة شخص.

ولدى الأردن ومصر قطاعات سياحية كبيرة. ويقول البعض إن الآثار المباشرة وغير المباشرة للسياحة تمثل أكثر من 10 في المئة من العمالة وما يصل إلى 20 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في ذروة السياحة.

ونظرا إلى بطء حملات التطعيم في كلتا الدولتين واستمرار معدلات الإصابة المرتفعة نسبيا، فمن الصعب تخيل كيف سوف تستعيد السياحة عافيتها على المدى القريب؟

وبوجه عام، لا تمتلك أي من الدولتين الموارد لتقديم تحفيز اقتصادي للتعويض عن تداعيات كوفيد – 19، وربما تأتي بعض المساعدات من دول الخليج، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط.

وفي العراق، ارتفع عدد الحالات طوال الربيع، وظلت مستويات التطعيم أقل من جرعة لكل مئة شخص.

وشهد اقتصاد العراق انكماشا بنحو 10 في المئة العام الماضي، جراء الضغط الذي شكلته تداعيات كوفيد – 19 وانخفاض إنتاج النفط وبيعه بأسعار منخفضة.

Thumbnail

ولا تزال البلاد تعاني من سياسات داخلية تفتقر للإدارة الجيدة وأصبحت سمة لها، وتفاقمت جراء معارك بالوكالة في البلاد تذكي نيرانها دول مجاورة (إيران تحديدا).

وتعرضت إيران المجاورة لضربة أشد، جراء معاناتها من عدد أكبر من حالات الوباء، وانخفاض عائدات النفط بشكل أكبر، ونظام عقوبات قاس.

وأوضح الترمان أنه من المبكر التكهن بنتائج انتخابات يونيو في إيران، ولكن من الممكن أن تنتصر القوى المحافظة المتشككة بشدة في التعامل مع الغرب، حيث ربما تركب موجة عدم اكتراث عامة الشعب بالانتخابات، الأمر الذي يؤدي إلى جولة جديدة من المواجهة وتقلبات أكبر في أسواق النفط.

ويعاني لبنان من أزمة مالية، حيث يعيش حوالي نصف السكان الآن في حالة فقر، وقد وضع الوباء عبئا ثقيلا على منظومة الرعاية الصحية المتردية بالفعل.

إيران تعرضت لضربة أشد جراء معاناتها من عدد أكبر من حالات الوباء، وانخفاض عائدات النفط بشكل أكبر، ونظام عقوبات قاس

وحوالي 80 في المئة من سكان سوريا فقراء الآن، ويبدو أن مرض كوفيد – 19 ينتشر سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة أو المعارضة. فيما لا يزال اليمن على شفا الانهيار تماما، ويمكن أن تكون لأي انهيار في أي من تلك الدول تداعيات على الشرق الأوسط بأكمله.

وربما تكون هناك صورة مصغرة لانقسام المنطقة في إسرائيل، التي قادت العالم في التطعيمات السريعة، والتي تعتبر ليست بعيدة عن السلطة الفلسطينية، التي يبلغ معدل التطعيم فيها حوالي ثلاثة في المئة.

وبينما تقيّد إسرائيل منذ فترة طويلة دخول الفلسطينيين إلى أراضيها والتزمت بتطعيم أكثر من 100 ألف فلسطيني يعملون في البلاد أو المستوطنات، فإنه يبدو من غير المرجح أن يحترم المرض والبؤس على الجانب الفلسطيني من الخط الأخضر الحدود.

واختتم الترمان تقريره بقوله إن الدول ذات الدخل المتوسط والفقيرة في الشرق الأوسط تعتمد على الدعم من جيرانها الأكثر ثراء في أوقات الشدة. لكن هذه المرة قد يكون الوضع مختلفا، حيث تركز دول الخليج على التعافي المحلي والاستثمارات لمواكبة التحول العالمي القادم للطاقة.

Thumbnail
'