مخاوف في الجزائر من تعطيل تثبيت الشغور الرئاسي – مصدر24

مخاوف في الجزائر من تعطيل تثبيت الشغور الرئاسي

مخاوف في الجزائر من تعطيل تثبيت الشغور الرئاسي

دعوات إلى إعلان دستوري لتسيير المرحلة الانتقالية، وسط توقعات بانسحاب رئيس مجلس الأمة لصالح شخصية توافقية.

يخيّم ترقب شديد على مبنى البرلمان الجزائري، الذي من المنتظر أن يحسم في مسألة الشغور في منصب رئيس البلاد، في ظل الحديث عن توجه بعض الكتل النيابية إلى مقاطعة الجلسة، في حال لم يقدّم رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح استقالته، على خلفية رفضه من قبل الحراك الشعبي، وهو ما يؤدي إلى تعطيل الانتقال للمرحلة الانتقالية والإبقاء على قرار التنحّي معلقا.

الجزائر – تتضارب الأنباء الواردة من المشاورات الحثيثة الجارية داخل قبة البرلمان، لبلورة قرار نهائي بشأن الرئاسة الانتقالية المنتظر الحسم فيها نهار الثلاثاء، لتثبيت حالة الشغور في رئاسة البلاد، بعد قرار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالتنحّي من منصبه.
وتسود حالة من التوجس حول المخرج الذي يحضر له البرلمان للفراغ الرئاسي، بعد دعوة بعض الكتل النيابية التي اشترط حضورها للجلسة بإعلان رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) عبدالقادر بن صالح عن استقالته من منصبه، استجابة لمطالب الشارع خاصة في المسيرة المليونية الأخيرة وهو ما يصطدم مع الدستور.
وتنصّ المادة 102 من الدستور الجزائري، المعدّل في 2016، على “في حالة استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا ويُثبِت الشغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة. وتُبلّغ فورا شهادة التّصريح بالشغور النّهائيّ إلى البرلمان. الّذي يجتمع وجوبا”.
ووفق نفس النص “يتولّى رئيس مجلس الأمّة، مهام رئيس الدّولة، لمدّة أقصاها 90 يوما، تنظّم خلالها انتخابات رئاسيّة، ولا يَحِقّ لرئيس الدّولة المعيّن بهذه الطّريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة”.
وأكدت رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون، على أن كتلتها النيابية التي أعلنت انسحابها من البرلمان خلال الأسابيع الماضية لن تحضر جلسة البرلمان، وهو الموقف الذي تبنّاه تحالف النهضة والعدالة والبناء، الداعي إلى مقاطعة الجلسة، واشتراط انسحاب بن صالح، للحيلولة دون انتقال الرئاسة المؤقتة إليه.

الأزمة السياسية تجاوزت المخارج الدستورية، ولم يعد بالإمكان الذهاب إلى مرحلة انتقالية بالوجوه التي يرفضها الشارع

وكان عدد من نواب جبهة القوى الاشتراكية المعارضة والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، فضلا عن حزب العمال وتحالف النهضة والعدالة والبناء الإسلامي، قد أعلنوا خلال الأسابيع الماضية عن انسحابهم من البرلمان تضامنا مع الحراك الشعبي.
ويذهب معارضون لمسعى المقاطعة والإطاحة ببن صالح، إلى اتهام تلك الأطراف بإطالة أمد الفراغ الرئاسي في البلاد والدفع بها إلى وضع استثنائي، قد يضطر المؤسسة العسكرية إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزما، باعتبارها المؤسسة الوحيدة في الدولة التي لا زالت تحافظ على ثقلها وتماسكها.
ولم يستبعد هؤلاء، وقوف من وصفتهم بـ”الدولة العميقة”، المتمثلة في الظرف الراهن بجهاز الاستخبارات القديم والنواة الصلبة لنظام بوتفليقة، وراء مساعي التعطيل، من أجل تأزيم الوضع أكثر.
وتعمّدت حركة مجتمع السلم الإخوانية، عدم الحسم في موقف كتلتها النيابية، إلى غاية الأحد، حيث ينتظر عقد قيادة الحركة للقاء مع نوابها في المجلس الشعبي الوطني، لبلورة موقف محدّد، وهو ما يتماشى مع تقاليد الإخوان في التعاطي مع الملفات السياسية، وترك حالة الترقب إلى غاية اللحظات الأخيرة.
وأبدى نائب برلماني سابق، عدم تخوفه من اللغط المثار حول مخرج البرلمان لتدارك الشغور الرئاسي، لأن المسألة تتعلق بثلثي الأعضاء فقط، وهو تعداد تؤمنه أحزاب الأغلبية والثلث الرئاسي.
وأفاد مصدر مطلع لـ”العرب”، بأن مسألة انسحاب بن صالح من رئاسة الغرفة البرلمانية الثانية وعدم استلامه للرئاسة الانتقالية، تسير نحو التجسيد، في ظل الضغط الذي يفرضه الشارع، ومطلبه الصريح في المسيرة المليونية الأخيرة، على رحيل ما أسماه بـ”الباءات الثلاث”، وهم بن صالح، ونورالدين بدوي رئيس الحكومة ورئيس المجلس الدّستوريّ الطيب بلعيز.
Thumbnail
وتحدثت افتتاحية صحيفة المجاهد الحكومية والناطقة بالفرنسية، في عددها الصادر الأحد، عما أسمته بـ”ضرورة استخلاف بن صالح، بشخصية توافقية لتسيير مرحلة الانتقال الرئاسي تلبية لمطالب الشارع”، وهي إشارة واضحة إلى استعداد السلطة للتضحية بأحد رجالاتها من أجل تطويق الوضع المتأزم بعدما شارف شهره الثاني.
وقالت الافتتاحية التي تترجم توجها معينا داخل السلطة “يجب إيجاد حل لمسألة رئاسة مجلس الأمة في أقرب وقت على اعتبار أنه غير مقبول من طرف الحراك الشعبي، وأن الأمر ليس مستحيلا، فيمكن إيجاد شخصية توافقية لها مواصفات رجل دولة لقيادة مرحلة انتقالية قصيرة، لأن المهم هو تجاوز الخلافات وعدم الدوران في مكان واحد”.
ورافعت الصحيفة الحكومية، لصالح الحل السياسي، بعد تفاقم التجاذب بينه وبين الحل الدستوري، باعتبار أن الأزمة سياسية تجاوزت المخارج الدستورية، ولم يعد بالإمكان الذهاب إلى مرحلة انتقالية بالوجوه التي يرفضها الشارع.
وقلل أستاذ العلوم السياسية عبدالعالي رزاقي، من حدة المخاوف التي ترفعها بعض الجهات، وذكر بأنه بإمكان المؤسسة العسكرية الذهاب إلى “إعلان دستوري” بالتشاور مع رجال قانون ومختصّين، لتجميد العمل بالدستور الحالي، ووضع بنود محدودة لتسيير المرحلة الانتقالية، لتحقيق المطالب الشعبية التي تتجاوز كل الدساتير والتشريعات والمؤسسات.
وكان وزير النقل مصطفى كورابة، قد ألغى زيارة له في العاصمة تحت ضغط المحتجين، ورفض الإدلاء بأي تصريح للصحفيين، مما يؤكد العزلة التي تعيشها حكومة نورالدين بدوي بسبب رفضها من قبل الشارع.

'