مدن الجزائر تنتفض ضد ولاية بوتفليقة – مصدر24

مدن الجزائر تنتفض ضد ولاية بوتفليقة

مدن الجزائر تنتفض ضد ولاية بوتفليقة

توقعات بأن يناور النظام بإعلان سحب ترشيح بوتفليقة لامتصاص الغضب الشعبي.

الجزائر – أحجمت دوائر السلطة الجزائرية عن التعليق على المسيرات الحاشدة الرافضة لترشيح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى ولاية رئاسية خامسة، واكتفت عشية دعوات التظاهر بالإعلان عن انتقال بوتفليقة إلى جنيف السويسرية الأحد القادم لإجراء فحوصات علاجية دورية.

وجاء الإعلان المبكر عن الفحوصات الصحية، بعدما تعودت مؤسسة الرئاسة على التكتم على الوضع الصحي لرئيس البلاد، مؤشرا على إمكانية انتقال السلطة إلى خطة بديلة لاحتواء موجة الغضب والرفض العارمة، بسحب ترشيح بوتفليقة، وأن الانتقال للعلاج في هذا الظرف الحساس، هو مقدمة لمراجعة أوراقها تجاه الاستحقاق الرئاسي.

وكانت توقعات سابقة، بأن يكون الأحد، يوما خاصا بخروج بوتفليقة في جولة دعائية بالعاصمة، وتدشين المطار الجديد والمسجد الأعظم، إلا أن انتقاله إلى سويسرا للعلاج، يؤجل أجندة الرجل، ويؤكد الشكوك القائمة حول وضعه الصحي الحرج، ويطرح الاستفهامات حول الغموض الذي يكتنف ترشيحه من طرف المحيط الملتف حوله.

وتحدثت تسريبات عن أن بوتفليقة، تم نقله إلى جنيف عشية الإعلان عن النقل (الخميس)، وليس كما أعلن عنه بيان رئاسة الجمهورية (الأحد)، وأن إقامته الصحية في جنيف قد تطول أكثر في ظل الرسائل القوية التي صدرت عن المسيرات الحاشدة المناوئة للولاية الخامسة، وفي ظل غياب شقيقه وساعده الأيمن (سعيد بوتفليقة)، المتواجد هو الآخر خارج البلاد للعلاج، بحسب تسريبات متداولة على ناطق واسع.

وخرجت الجمعة المئات من المسيرات والوقفات الاحتجاجية المنددة بترشيح بوتفليقة، في عموم مدن وبلدات ومحافظات الجزائر، فضلا عن العاصمة والمدن الكبرى، وبصوت واحد نادى المحتجون برفض الولاية الرئاسية الخامسة، ونددوا برموز الموالاة وأحزاب السلطة، خاصة رئيس الوزراء أحمد أويحيى، وجبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم).

وتحركت مسيرة شعبية كبرى في الجزائر العاصمة نحو القصر الرئاسي بالمرادية، في خطوة رمزية للتأكيد على البعد السياسي للاحتجاجات.

وشهدت مدن بجاية وتيزي وزو وعنابة ووهران وقسنطينة والبليدة مسيرات كبرى حضرها عشرات الآلاف من المحتجين، رغم الإجراءات الأمنية المشددة والتعزيزات التي سخرتها القيادات الأمنية للحيلولة دون انزلاق الوضع إلى أعمال عنف أو شغب، وطالب المتظاهرون بـ”رحيل النظام” و”رفض العهدة الخامسة”، وشددوا على الطابع السلمي والحضاري للمسيرات.

وتحدث شهود عيان لـ”العرب” في تيزي وزو وعنابة وباتنة عن أن “المسيرات الشعبية التي انطلقت في وقت مبكر من صباح الجمعة، سادها الهدوء والطابع السلمي، ولم تسجل فيها أي أحداث عنف. كما ساهمت الليونة التي اتسمت بها عناصر الأمن وعدم اللجوء إلى وسائل الردع والتعنيف، في غياب المشادات وأحداث العنف لأول مرة في المسيرات الشعبية التي شهدتها البلاد خلال العشريتين الأخيرتين”.

وذكر مصدر أمني لـ”العرب” أن عناصر الأمن تلقت تعليمات بعدم استعمال السلاح أو العنف ضد المتظاهرين، ولو أنه تمت محاولة التأثير على الشارع بإخراج عدد كبير من الآليات والعناصر ليلة الاحتجاجات، وتوقيف عدد من الناشطين والجامعيين والحقوقيين والإعلاميين، قبيل بداية المسيرات، وذلك في ساحة أول مايو بالعاصمة.

واعتبر نشطاء وسياسيون أن الحراك الشعبي اخترق حاجز الخوف، ورفع سقف المطالب إلى التغيير السياسي ورحيل النظام الحالي، وأن السلطة لن تذعن للأمر الواقع بسهولة.

وفشلت وسائل الدعاية الدينية في إجهاض دعوات التظاهر، إذ لم يقتنع مرتادو المساجد لأداء صلاة الجمعة بخطب تحريم التظاهر والاحتجاج والتحذير من الفتن وعدم الاستقرار، التي أطلقها أئمة المساجد بإيعاز من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، واحتج البعض في مسجد الكوثر بمدينة بجابة، وأحد مساجد ورقلة، بالخروج الجماعي من المسجد وعدم أداء الصلاة.

وأكد الناشط السياسي حميد دراج، في اتصال مع “العرب” أن “المسيرات الاحتجاجية بمحافظة البويرة، انطلقت في ساعات مبكرة من صباح الجمعة، في مختلف بلدات ومدن المحافظة، وتجاوز المحتجون جميع الحزازات السياسية والأيديولوجية، وكان هدفهم الواحد هو تكريس الوحدة الوطنية والشعبية والالتفاف وراء مطلب رفض العهدة الخامسة، والتنديد بالعصابة الحاكمة”.

وأضاف أن “الشارع اخترق جدران الخوف والتهويل والتحذير، وأن الطابع العفوي والسلمي والحضاري أكد كذب أبواق السلطة في نسب الحراك الشعبي إلى الأيادي الخارجية والصهيونية وإلى أسلوب التخويف من سيناريوهات الوضع في ليبيا وسوريا”.

ولمواكبة الحراك الشعبي، التحقت بعض القوى السياسية المعارضة بالاحتجاجات الشعبية في العاصمة، حيث لوحظت بعض الوجوه السياسية وسط المتظاهرين في ساحة أول مايو، والبريد المركزي وساحة الشهداء، على غرار جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد، وزبيدة عسول رئيسة حزب العدل والرقي، والنائب البرلماني الإسلامي حسن عريب، فضلا عن المئات من الحقوقيين والناشطين والمحامين.

'