مستقبل الإعلام العربي على كف روبوت – مصدر24

مستقبل الإعلام العربي على كف روبوت

في ظل التطورات التكنولوجية الهائلة ودخول الروبوتات حلبة العمل الصحافي في عدد من المؤسسات الدولية، يتطلع العاملون في المجال الإعلامي العربي لمعرفة مدى تأثير استخدام هذه التقنيات على مستقبلهم. محمد عبدالظاهر تحدث مع “العرب” حول مخاوف الأفراد والحكومات، ودعا إلى ثورة هيكلية لمواكبة التطورات التي تشهدها صناعة الإعلام.

توقع الصحافي والأكاديمي المصري ومدير مؤسسة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف محمد عبدالظاهر في حوار مع “العرب”، أن يتدخل الروبوت في عمل الصحافي بنسبة تتجاوز 20 في المئة بحلول العام القادم. ويقوم حاليا بنسبة تصل إلى 15 في المئة من المهام الصحافية وإنتاج المحتويات، من حيث تحليل البيانات الضخمة والتسويق، وإعداد تقارير صحافية ونشرها بصورة آلية يوميا.

وأشار عبدالظاهر إلى أن تلك النسب يمكن ملاحظتها بقوة في وسائل الإعلام الأجنبية، لكن على المستوى العربي رأى أن النسبة لا تتجاوز 3 في المئة بحلول العام القادم نتيجة لضعف الإمكانيات البشرية والمؤسسية الخاصة بوسائل الإعلام العربية.

محمد عبدالظاهر: الإعلام العربي بحاجة إلى ثورة هيكلية لمواكبة التطورات

حقبة الذكاء الاصطناعي

تقوم روبوتات الذكاء الاصطناعي بأداء المهام الأساسية، مثل كتابة فقرتين إلى 6 فقرات عن النتائج الرياضية، وتقارير الأرباح الفصلية في وكالة “أسوشيتد برس”. وتعد وكالة الأنباء الكندية واحدة من وسائل الإعلام النادرة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بغرف الأخبار، وطوّرت نظاما لتسريع الترجمات يعتمد على تلك التقنية، وتستخدم وكالة الأنباء الفرنسية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الصور المشوهة.

وأكد عبدالظاهر أن حقبة صحافة الذكاء الاصطناعي تظهر فيها قوة الآلات في صناعة المحتوى الإعلامي وإدارته، ما يتطلب أن يطور الصحافي مهاراته ليتوافق مع نمو تلك الأدوات، لكن ما يقال عن اختفاء العامل البشري غير صحيح، الإنسان المتعلم والمتطور يستطيع أن يفوز على قدرات تلك الآلات.

ورأى أن الاستخدامات الحالية للذكاء الاصطناعي داخل عملية الكتابة والتحرير تتمثل في تحليل بعض البيانات، مثل أسواق المال، الطقس، وتقارير الشركات المالية ثم إعداد تقارير جاهزة حول تلك البيانات.

ووضع الأكاديمي وعضو المجلس الاستشاري لكلية الإعلام والاتصال الجماهيري في الجامعة الأميركية بدولة الإمارات، مفهوما لصحافة الذكاء الاصطناعي بأنها: “كل ما يتعلق بنقل المحتوى الإعلامي للجمهور بأي وسيلة تعتمد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في صناعة هذا المحتوى أو نقله أو إعادة انتشاره أو الحد منه”.

وأوضح أن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصميم كل أدوات الإعلام، بجانب نقل المحتوى عن طريق الروبوت والتصدي للمحتوى الزائف عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي والاعتماد على التسويق الروبوتي للمؤسسات والشركات، جميعها أشكال مختلفة من تداخل الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام.

وأكد عبدالظاهر، الذي عمل في هيئة الإذاعة البريطانية وعدد من المؤسسات الإعلامية الدولية، أن الإعلام العربي بحاجة إلى ثورة في هيكلة مؤسساته بالدرجة الأولى، وخروجها من النمط التقليدي إلى شكل المؤسسات الديناميكية الأكثر حيوية في نقل المحتوى واستخدام التقنيات الحديثة في هيكلة مؤسسات الإعلام.

ولدى عبدالظاهر قناعة بأن وسائل الإعلام العربية تستطيع أن تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي بشرط إعادة هيكلتها، وتغيير الثقافة المؤسسية والإعلامية للقائمين بالاتصال فيها، مع توافر الأدوات والحلول المناسبة لذلك.

واستبعد أن تكون المشكلة داخل وسائل الإعلام العربية مرتبطة بالأوضاع المادية، فهناك العديد من الكيانات الإعلامية لديها إمكانيات مادية ضخمة تفوق العديد من وسائل الإعلام الدولية، ما يتيح لها توظيف أفضل التقنيات الجديدة من الذكاء الاصطناعي وإدماجها في العمل الإعلامي.

وقال، إن العائق الأكبر يتمثل في طبيعة إدارة تلك المؤسسات وعزوف البعض عن فكرة التقدم التكنولوجي والإبقاء على الأطر التقليدية في نقل المحتوى.

مخاوف الحكومات

تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام تضعف من رقابة الحكومات على تدفق المحتوى
تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام تضعف من رقابة الحكومات على تدفق المحتوى

رفض عبدالظاهر أن يُلقي باللوم فقط على العاملين في إدارات المؤسسات الإعلامية، لوجود تحديات خاصة بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات داخل بعض الدول، فهناك دول مازالت تتعثر في العمل مع شبكات الجيل الثالث وأخرى تحلم بالجيل الرابع، ودول قفزت قفزات كبيرة (الإمارات) بدأت في شبكات الجيل الخامس.

وأكد أن نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي بوجه عام يتطلب حرصا بالأساس من الحكومات على إدماج تلك التقنيات في كافة القطاعات، ما يفتح الباب أمام دعم الثقافة الخاصة بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة واستخدامات الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام، على أن يرتبط ذلك بتحرك المؤسسات الإعلامية من مرحلة الصحافة الإلكترونية للمرحلة الرقمية، ثم صحافة الذكاء الاصطناعي.

وقال إن الانفتاح على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام يقابل بمخاوف من قبل الحكومات، لأن طريقة عمل وسائل الإعلام بهذه التقنيات تجعلها في مواجهة خطر تراجع دور “حارس البوابة” أو الرقابة الصارمة على تدفق المحتوى.

وتتيح تلك الأدوات تقديم محتوى مصنوع بصورة آلية ونشره بأسرع الطرق وصولا إلى الجمهور المستهدف في أقل وقت، ما يضعف دور مراقبة المحتوى داخل حدود الدولة.

ويسعى الأكاديمي المصري لاستشراف ثورة الإعلام الجديدة وصناعة مستقبل الإنسان والتوافق مع الآلات، من خلال مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث، وتُعد أول مؤسسة متخصصة في دراسات صحافة الذكاء الاصطناعي، تأسست عام 2018  في الإمارات من قبل مجموعة من الأساتذة والباحثين المختصين في دراسات الإعلام والذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والعلوم الإنسانية.

وذكر عبدالظاهر أن المؤسسة استفادت من تواجدها في الإمارات، لأنها النموذج العربي الأكثر تطورا في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن المقرر أن تعقد المؤسسة “المنتدى العالمي لصحافة الذكاء الاصطناعي المنصة الرائدة عالميا في تصميم مستقبل الإعلام والإنسان 2050‎” خلال شهر مارس المقبل.

نهاية عصر الرقابة

Thumbnail

أشار الباحث الأكاديمي إلى أن المنتدى يستهدف استشراف حقبة صحافة الذكاء الاصطناعي وصحافة الجيل السابع، من خلال عرض تجارب حقيقية لوسائل إعلام دولية، لاستخدام التقنيات المتطورة في عمليات التحرير والكتابة، وتحليل البيانات، وكشف الأخبار الزائفة، واستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتحليل البيانات الضخمة، وصحافة البيانات، وغيرها من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة ذات الصلة بالإعلام.

وذهب عبدالظاهر، الذي صمم أول نموذج عالمي في الاتصال لصحافة الذكاء الاصطناعي ويحمل اسمه، للحديث عن حقبة جديدة سوف يمر بها الإعلام وهي “صحافة الجيل السابع”، وتوقع أن تظهر في الفترة ما بين أعوام 2035 وحتى 2040، وتعتمد على تقنيات شبكات الجيل السابع في الإنترنت والاتصالات والتي سوف تكون أسرع من شبكات الجيل الخامس بالآلاف من المرات.

وتتوافق تطورات صناعة الإعلام مع تقنيات الثورة الصناعية الخامسة، وقد تختفي المؤسسات الإعلامية بشكلها التقليدي وتتحول إلى الملايين من المراكز المعلوماتية المنتشرة حول العالم، مع انتشار شبكات الجيل السابع التي تغطي كل نقطة على الكرة الأرضية، السماء والأرض وتحت البحار بشبكات إنترنت قوية تعمل دون انقطاع.

وسوف تقوم صحافة الجيل السابع على الإسهامات الفردية والاتصالات المباشرة بين البشر عبر شرائح إلكترونية في ظل غياب محطات التلفزيون والراديو والمنصات الإخبارية، وتطبيقات الهواتف الذكية، لتحل محلها صور ومحتوى تلقائي يبث من محطات مركزية وأقمار اصطناعية متعددة، وتعمل عبر موجات كهرومغناطيسية ذكية يلتقطها الجمهور عبر شرائح مثبتة لدى كل فرد، ومن خلال إنترنت الأجسام الذي سيعدّ أفضل طرق التواصل في ذلك الوقت.

وسوف تصبح تلك الشرائح أكثر سرعة وقدرة على نقل الملايين من البيانات خلال الدقيقة الواحدة، ولكل شخص الحق في تعديل وتحرير المحتوى وإعادة توزيعه بطريقة آلية دون الحاجة إلى رقابة أو حدود تضعها الدول والحكومات، وسوف تكون مهمة الصحافة الأساسية في ذلك الوقت استشراف الأحداث وصناعة الخبر قبل حدوثه.

وتوقع الأكاديمي المصري، أن تغير صحافة الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الخامسة من شكل وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ستأخذ تدريجيا في الاختفاء بشكلها التقليدي خلال أقل من خمس سنوات لتظهر أشكال جديدة تتوافق مع تقنيات شبكات الجيلين الخامس والسادس ومع طبيعة الوسائل والأدوات التكنولوجية التي تستخدمها تلك الشبكات.

'