مسقط تتعاطف مع طهران حفاظا على التوازن التقليدي في العلاقات الإقليمية – مصدر24

مسقط تتعاطف مع طهران حفاظا على التوازن التقليدي في العلاقات الإقليمية

مسقط- بدا أن سلطنة عمان وهي تُظهر تعاطفها مع إيران إثر مقتل أحد كبار علمائها والقيادي البارز في مشروعها النووي بصدد الحفاظ على سياسة التوازن في علاقتها بكل من طهران والعواصم الخليجية، وذلك بعد تكهّنات بحدوث تغييرات في السياسة الخارجية للسلطنة في عهد السلطان هيثم بن طارق، باتجاه تقارب أكبر مع بلدان الخليج على حساب العلاقة التقليدية القوية مع إيران، وذلك بدافع الحاجة لمساعدات اقتصادية لا يمكن لمسقط أن تجدها لدى طهران المأزومة بدورها جراء العقوبات الأميركية الشديدة التي تضافرت مع جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط.

ونقلت وكالة الأنباء العمانية في منشور عبر تويتر أنّ وزير الخارجية بدر بن حمد البوسعيدي أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني محمد جواد ظریف “أعرب خلاله عن تعازي السلطنة في مقتل العالم الإيراني محسن فخري زاده وإدانتها لهذا العمل وكل ما يتنافى والقوانين الإنسانية والدولية”.

ومن جهتها نقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” عن الدائرة الإعلامية بوزارة الخارجية أن الوزير العماني أكد خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني أنّ “الإرهاب بجميع أشكاله أمر مرفوض”.

وأضافت أنه أعرب عن تعاطفه مع الحكومة والشعب الإيرانيين لهذا الحادث المرير. وأعلنت إيران، الجمعة، اغتيال زاده في استهداف سيارة كانت تقله قرب طهران، متهمة كلا من إسرائيل والولايات المتحدة باغتياله.

وطيلة السنوات الماضية التي شهدت فيها العلاقات بين إيران وعدد من دول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية تجاذبات قوية وصلت حدّ القطيعة بسبب ما تعتبره تلك الدول سياسات إيرانية مهدّدة لاستقرار الإقليم وتقوم على التدخّل في شؤونه الداخلية، واصلت سلطنة عمان في عهد السلطان السابق قابوس بن سعيد بناء علاقات قوية مع إيران والحفاظ عليها رغم مختلف التقلّبات واشتداد الصراعات التي تخوضها طهران مع بلدان إقليمية وحتى قوى دولية.

ومع مجيء السلطان الجديد هيثم بن طارق بدأت السلطنة بعملية تطوير لسياساتها سواء الداخلية أو الخارجية حيث بدت مسقط أكثر إيجابية تجاه عواصم الخليج ولم تتردّد في التحرّك صوبها ضمن جهودها لتجاوز الأزمة المالية التي تواجهها، وهو ما تجلّى على الأقل في  اختيار الحكومة العمانية الاستعانة ببنك أبوظبي الأول أكبر بنك إماراتي لترتيب قرض سعت عمان للحصول عليه من الخارج.

ومما شرّع للمراقبين توقّع تغييرات في السياسة الخارجية لعمان إقالة يوسف بن علوي من منصب وزير الشؤون الخارجية وتعيين بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي بدلا عنه.

طيلة السنوات الماضية التي شهدت فيها العلاقات بين إيران وعدد من دول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية تجاذبات قوية وصلت حدّ القطيعة

ويرى متابعون للشؤون الخليجية أنّ علاقات عمان بإيران، رغم أنّها تبدو على سبيل المثال مضادة لمواقف الولايات المتحدة الحليف الكبير للسلطنة، إلاّ أنّها لعبت دورا وظيفيا تمثّل في قدرة مسقط من خلال حفاظها على تلك العلاقات على الوساطة بين طهران وعدة عواصم غربية بما في ذلك واشنطن.
واتّضح ذلك بالفعل خلال المحادثات التي أفضت سنة 2015 إلى توقيع اتفاق بشأن البرنامج النووي لإيران بين الأخيرة والقوى العالمية الستّ بقيادة الولايات المتّحدة.

ويقول هؤلاء إنّ دور العلاقات بين عمان وإيران قد يتجدّد هذه الأيام إذا تحتّمت الحاجة للتهدئة التي دعت إليها عدة جهات دولية من بينها الأمم المتحدة، لتجنّب ما يمكن أن ينجم عن ردّ إيراني متهوّر على عملية اغتيال العالم النووي.

'