مسقط تحتضن جائزة الآغا خان للموسيقى – مصدر24

مسقط تحتضن جائزة الآغا خان للموسيقى

مسقط – انتظمت مساء السبت أعمال الدورة الثانية لجائزة الآغا خان للموسيقى لعامي (2020 – 2022) وهو حفل تتويج الفائزين، بدار الفنون الموسيقية بدار الأوبرا السلطانية مسقط. وتضمن الحفل جملة من الفقرات أهمها تقديم للدكتورة فيروز نيشانوفا مديرة برنامج الآغا خان للموسيقى، وعرض مجموعة أفلام متنوعة قدمت رؤية حول مسيرة الفنانين المكرمين وخدمتهم للموسيقى عربيا وعالميا، وهم الموسيقي العُماني مسلم بن أحمد الكثيري والهندي ذاكر حسين، بمشاركة استعراضية للمشاركين في هذه الدورة.

وألقى جمال بن حسن الموسوي كلمة سلطنة عمان أشار فيها إلى أن السلطنة تبذل جهودا مقدرة في جعل الثقافة قاسما مشتركا بين الشعوب من خلال تعريف العالم بما تزخر به من ثراء ثقافي ومعرفي عبر الفعاليات الثقافية التي تضطلع بها أو تشارك فيها والمقامة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني بمختلف مشاربه الثقافية والاجتماعية.

وأضاف “تأتي استضافة سلطنة عُمان لجوائز الآغا خان للموسيقى في نسختها الثانية في إطار مد جسور التواصل والصلات بين مختلف شعوب العالم وتعزيز التعاون المشترك عبر تفعيل قنوات التواصل الثقافي على كل مستوياتها الرسمية والمجتمعية”.

 

 جائزة الآغا خان للموسيقى أسسها الآغا خان في عام 2018 وتُدار من قبل لجنة توجيهية يشترك في رئاستها الآغا خان وشقيقه أمين آغا خان وأعضاء آخرون

وأوضح أن التراث الموسيقي لسلطنة عُمان يعود إلى فترة ما قبل التاريخ من خلال أقدم آلة موسيقية مكتشفة بموقع رأس الحد الأثري، يمكن مشاهدتها بالمتحف الوطني بقاعة التراث غير المادي، تدل على الأهمية التي توليها سلطنة عُمان للتجربة الموسيقية.

كما قال أمين آغا خان “إن وجودنا في سلطنة عُمان له بُعد رمزي عميق، إذ إنه يحتفي لا بالإبداع الفني والأكاديمي الملهم وحسب، بل بما للموسيقى والموسيقيين من المرونة الصامدة والرسوخ في الأوقات الصعبة، وسلطنة عُمان تولي الفنون مكانة مركزية، وتتيح لفنون العرض والأداء المنبثقة من الثقافات الشرقية والغربية فرصة تلاقٍ، يشهد لها هذا الصرح المعماري الرائع الذي يجمعنا هنا الآن”.

وأضاف “كان لكبار الفلاسفة العرب في العصور الوسطى، وكثر من بينهم كانوا من أصحاب النظريات الموسيقية وحتى من أصحاب الموهبة الموسيقية، فهم عميق لقدرة الصوت على التأثير في النفس والأحاسيس البشرية. ونحن ورثنا معرفتهم هذه، ونعيد تأكيد ذلك هنا هذا المساء، من خلال تلاقينا معا لنعيش جماعيا اختبار الصوت الحي المباشر، المصقول والمؤدى أداء رائعا في قدرته على مخاطبة أحاسيسنا وأحلامنا”.

وقال “لقد أثبت الفائزون الذين تم اختيارهم لنيل الجوائز هذا العام جميعهم التزاما قويا بالخدمة الاجتماعية على أنواعها، وفي صدارتها العمل التربوي، فعلى مر التاريخ قام العديد من مدرسي الموسيقى المشهورين بالتدريس وكانوا مثالا يُحتذى في العديد من التقاليد الموسيقية التي ازدهرت عند المسلمين”.

ويبيّن “قبل عامين ونصف، تحدثت في حفل توزيع جوائز الموسيقى الأول في لشبونة بالبرتغال، وأشرت إلى رغبتنا وطموحنا إلى أن تكون جوائز الآغا خان للموسيقى بمثابة حافز لمشروعات مستقبلية تنهل من النسيج الغني للتراث الموسيقي الإسلامي، في حرص على تجاوز حدود الزمان والمكان والثقافة، وعلى تمثل تقاليد التراث الأخرى وخصائصها، لإيجاد صوت تعددي يمكن، حاضرا، أن يكون عالميا”.

 

ثراء موسيقي ضارب في القدم
ثراء موسيقي ضارب في القدم

 

وتم تقديم جائزة إنجاز العمر إلى الهندي ذاكر حسين، ومنح جائزة خاصة لـLifetime Achievement تقديرا لنموذجه البارز للموسيقى المستنيرة عبر الثقافات التي رفعت مكانة الطبلة في الهند وحول العالم من خلال جولات الحفلات الموسيقية واللجان والتسجيلات وعشرات من الأفلام.

وصرح ذاكر حسين الفائز بجائزة إنجاز العمر “لقد زرت سلطنة عمان في عام 1976 وقد تطورت كثيرا خلال هذه الفترة وأنا سعيد لقدومي مجددا ورؤية الكثير من التغييرات”، مضيفا “الحصول على مثل هذه الجوائز من إحدى المنظمات الكبيرة يجب ألا يجعل الفنان ينغلق على نفسه باعتقاده أنه وصل إلى قمة الهرم”.

وأوضح أن ما تقوم به الجائزة هو أنها تعطي الرابح دفعة معنوية تبين له أنه على الطريق الصحيح وأن عليه المتابعة على هذا النهج في محاولة للوصول إلى الكمال، وأشار ذاكر حسين إلى أن جائزة الآغا خان تدعم الإبداع وأنه يشعر بالامتنان لحصوله على هذه الجائزة وهي تعني له الكثير.

 

 السلطنة تبذل جهودا في جعل الثقافة قاسما مشتركا بين الشعوب من خلال تعريف العالم بما تزخر به من ثراء ثقافي عبر الفعاليات التي تضطلع بها أو تشارك فيها

ومن جانبها، أكدت الإندونيسية بيني كاندرا ويني في حديث خاص لها وهي واحدة من الحاصلين على جائزة الآغا خان للموسيقى، على أن هذه الجائزة ذات معنى كبير لها إذ تعد هذه المرة الأولى التي تحظى فيها بشرف الفوز بجائزة على مستوى عالمي. وأوضحت أن هذه الجائزة تعد أمرا في غاية الأهمية لثقافتها لأن الموسيقى لها مكانة خاصة جدا لجيلها والبيئة التي تنحدر منها، مشددة على أهمية أن يظهر أبناء جيلها المزيد من الالتزام والعناية بالثقافة والموسيقى.

تجدر الإشارة إلى أن جائزة الآغا خان للموسيقى أسسها الآغا خان في عام 2018 وتُدار من قبل لجنة توجيهية يشترك في رئاستها الآغا خان وشقيقه أمين آغا خان وأعضاء اللجنة الآخرون وهم آرا غوزليميان المستشار الخاص والنائب الفخري في كلية جويليارد والمدير الفني والتنفيذي لمهرجان أوجاي للموسيقى، والسير جوناثان ميلز مدير قمة إدنبرة للثقافة الدولي، وجوزيف ميليللو المنتج التنفيذي والأستاذ الفخري بأكاديمية بروكلين للموسيقى (BAM)، وسليمة هاشمي الأستاذة الفخرية بجامعة بيكونهاوس الوطنية، وشمش قاسم لاكا رئيس مجلس الأمناء بجامعة آسيا الوسطى (UCA)، وظيبة رحمن كبيرة مسؤولي البرامج في مؤسسة دوريس ديوك للفنون الإسلامية.

وبإلقاء نظرةٍ على العديد من الجوائز الموسيقية في العالم، يظهر عدم تركيز أي من الجوائز الحالية على الموسيقى والشعر التعبدي، والموسيقى الكلاسيكية الأصيلة، والموسيقى الشعبية التقليدية، والموسيقى المعاصرة المستوحاة من التقاليد والتي ازدهرت في ثقافاتٍ شكلها الإسلام، وهو ما تسعى الجائزة لتجاوزه.

وتجسد هذه الأنواع والأساليب الموسيقية الدور التقليدي للموسيقى كمصدر للتنوير الروحي والإلهام الأخلاقي والترابط الاجتماعي. وفي الوقت الذي بات فيه تعزيز التسامح والتعددية من أبرز الأولويات العالمية، تعتبر الموسيقى من الطرق المثيرة للوصول إلى الجماهير العالمية والتشارك معها.

'