مسقط تدشّن جولة إصلاحات اقتصادية لتحفيز الاستثمار – مصدر24

مسقط تدشّن جولة إصلاحات اقتصادية لتحفيز الاستثمار

دشّنت سلطنة عُمان جولة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية لتحفيز الاستثمار وتعزيز جاذبية مناخ الأعمال، حيث أقرت خفض الضريبة على الدخل بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة ومدّدت إقامة المستثمرين الأجانب في ظل جهود الحكومة لتنويع الإيرادات على أسس مستدامة في إطار رؤية 2040.

مسقط – أقرّت الحكومة العمانية تسهيلات جديدة لتحفيز مناخ الأعمال بخفض الضريبة على الشركات وتمديد إقامة المستثمرين الأجانب، حيث تركز مسقط على تنويع مصادر الدخل خارج مربع النفط الذي يشهد تقلّبات بفعل الوباء.

وقال التلفزيون العماني الرسمي، الثلاثاء، إن السلطنة ستخفض ضريبة الدخل للشركات الصغيرة والمتوسطة لعامي 2020 و2021، بهدف التنويع الاقتصادي والتي سيبدأ العمل بها هذا العام، كما ستمنح إقامة لمدة طويلة للمستثمرين الأجانب.

وهذه الإجراءات التي أُعلن عنها في وسائل الإعلام الحكومية، هي جزء من رؤية عمان 2040 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط الذي يشكل الجزء الأكبر من إيرادات الدولة.

وسلطنة عُمان من أضعف الاقتصادات في منطقة الخليج وتضررت بشدة من جائحة فايروس كورونا وانخفاض أسعار النفط.

وقال صندوق النقد الدولي الشهر الماضي إن اقتصادها من المرجح أن ينكمش 6.4 في المئة في 2020 وأن يتعافى بشكل متواضع إلى نمو 1.8 في المئة هذا العام.

وأكدت السلطنة أيضا أنها ستخفض الإيجارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم والمناطق الصناعية حتى نهاية 2022.

وقالت إن منح إقامات لمدد أطول للمستثمرين الأجانب سيتم “وفق ضوابط وشروط محددة سيعلن عنها لاحقا بعد استكمال تدارسها من قبل مجلس الوزراء إلى جانب حوافز تتعلق بسوق العمل”.

هيثم بن طارق: لتحقيق رؤية 2040 اعتمدنا استراتيجية للتنمية العمرانية
هيثم بن طارق: لتحقيق رؤية 2040 اعتمدنا استراتيجية للتنمية العمرانية

ونقل التلفزيون الرسمي عن السلطان هيثم بن طارق آل سعيد قوله، إن “مجلس الوزراء اعتمد أيضا استراتيجية طويلة الأمد للتنمية العمرانية تعتبر ممكنة أساسا لتحقيق رؤية عمان 2040”.

وتسعى السلطات إلى تبسيط الإجراءات والتصاريح المتعلقة بالأنشطة التجارية في بعض القطاعات وجذب الاستثمارات المحلية والخارجية، إضافة إلى تعزيز القيمة المحلية المضافة وتشجيع المنتجات الوطنية وتعزيز الصادرات.

وخلال السنوات الأخيرة كثفت مسقط تحركاتها لإصلاح الاقتصاد على أكثر من جهة، حيث أنشأت العام الماضي كيانا لجمع كافة أصول الدولة المشتتة بين عدة صناديق استثمار ووزارة المالية قفزة عملاقة نحو إدارة الاقتصاد على أسس مستدامة لمواجهة التحديات المستقبلية التي فرضتها عدة عوامل متداخلة.

وأكد محللون أن هذه الخطوة تشير بوضوح إلى أن إدارة أصول الدولة على النمط القديم لم تعد ذات جدوى خاصة في ظل الظروف التي يعيشها أحد أضعف اقتصادات منطقة الخليج العربي.

واستغل السلطان هيثم الصدمات المزدوجة للوباء وانهيار أسعار النفط ليُوصل إلى العمانيين رسائله التي يفيد مضمونها بأن وقت التغيير قد حان.

ومن بين الإصلاحات التي يريد القيام بها الإمعان في التقشف بهدف تطويق مخلفات فترة الرخاء وتضخم الإنفاق في القطاع الحكومي. وقدّم مثالا على التضحية عن طريق خفض ميزانية أسرته الخاصة.

ويرى محللون أن سياسة الانفتاح الاقتصادي وتحفيز الاستثمار في السلطنة حرصت على الحفاظ على مصالح العمانيين، وهو ما يؤكد حظر الاستثمار الأجنبي في القطاعات الصناعية الحيوية التي تشكل رافدا للاقتصاد ومصدرا للوظائف بالنسبة إلى العمانيين.

وكانت السلطنة قد حظرت الاستثمار الأجنبي في أنشطة صناعة الحلوى العُمانية وصناعة الخناجر العُمانية، والبيع بالتجزئة في المتاجر المتخصّصة للخناجر العُمانية، وغيرها من القطاعات بهدف حماية المنتج المحلي ومشاريع ريادة الأعمال في ظل الأولوية التي تمنحها الحكومة لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ولا تمتلك عُمان احتياطيات مالية كبيرة مثل جاراتها الثرية، إذ يقدر إجمالي حجم أصول أكبر صندوقين للثروة السيادية فيها بنحو 20 مليار دولار.

وكانت السلطنة قد أصدرت تشريعات أخرى لتهيئة المناخ العام قبل إقرار هذه الضريبة وذلك من خلال القوانين المحفزة للاقتصاد، كقانون الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وقانون الاستثمار، وقانون الإفلاس.

وفي نفس السياق كانت السلطنة قد حصدت أشواطا متقدمة في اتجاه الاستفادة بشكل أكبر من السياحة، حيث أقرت في وقت سابق حزمة من الإعفاءات الضريبية لتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.

Thumbnail

وتعتبر السياحة أحد أفضل القطاعات غير النفطية نشاطا، ولذلك تسعى مسقط للحصول على حصة من هذه الصناعة الآخذة في النمو بتعزيز دورها في الاقتصاد المحلي.

ولدى المسؤولين قناعة بأن تمكين القطاع الخاص من تعزيز حضوره في هذا المجال سيخفف أعباء التنمية عن كاهل الدولة كي تتفرغ لمهام الرقابة والتشريع ووضع السياسات والاستراتيجيات التنموية.

وتسارعت وتيرة جهود الدولة الخليجية لوضع اللمسات الأخيرة لتنفيذ أكبر برنامج للتحوّل الاقتصادي في تاريخها، من أجل الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط وفق رؤية تمتد حتى 2040، وتركز على تنويع مصادر الدخل وإيجاد مصادر بديلة لإيرادات الموازنة.

وتهدف الرؤية إلى تطوير كافة مناحي الحياة بتنويع مصادر الدخل والابتعاد تدريجيا عن الاعتماد على صادرات الطاقة، مع تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد.

والتحقت مسقط بركب جيرانها في الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، في السير في هذا الدرب خاصة بعد أن تضررت موازنتها في السنوات الأربع الماضية، جراء تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية.

ورغم طرقها الأسواق المالية، حيث باعت سندات بثلاثة مليارات دولار في يوليو العام الماضي، يظل المركز المالي لعُمان ضعيفا وتصنف وكالات التصنيف الائتماني دينها بأنه “عالي المخاطر”.

وتقدر وكالة ستاندرد آند بورز أن الدين العُماني زاد إلى نحو 49 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قياسا بنحو 5 في المئة في 2014.

'