مشاورات سياسية لتطويق أزمة الحزب الحاكم في تونس – مصدر24

مشاورات سياسية لتطويق أزمة الحزب الحاكم في تونس

مشاورات سياسية لتطويق أزمة الحزب الحاكم في تونس

استفحال الأزمة داخل الحزب الحاكم في تونس يستدعي تدخل الرئيس الباجي قائد السبسي الذي يتحرك على أكثر من جبهة لتطويق الخلافات.

تونس – يتحرك الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على أكثر من صعيد لاحتواء الأزمة الداخلية لحزب نداء تونس الحاكم، بعد أن توسّعت الأزمة من انشقاقات نواب عن الحركة إلى خلافات علنية بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد المنتمي إلى النداء ونجل الرئيس حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي للحزب.

ويعيش حزب نداء تونس صراعا داخليا قويا بين جناحه البرلماني المتمسك بالشاهد لمواصلة قيادة المرحلة التوافقية، والإدارة التنفيذية للحزب بقيادة حافظ قائد السبسي، الباحث عن بديل جديد. واستدعت هذه الأزمة تدخل الرئيس التونسي باعتباره رئيس الحزب أيضا.

وفي الوقت الذي استقبل فيه الجمعة الماضي بقصر قرطاج رئيس الحكومة، فقد وجّه الرئيس التونسي دعوة أيضا إلى كل أعضاء الكتلة البرلمانية لحركة النداء للاجتماع في قصر قرطاج الثلاثاء القادم.

كما التقى السبسي مؤخرا 5 نواب من النداء هم شاكر العيادي ولمياء مليح ورضا شرف الدين والمنجي الحرباوي ولطفي النابلي في مناسبتين، وهم من المحسوبين على شق المدير التنفيذي للحزب.

ويشير مراقبون إلى أن السبسي يحاول تطويق الخلافات الداخلية للحزب التي عمقت الأزمة السياسية في البلاد رغم تصعيده الأخير ضد الشاهد، حين دعاه إلى الاستقالة إذا استمرت الأزمة في البلاد أو طلب تجديد الثقة من البرلمان، ليسحب بذلك دعمه لرئيس الحكومة. واشتدت خلافات حزب نداء تونس الذي يتولى فيه حافظ قائد السبسي منصب المدير التنفيذي للحزب تنديدا بإدارة الحكومة للأزمة الاقتصادية.

واتهم الحزب في بيان له في مايو الماضي حكومة الشاهد بالفشل، وقال إن “الحكومة الحالية تحوّلت إلى عنوان أزمة سياسية ولم تعد حكومة وحدة وطنية.” فيما اعتبر حافظ قائد السبسي أن حكومة يوسف الشاهد “لم تعد تمثل حزبه”. وكان رد الشاهد باتهام نجل الرئيس بتدمير الحزب الحاكم وتصدير أزمته لمؤسسات الدولة.

ويشير مراقبون إلى أن الرئيس التونسي يحاول إنقاذ صورة حزبه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2019، خاصة وأن أزمة النداء أثرت على شعبية الحزب التي كشفتها نتائج أول انتخابات محلية بعد ثورة يناير التي كانت لصالح حزب النهضة الإسلامي شريك النداء في الحكم.

واعتبر هشام الحاجي، الباحث التونسي في تصريحات صحافية، أن الأزمة التي تعيشها حركة نداء تونس مرتبطة بالاستحقاق الانتخابي المقبل. وقال إن “الحركة تأسّست في 2014 لأهداف انتخابية بحتة للأسف ولا تستطيع تجاوز ظروف النشأة لتؤسس لبرامج سياسية تستبطن قدرة على تجاوز هذه الوضعية”.

وفسّر الحاجي الصراع الدائر بين المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد بالرغبة في السيطرة على الآلة الانتخابية للحزب حتى يترشح باسمها لانتخابات 2019.

الصراع الدائر بين المدير التنفيذي للحزب حافظ قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، مرده الرغبة في السيطرة على الآلة الانتخابية للحزب حتى يترشح باسمها لانتخابات 2019

واستنتج مراقبون أن جهود الرئيس التونسي لتطويق أزمة النداء مردها مواجهة الأزمة داخل الحزب، حيث تحاول شخصيات منشقة سابقا العودة إلى الحزب ووجدت في الصراع المعلن بين الرجلين المنفذ لهذه العودة.

وفي المقابل دخلت حركة النهضة على الخط وأعلنت دعمها للشاهد، وهو ما رآه نواب في النداء بمثابة مناورة تدعم حظوظ الشاهد في البقاء على رأس الحكومة، فيما يدير بها الأخير ظهره لحزبه نداء تونس.

ويجمع مطلعون على الشأن التونسي على أن الاقتراع الرئاسي المقبل يؤجج الصراعات السياسية، بما في ذلك الأزمة المندلعة في صفوف نداء تونس. واستنكرت أحزاب معارضة تونسية حياد الأزمة في البلاد عن مسارها الحقيقي من أزمة اقتصادية إلى أزمة سياسية بسبب صراع محموم على المنصب الرئاسي القادم.

وطالبت هذه الأحزاب بضرورة قدوم رئيس الحكومة إلى البرلمان وطلب تجديد الثقة في حكومته.

وقال النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي، إنّ أكثر من 60 نائبا بالبرلمان قد أمضوا على العريضة للمطالبة بقدوم رئيس الحكومة إلى البرلمان وعَرض تجديد الثقة في حكومته. وبيّن في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية السبت، أنّ هذه العريضة السادسة التي يتم تداولها بين النواب منذ بداية يوليو الجاري.

وهذه العريضة هي بمثابة دعوة وليست لائحـة لوم، وهي مبادرة تقدّمت بها  المعارضة (الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطيّة) لاقتناعها بضرورة إيجاد حل يمنع استمرار الأزمة السيـاسيّة الخانقة التي تمرّ بها البلاد وبالنظر إلى أنّ مجلس نواب الشعب هو السلطة الأصلية التي بإمكانها منح الثقة وسحبها في إطار ممارسة صلاحياته.

ولفت الشواشي إلى أنّ الهدف من هذه الدعوة هو “مطالبة رئيس الحكومة ورئيس البلاد بتحمّل مسؤوليتهما إزاء الأزمة التي تمرّ بها تونس وتفعيل الآليات الدستورية”.

واعتبر أنّ استمرار الأزمة السياسية يعمق الأزمة الاقتصادية ويزيد حالة الاحتقان الاجتماعي الذي سيؤديّ إلى حالة من الانفلات وعدم الاستقرار على جميع المستويات خاصة منها الأمنيّة، كما يعرقل مسار الانتقال الديمقراطي.

وقال إنّ رئيس الحكومة رفض دعوة النواب للمثول أمام البرلمان لطلب تجديد الثقة في حكومته من جهة كما رفض الحضور خلال جلسة حوار لاستعراض أوضاع البلاد من جهة أخرى رغم أنّها تتنزّل في إطار ممارسة البرلمان لصلاحياته الرقابيّة وفي ظل ما يفرضه النظام الداخلي.

وتابع الشواشي “رئيس البلاد يرفض كذلك الحضور إلى البرلمان والاستماع لمداخلات النواب رغم أنّ هذا الإجراء يفرضه الفصل 151 من النظام الداخلي للبرلمان والذي ينصّ على حضور رئيس البلاد لعرض طلبه مفصّلا ومعللا إلى جانب حضور رئيس الحكومة وكافة أعضاء حكومته”.

وتواجه الحكومة الحالية التي استلمت مهامها قبل عامين خلافات مع عدد من أحزاب الائتلاف الحكومي والاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية الأزمة الاقتصادية والإصلاحات التي شملت عدة قطاعات.

'