مشروع تطوير مدينة جدة يزعج سكان العشوائيات – مصدر24

مشروع تطوير مدينة جدة يزعج سكان العشوائيات

تعمل السعودية على تطوير وسط مدينة جدة والتخلص من العشوائيات لإثراء برنامجها السياحي خاصة وأن المدينة المطلة على البحر الأحمر تشكل بوابة مكة وفيها مطار استقبال الحجاج، إلا أن هذا المشروع يواجه الانتقادات من قبل سكان هذه المناطق رغم وعود الحكومة بالتعويض لهم بمساكن بديلة خلال العام الحالي.

جدة (السعودية) – يستكمل الطبيب السعودي عبدالله سداد قرض شخصي حصل عليه لبناء منزل على أرض يمتلكها رغم أنّ جرافات أزالت بيت أحلامه في جدّة ضمن مخطط لتطوير المدينة الساحلية يقول هو إنّه حوّل حياته إلى “جحيم”.

وجاء هدم بيته في إطار مشروع كلفته 75 مليار ريال (20 مليار دولار) يتضمّن عمليات هدم وبناء تؤثر على نحو نصف مليون شخص في ثاني أكبر مدن البلاد، ما يثير غضبا يتفجّر على وسائل التواصل الاجتماعي في ظاهرة نادرة في المملكة.

ووعدت الحكومة السعودية بتعويض الأسر، وأعلنت في فبراير الماضي أنها ستستكمل بناء 5 آلاف وحدة سكنية بديلة بحلول نهاية العام.

وأطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مشروع “تطوير وسط جدة” بهدف التخلص من “العشوائيات”، على أن يتضمّن بناء دار أوبرا وملعب رياضي ومتحف في المدينة المطلة على البحر الأحمر.

الحكومة السعودية تعد بتعويض الأسر، معلنة أنها ستستكمل بناء 5 آلاف وحدة سكنية بديلة بحلول نهاية العام

وتعجّ شوارع جدة في غرب المملكة بالخرسانات والمعادن الملتوية جراء إزالة الآلاف من المنازل. واتّهم عدد من السكان الحكومة بتدمير أحياء طبقة عاملة تشمل سكانا من العشرات من الجنسيات في مدينة تعتبر منفتحة إلى حد بعيد في البلد المحافظ.

ويقول الطبيب عبدالله وهو أب يبلغ 45 عاما “صرنا غرباء في مدينتنا. نشعر بمعاناة ومرارة”.

وكان عبدالله الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من ملاحقة السلطات، حصل في 2007 على قرض شخصي مصرفي لمدة 30 عاما مقابل رهن أرض يمتلكها واستخدم المال لبناء منزل في حي النزلة (جنوب) على أن يسدد نحو 1500 ريال (400 دولار) شهريا لثلاثين عاما.

ويضيف عبدالله الذي اضطر لاستئجار منزل “ما حدث هو أكبر صدمة في حياتي. الوضع مأساوي كالجحيم ولا يمكن وصفه”.

وتوقّفت عمليات الهدم خلال شهر رمضان الذي ينتهي في مطلع مايو المقبل.

ولم يرد مسؤولون في جدة على طلبات وكالة فرانس برس للتعليق على المشروع.

وتعدّ جدة التي تعرف بأنها “بوابة مكة” كونها تضم مطارا يقصده الحجاج المتجهون إلى المدينة المقدسة لدى المسلمين على بعد نحو 100 كيلومتر مركزا سياحيا حيويا تنتشر فيه المطاعم على شاطئ البحر. كما استضافت في الأشهر الأخيرة مهرجانا سينمائيا وسباق فورمولا واحد.

وحتى قبل أن يشرع الأمير محمد بن سلمان في حملة انفتاح اجتماعي لتخفيف الصورة المتشددة لبلاده، تمتّعت المدينة بقدر من الحرية ساعد في وصفها بأنّها “مختلفة”.

وكانت العشرات من الأحياء التي تتم إزالتها تضمّ مزيجا من السعوديين والأجانب من دول عربية أخرى وآسيويين.

من أجل مدينة أجمل

وذكرت منظمة “القسط” الحقوقية أنّ بعض الأسر كانت تعيش في بيوتها لأكثر من 60 عاما. وأوضحت أنّ بعض الأشخاص أجبروا على الخروج من منازلهم بعد قطع خدمات المياه والتيار الكهربائي عنها، أو تلقوا تهديدات بالسجن.

وشهد حي غليل في جنوب جدة أولى الإزالات في أكتوبر الماضي. ويروي الموظّف السعودي فهد أنّ قوات الأمن صادرت الهواتف المحمولة للسكان لتجنّب تصوير عملية الإخلاء التي تمّت ليلا. ويقول “هُجّرنا من منازلنا فجأة بين يوم وليلة ودون سابق إنذار”.

وغرّد العديد من المستخدمين على تويتر تحت وسم #هدد_جدة، معربين عن سخطهم.

وقاد الناشط السعودي علي الأحمد حملة إلكترونية لعرض مظالم السكان المتضررين جراء الهدم الذي وصفه بأسلوب “الصدمة والضربة” القاسية.

ويعتبر الأحمد وهو أيضا باحث في مركز الشؤون الخليجية في واشنطن أنه “ليس من المقبول هدم منازل المواطنين بدون موافقتهم وقبل تعويضهم بسعر مناسب يكفي لانتقالهم إلى مكان جديد”.

وتسبّبت عمليات الهدم ونزوح السكان في ارتفاع أسعار إيجارات المنازل عموما في جدة وكذلك خدمات النقل، ما فاقم من معاناة المتضررين وغير المتضررين على حد سواء، على ما أفاد سكان.

تطوير وسط جدة لمواكبة العصر

وفي أحد الأحياء التي يشملها المشروع، هدمت بعض المباني تماما، فيما كتبت بالأحمر كلمة “إخلاء” على جدران العديد من المباني التي لا تزال قائمة.

ووضعت السلطات لوحة تطالب السكان بإخلاء عقاراتهم وأخذ أغراضهم الشخصية، وتحميل وثائق الملكية على موقع إلكتروني للحصول على تعويضات.

وقال ثلاثة متضررين إنهم لم يتلقوا تعويضات، وأشاروا إلى عدم “وجود آلية واضحة لتقييم بيوتهم”، بينما يؤكد فهد أن “أشهرا مرّت ولم أحصل على تعويض عن منزلي. وتحوّلت من مالك منزل إلى مستأجر يجاهد لدفع إيجاره”.

ورغم الشكاوى يقول المسؤولون إنّ المشروع سيطوّر المدينة مع تشييد 17 ألف وحدة سكنية عصرية في موازاة الحفاظ على هوية جدة.

وقال مسؤول محافظة جدة مؤخرا إنّ عمليات الهدم تستهدف أحياء لا تحتوي على مرافق بنية تحتية، وكان يتعذر على مركبات الإسعاف والمطافئ الوصول إليها، واصفا بعضها بأنها كانت “وكرا للجريمة”.

لكن العديد من السكان يرفضون ما يعتبرونه “تشويها” لصورة أحيائهم، ومنهم السعودي تركي الذي عاشت عائلته لعقود في بيت واحد في حي الحرازات في شرق جدة. ويقول “أسكن وعائلتي في بيت جدي. والدي وُلد فيه وكذلك أبنائي. هو بمثابة حياة وليس مجرد بيت”.

وعاد تركي الأب لأربعة أطفال أخيرا إلى منزله ليجده ركاما، ويقول “صوت الهدم في كل مكان. الركام في كل مكان. تشعر أنه يوم القيامة”.

'