مصر تدفع فورة الاستهلاك الرمضاني لإنعاش الاقتصاد – مصدر24

مصر تدفع فورة الاستهلاك الرمضاني لإنعاش الاقتصاد

القاهرة – دشنت وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية سلسلة من المعارض تحمل شعار “أهلا رمضان” لبيع السلع الأساسية للمواطنين بتخفيضات في الأسعار تصل لنحو 25 في المئة.

ووجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بزيادة منافذ المعارض التي تحمل هذا الشعار إلى 2100 معرض على مستوى البلاد، لتوسيع نطاق استفادة مختلف الطبقات من التخفيضات الكبيرة.

وخلال جولة لـ”العرب” بأحد معارض “أهلا رمضان” في نطاق محافظة القاهرة قالت إلهام محمود موظفة بإحدى الشركات الخاصة “قمت بشراء مستلزمات شهر رمضان من ياميش، وبعض السلع الأساسية من زيت وسكر بأسعار مخفضة”.

وأضافت، وهي سيدة في العقد الثالث ولديها ثلاثة أطفال، “أتمنى أن تستمر هذه المعارض طوال العام، فالإقبال كبير جدا على الشراء، ما يحقق فائدة مشتركة، أرباح كبيرة للشركات واستفادة أصحاب الدخول المحدودة من التخفيضات”.

ومعروف عن السلع الغذائية سريعة دوران رأس المال العامل، الأمر الذي يعزز من ربحية مصانع الغذاء والحلقات التجارية الوسيطة بشكل كبير كلما زادت حركة تداول السلع في الأسواق، ويتحقق ذلك عمليا عندما تتداول المنتجات بمستويات سعرية تناسب دخول الأفراد.

وتكمن مراهنة الحكومة على تنشيط اقتصادها عبر زيادة معدلات الاستهلاك في فورتها السكانية المتصاعدة، فيما يتجاوز عدد السكان المقيمين في الداخل حاجز 101 مليون نسمة.

وتشير أبحاث الدخل والإنفاق التي يعدها جهاز الإحصاء إلى أن المصريين ينفقون 37.6 في المئة من إجمالي مداخيلهم على الطعام والشراب.

وتكشف مؤشرات شعبة البقالة بغرفة تجارة القاهرة أن المصريين ينفقون نحو 80 في المئة من إجمالي دخلهم على الغذاء خلال شهر رمضان.

وتفضي هذه المؤشرات إلى فورة في الطلب على الغذاء في رمضان تتجاوز حاجز 2.5 مليار دولار، وفق متوسط إنفاق الفرد الواحد على الطعام نحو 25 دولارا شهريا مضروبا في عدد السكان البالغ 101 مليون نسمة.

إبراهيم العربي: تخفيضات تشمل 40 سلعة والسلاسل التجارية تنضم للمبادرة
إبراهيم العربي: تخفيضات تشمل 40 سلعة والسلاسل التجارية تنضم للمبادرة

وقال إبراهيم العربي رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية لـ”العرب”، إن معارض “أهلا رمضان” تتواكب معها تخفيضات بالسلاسل التجارية الكبرى، وفق مبادرة “معا من أجل مصلحة المستهلك” وتستمر في خفض هامش الربح على مجموعة من السلع الأساسية.

وأوضح أن المبادرة تضم تخفيضات على حوالي 40 سلعة تضمن في مجموعها تلبية جميع الاحتياجات الأساسية والتكميلية لضمان أسعار عادلة تناسب المستهلكين.

وتسهم هذه المبادرات في كسر الاحتكار نسبيا في الأسواق، والذي أفضى إلى ترهل منظومة التجارة الداخلية في مصر وغياب آليات التسعير العادلة للمنتجات، وباتت منظومة التسعير تسير لصالح المحتكرين.

ودفع هذا الاتجاه الحكومة للاستعانة بتجربة شركة “أجيليتي” الكويتية لإصلاح تشوهات تجارتها الداخلية عبر ضبط منظومة تداول السلع والإمدادات اللوجستية في الأسواق.

وتعمل “أجيليتي” في 100 دولة، وتعد السادسة عالميا في مجال الخدمات اللوجستية، وقامت بتطوير منظومة التجارة الداخلية في عدد من دول الخليج، وتتجاوز إيراداتها السنوية نحو 5 مليارات دولار.

وتسعى القاهرة لإنشاء 60 منطقة لوجستية بحلول عام 2030 لإصلاح نظام التجارة الداخلية الذي تسبب في انفلات زمام الأسعار وتكبد الأفراد تكلفة عشوائية حركة تداول السلع والمنتجات.

رشاد عبده: الحكومة تكسر حلقات الاحتكار وتشتري رضاء المستهلكين
رشاد عبده: الحكومة تكسر حلقات الاحتكار وتشتري رضاء المستهلكين

وأكد حاتم النجيب عضو الغرفة التجارية للقاهرة أن معارض “أهلا رمضان” تعزز التنافسية بين الشركات، ما يدفعها لتقديم خصومات وعروض ترويجية تصب جميعها في صالح المستهلكين، ومن ثم زيادة المبيعات وتنشيط الأسواق.

وأوضح لـ”العرب” أن نشاط المعارض الموسمية كان له دور مهم في إنقاذ السوق من حالة الركود الفترة الماضية بعد أن تداعى نتيجة التباطؤ جراء وباء كورونا.

ويعزز هذا المسار منح المستهلكين استراحة لالتقاط الأنفاس بدلا من ترك السوق مفتوحة للمحتكرين وبالتالي كسر حلقات الاحتكار تباعا.

وأشار رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية إلى أن المعارض وأخوتها تفتح أفقا للشركات وتزيد القدرات التسويقية وتساعد منظومة الإنتاج بشكل اقتصادي، نتيجة سرعة دوران السوق.

وذكر لـ”العرب” أن هذه الخطوة تضيف إلى رصيد الحكومة، نتيجة حالة الرضاء الشعبي، وتظهر قدرتها على كسر حلقات احتكار الأسواق، وتسهم عمليا في تصريف المخزون الراكد بالمصانع نتيجة تباطؤ الأسواق.

ولا تحقق المصانع خسائر نتيجة هذه التخفيضات، بل تزيد ولاء المستهلكين تجاه المنتجات وتخلصها من تكاليف التخزين، وبالتالي فإن مراكزها المالية تحقق أرباحا جيدة، على الرغم من التخفيضات الكبيرة.

وتضفي المعارض الموسمية التي تنظمها أجهزة الدولة حالة من الثقة على المنتجات التي يتم طرحها بالمعارض، فضلا عن الترويج القوي من جانب الدولة والذي يحفز الأفراد على الشراء، ما يوفر على الشركات تكاليف عمليات الترويج للمنتجات، وشراء الشركات رضاء سياسيا لمشاركتها بشكل قوي وفق العروض الترويجية.

وتؤكد المشاركة سيناريو “رابح – رابح” للحكومة ورجال الأعمال، وتصب جميعها في صالح المستهلك وتعزز معدلات التشغيل ونمو الاقتصاد.

لكن هذا التوجه وحده لا يكفي لتشغيل مفاصل الاقتصاد بشكل كفء، فلا بد أن يكون النمو الحقيقي للاقتصاد ينبع من العملية المركبة للتشغيل والإنتاج وليس من تصاعد الطلب الاستهلاكي.

وتتواكب هذه الخطوات مع خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري من 2.8 في المئة إلى 2.5 في المئة العام الحالي، فيما رفع هذه التوقعات إلى 5.7 في المئة بدلا من 5.5 في المئة العام المقبل.

وخفّض توقعاته لعجز الحساب الجاري إلى 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.2 في المئة، على أن يظل العجز عند 4 في المئة خلال عام 2022 وهو أعلى من توقعاته السابقة عند 2.5 في المئة.

وثبّت توقعاته لمتوسط معدل التضخم السنوي العام الحالي عند 4.8 في المئة وهي نفس التوقعات في تقرير مراجعة أداء الاقتصاد التي أصدرها يناير الماضي، وعلى صعيد معدلات البطالة رفع توقعاته لتصل إلى 9.8 في المئة العام الحالي مقابل 8.3 في المئة العام الماضي، وعلى أن تتراجع إلى 9.4 في المئة العام المقبل.

'