مصنع للحديد بالصومال يشق طريقه وسط العقبات – مصدر24

مصنع للحديد بالصومال يشق طريقه وسط العقبات

يسعى الصومال إلى التقدم خطوة باتجاه التشجيع على إنشاء نواة لتصنيع الحديد بعد سماحه لإقامة أول منشأة في القطاع منذ ثلاثة عقود لتوفير احتياجات السوق، بينما يرى خبراء أن أمام المسؤولين عنها الكثير من الجهد لبلوغ أهدافهم الطموحة بالنظر إلى حجم التحديات.

مقديشو- يحدو المشرفون على المصنع الوحيد للحديد في الصومال الكثير من التفاؤل لكي يحققوا أهدافهم، وحتى تتمكن هذه المنشأة التي شيدت في العاصمة مقديشو من شق طريقها وسط العديد من المطبات.

وعلى مساحة تصل إلى أربعة هكتارات، تم تدشين مصنع أو.أن.أم في الضاحية الغربية للعاصمة، كأول مصنع ينتج منتجات الحديد المخصص للإنشاءات والتشييد بما فيها حديد التسليح في محاولة للمساهمة بنمو عمراني تشهده مقديشو.

ومع الاستقرار النسبي في البلاد، تشهد العاصمة طفرة عمرانية تتسع يوما بعد الآخر، ما دفع القائمين على المشروع إلى تدشين المصنع بهدف توفير المواد اللازمة للبناء والمساهمة في عمليات التطوير العقاري المحاطة بالضبابية من حيث عدد الصفقات ورقم الأعمال.

ويعتبر الصومال من أفقر الدول العربية جراء مخلفات الحرب والجفاف، ولا يزال وضعه الاقتصادي هشّا رغم أنه يتمتع بإمكانات تتيح له بأن يرتقي بمعيشة قرابة 12 مليون نسمة.

البلاد تستورد معظم حاجياتها المتعلقة بمواد البناء وخاصة من سلطنة عمان والولايات المتحدة بنحو 2.56 مليون طن سنويا

وتظهر بعض المؤشرات أن البلاد تستورد معظم حاجياتها المتعلقة بمواد البناء، وفي مقدمتها الحديد والحجر والرخام والإسمنت وكل المواد الأولية الأخرى.

وتشير البعض من التقديرات إلى أن حجم الواردات من دول أهمها سلطنة عمان والولايات المتحدة يبلغ قرابة 2.56 مليون طن سنويا.

ورغم أن المصنع يمر بمراحله الأولى، إلا أنه يحاول إنتاج أكثر من 300 طن من حديد التسليح، بأحجامه المختلفة أسبوعيا، أي أن إنتاجه السنوي يصل إلى 14.4 ألف طن. وتقول الشركة إن هذه الكميات تندرج ضمن خطة أولية لسد احتياجات أكثر من نصف الطلب باعتبار حديد التسليح من المواد الأساسية الداخلة في العمران.

ويرى خبراء أن هذه الكمية تعد ضئيلة جدا لأنها بالكاد تؤمن تشييد ما بين خمسة وعشرة منازل بينما يحتاج السوق إلى كميات أكبر من ذلك بكثير. وتسبق عملية إنتاج حديد التسليح مراحل تحمل قدرا كبيرا من الخطورة للعاملين، نظرا للمادة المنصهرة بهدف إنتاج أطنان من مواد البناء يوميا.

ويقول مهد عبدالرحمن أحد العاملين لوكالة الأناضول إن “مرحلة جمع المخلفات بأشكالها المختلفة تعد المادة الأولية لهذا المصنع، لتبدأ مرحلة تقطيع صفائح”. وبعد ذلك يتم وضع اللفائف في الفرن الذي يعمل على صقل وإزالة النتوءات بدرجة حرارة تصل إلى 600 درجة مئوية.

وأوضح مهد أنه عقب إزالة الشوائب تبدأ مرحلة التكوير حيث ينتج الفرن المادة الخام في حالة رطبة ومن ثم يتم الزج بها في أسطوانة دوارة ليتم تجفيفها وتبريدها، وبعدها يتم إنتاج مقاسات مختلفة من حديد التسليح.

وحول المخاطر المترتبة على هذا العمل، أشار إلى أن الخطر موجود في كل مراحل الإنتاج، وهو ما يستدعي العامل أن يتوخى الحذر بنفسه، لأن المصنع يصهر كل شيء بما فيها مخلفات الحرب “ما يجعله غير آمن”.

ال

وينتج المصنع الذي بدأ العمل بالفعل العام الماضي، نحو 1200 طن شهريا من حديد التسليح بمقاساتها المختلفة، حيث يستطيع المصنع إنتاج بين ثمانية إلى 16 مترا وهي الأحجام التي تستخدم غالبا في أعمال البناء.

وبالرغم من أنه الوحيد في البلاد، يتطلع مصنع أو.أن.أم إلى منافسة المواد الحديدية المستوردة، وإنهاء الاعتماد على الخارج من خلال توفير أدوات بناء عالية الجودة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية.

ويقول إبراهيم محمد مدير المنشأة إن المصنع مزود بأدوات حديثة “ونعمل على توسعته خلال الشهور الأولى من 2023 بهدف دخول منافسة كبيرة على المواد الحديدية المستوردة من الخارج والتي تسيطر على الأسواق المحلية”.

وأضاف إبراهيم “القدرة الإنتاجية في هذا المصنع لا يمكن أن تلبي جميع احتياجات السوق المحلي، لكن نسعى إلى تغطية 60 في المئة من احتياجات السوق وهو ما يدعم بشكل كبير اقتصاد البلاد”.

14.4

ألف طن طاقة الإنتاج السنوية للمنشأة التي شرعت في النشاط خلال العام الماضي

ويستقبل المصنع العشرات من الطلبات من قبل التجار وتتميز الأدوات المنتجة في هذه المنشأة بأسعارها المنخفضة وجودتها الكبيرة مقارنة بتلك التي تستورد من الخارج.

لكن الخبراء يعتقدون أن تحقيق هذا الطموح يبدو أمرا صعبا بالنظر إلى الكثير من العراقيل التي قد لا تساعد في بلوغ الهدف الذي تم تحديده لاسيما في ما يتعلق بالتكاليف في ظل التضخم المرتفع الذي يتوقع أن يبلغ 9 في المئة بنهاية هذا العام.

ويوفر المصنع أكثر من 30 فرصة عمل للشباب مكنتهم من إعالة أسرهم في بلد تجاوزت نسبة البطالة فيه نحو 75 في المئة.

ويقول العامل محمد أحمد إن البطالة أرهقته ومنذ ثلاثة أعوام لم يقم بأي عمل، رغم أن لديه خبرة في مصانع الحديد في السعودية، لكن بعد إطلاق هذا المصنع تمكن من العمل فيها. وبحسب إدارة الشركة، فإن المنشأة بدأت في التوسع وبعد انتهاء المرافق الجديدة للمصنع ستحتاج أيدي عاملة إضافية.

ويواجه مصنع أو.أن.أم الكثير من العقبات للحصول على المواد الأولية من مخلفات الحديد أو ما يعرف بـ”إسكريب”، الذي يصل سعر الطن منه 150 دولارا، نتيجة أعمال التصدير التي يقوم بها بعض التجار.

ويقول مدير المصنع “في الآونة الأخيرة بدأ بعض التجار تصدير مخلفات الحديد، ما يؤثر سلبا على عملنا”. وأوضح أن حملة التصدير قد تشكل تحديا خطيرا لمصانع الحديد المحلية، والتي تعتمد بشكل كبير على المخلفات، ما يعيق نشاطها.

وأكد إبراهيم أن عمليات التصدير ستعرقل الجهود المحلية التي تسعى لإيصال البلاد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من مواد البناء بعد سنوات من الاعتماد الكلي على المستورد.

وقبل الحرب في 1991 كان الصومال يملك مصنعا للحديد يطلق عليه اسم “حمر” أنشأ بموجب اتفاقية بين الحكومة ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) في عام 1975. وكان ينتج 450 طنا سنويا.

'