ويقدم مسلسل “مغريضو” الذي يستمد عنوانه من أسطورة أمازيغية تحكي عن طير خرافي ينادي على الأشرار بأسمائهم، ويكون كل من استجاب له عرضة للأزمات أو الموت في أجل أٌقصاه سنة واحدة، قصة ثلاثة شبان مغاربة يسقطون في شرك عصابة للهجرة السرية ومافيا العقار وفساد المنتخبين.

وبعد نجاة الشباب من موت محقق إثر غرق قاربهم المدبر، يقررون الانتقام لأنفسهم، ولكل الضحايا الحالمين بالفردوس الأوروبي باعتماد تقنيات التكنولوجيا الحديثة عبر “خطة مغريضو”، التي ستحول حياة المفسدين إلى جحيم.

وتتواصل أحداث المسلسل، الذي يحظى بمتابعة مهمة، بتسليط الضوء على حياة منتخبين وأشخاص نافذين جعلوا من إحدى الجماعات النائية بالريف مصدرا للاغتناء الفاحش، ومرتعا للنهب والفساد.

واستطاع كاتب سيناريو العمل إثارة العديد من القضايا دفعة واحدة عبر تسلسل لحكايات تقطع الأنفاس، وتمكن مخرج العمل من تقديمه بشكل فني واقعي، يذكر مشاهده بحياة سكان الريف والقضايا الحارقة التي جعلت شبابه يخرج ويحتج تنديدا بالفساد والمفسدين.وعن هذا المسلسل، الناطق بالأمازيغية واللهجة الريفية

تحديدا، يقول المخرج طارق الإدريسي في تصريح لـ “سكاي نيوز عربية”، إن الصدفة هي التي قادته إلى إخراج هذا العمل مع المنتج وكاتب سيناريو “مغريضو” محمد بوزكو، الذي يعد من أحسن كتاب السيناريو الأمازيغ.

وأضاف “موضوع العمل يمسني بشكل شخصي، فأنا أيضا “حراك” (مهاجر)، هاجرت بشكل غير شرعي إلى إسبانيا، وعملت هناك ودرست السينما، وأعرف ما يعانيه الشباب الطموح والمتطلع للتغيير، لهذا رأيت أنه من الجيد معالجة هذه المواضيع من خلال مسلسل تلفزيوني، وتسليط الضوء على الإشكالات المحيطة بها، حتى نبحث جميعا عن حلول بديلة لها”.

ويضيف هذا المخرج، المعروف بعمله على الذاكرة الجماعية والتراثية للأمازيغ بشمال المغرب، وتقديم أشرطة وثائقية عن الغازات السامة بالريف مثل “أرهاج ARRHASH”، والعودة إلى الأصول بالنسبة إلى المهاجرين في “رحلة خديجة”، ثم فيلم تخييلي بعنوان “صوت ثامزغا”، أنه حاول في مسلسل “مغريضو” تقديم عمل جيد يحترم ذوق المشاهد المغربي بشكل عام، والأمازيغي بشكل خاص.

وأضاف أنه راهن أيضا على الخروج بالدراما الأمازيغية من الكليشيهات التي تطوقها، وذلك على الرغم من قلة الإمكانيات المادية المرصودة لها، مقارنة مع الأعمال المغربية الأخرى بالعامية المغربية “الدارجة”، هذا دون الحديث عن الإمكانيات البشرية، لأن الممثلين والتقنيين قليلون مقارنة مع باقي مناطق المغرب”.

ويوضح طارق الإدريسي أن الأعمال الأمازيغية السابقة كانت “تشوبها الكثير من النواقص ومازالت، ولكنها بفضل إرادة العديد من الطاقات والكفاءات الشابة المكونة، صارت تتقدم وتتحسن، سواء على مستوى الأعمال السينمائية أو في الأعمال التلفزيونية، ففي مسلسل “مغريضو” بذلنا مجهودا وقدمنا عملا جيدا بشهادة الكل، وفي استطاعتنا تقديم الأفضل، إذا ما رصدت لنا الإمكانيات الكافية، ولم يتم التعامل مع المنتوج الأمازيغي كمنتوج ثانوي”.

جرأة

وبخصوص الجرأة الكبيرة التي يتسم بها مسلسل “مغريضو”، يقول المخرج “نحن لا نرغب في القيام بثورة، ولكن نرغب في الإفصاح عما بداخلنا، والبوح بكل مشاكلنا، ومناقشة قضايانا الحارقة وكسر كل الطابوهات، حتى نتمكن من إيجاد حلول لها، لأننا نحن من يجب عليه القيام بالتغيير، والعمل على تحرير وتغيير العقليات، ومحاربة الفساد والمفسدين”.

ومن جهته، يقول كاتب سيناريو المسلسل، محمد بوزكو، في تصريح لـ “سكاي نيوز عربية” إن “الأعمال التي تقدمها القناة الأمازيغية ليست كلها على نفس القيمة، وبالتالي لا يمكن تقييمها وكأنها رزمة واحدة، ولكن الذي يمكن أن يشهد له وهو أن ما تعرضه القناة من أعمال قد شهد تطورا ملحوظا رغم حداثتها”.

وعن مسلسل “مغريضو”، يوضح كاتبه أنه يتناول قضايا عديدة عبر أحداث متشابكة تتخللها الإثارة والتشويق وعنصر المفاجأة، وأن كل ذلك تطلب منه مجهودا كبيرا ووقتا كافيا للتركيز والتدقيق حتى لا تنفلت منه الأحداث أو يسقط في تناقض أو ثغرة يمكن أن تفسد التسلسل المنطقي والواقعي لتلك الأحداث نفسها، كما أن جدية المواضيع المتناولة وراهنيتها.

وأضاف أنه كان هناك ضغط “لتفادي أي أخطاء قد تغير من حقيقة ما يقع أو تحريف بعض الأحداث التي لها ارتباط بالقوانين، خاصة فيما يتعلق منها بتسيير البلديات ودور المنتخبين وكل ما له علاقة بتدبير الشأن المحلي بالمنطقة”.

ويؤكد بوزكو أن السيناريو هو قطب الرحى في العملية الإبداعية عندما يتعلق الأعمال الدرامية، والإخراج قد يقوي ويغني العمل من الناحية التقنية والجمالية، ولكنه لن يستطيع إنقاذ السيناريو إذا كان ضعيفا، ولهذا فهو يرى أن “الكتابة هي الأساس الأول لنجاح عمل ما خاصة في التلفزيون، لأن المشاهد يتتبع القصص وينغمس فيها إذا كانت هناك قصص تستحق ذلك ومحبوكة بشكل جيد، ولكن للأسف مازالت الكتابة تعاني من مشكل البساطة والتسطيح ومن العجز عن خلق حبكة درامية بخيوط متعددة ومتشابكة”.

وتجدر الإشارة إلى أن مسلسل “مغريضو” مكون من 30 حلقة، ناطق بالأمازيغية الريفية، من إخراج طارق الإدريسي، وسيناريو محمد بوزكو، تم تصويره بمدينة الدريوش، شمالي المغرب، تحت إشراف مؤسسة “ثازيري للإنتاج”، قاوم ظروف جائحة كورونا من أجل أن يكون حاضرا في برمجة رمضان لهذه السنة.

يشارك في تشخيص أدوار المسلسل كل من طارق الشامي، وبنعيسى المستيري، وعبد الله أنس، وميمون زانون، وفاروق ازبانط، وسميرة مصلوحي، وآخرون.

وإلى جانب مسلسل “مغريضو”، راهنت القناة الثامنة الأمازيغية هذه السنة على استقطاب نسب كبيرة من المشاهدين، من خلال إنتاجات درامية باللهجات الثلاث للغة الأمازيغية، من بينها المسلسل الدرامي الكوميدي “بابا علي”، بلهجة تشلحيت، ومسلسل “منغي ن ووشن” أو صراع الذئاب بلهجة تمازيغت، كما برمجت خمسة أفلام تلفزيونية، وهي “الحادث” للمخرج مصطفى أشاور، و”آش داني” لجواد الخوضي، و”وردة الشوك” للمخرج إلياس العربي، و”الوريث” للمخرج فريد الركراكي، بالإضافة الى فيلم “الورثة” للمخرجة لطيفة أحرار.