مقتدى الصدر يحاول مشاغلة الحراك الاحتجاجي – مصدر24

مقتدى الصدر يحاول مشاغلة الحراك الاحتجاجي

محاولات زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر الضغط على حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، لا تخرج عن هدف أساسي يتمثّل في تهدئة الحراك الشعبي غير المسبوق في العراق وحصره في مساحة مطلبية بعيدا عن شعار إسقاط النظام المرفوع من قبل المحتجّين، الأمر الذي سيحقّق لمقتدى الصدر جملة من الأهداف السياسية على رأسها حصوله على اعتماد من قبل إيران، وهي معبر ضروري لكلّ من يريد الوصول إلى السلطة في عراق ما بعد 2003، والتي تقول المصادر إنّ رجل الدين الشيعي لم ينقطع عن التقرّب منها سرا رغم مجاهرته بانتقادها.

بغداد – لا يكاد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ييأس من إمكانية اختراق الحراك الشعبي والتحكّم به وتوجيهه بعيدا عن مطلب إسقاط النظام الذي يعدّ الصدر نفسه جزءا منه.

وفيما يسعى الصدر إلى جلب رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إلى منصّة الاستجواب أمام مجلس النواب (البرلمان)، يصر المحتجون على عدم الاعتراف بشرعية الحكومة والبرلمان على حدّ السواء خصوصا في ظلّ القناعة الرّاسخة بأن المجلس تولّد عن انتخابات شابها تزوير كبير.

وأعلن حمدالله الركابي المتحدث الرسمي لكتلة سائرون النيابية التي يرعاها الصدر عن جمع تواقيع من أعضاء البرلمان، لاستجواب رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي.

وقال لوكالة سبوتنيك الروسية إنّ الكتلة ماضية ضمن الأطر الدستورية والقانونية والنظام الداخلي لمجلس النواب، بعملية استجواب رئيس الحكومة، وقامت للغرض بجمع أكثر من خمسين توقيعا من نواب البرلمان.

ولا تبدو خطوة استجواب رئيس الوزراء منفصلة عن محاولات متعدّدة لتهدئة غضب الشارع الذي بلغ هذه المرّة سقفا غير مسبوق، بوضع المحتجّين إسقاط النظام على رأس لائحة مطالبهم.

ويحاول الصدر توظيف خبرته السابقة في اختراق الاحتجاجات الشعبية وركوبها وتوجيهها وجهة مطلبية بعيدا عن المساس بالنظام القائم، لكن الأمر بدا مختلفا هذه المرّة نظرا لشمول نقمة المحتجّين للطبقة السياسية برمتها ولمختلف المشاركين في الحكم بغض النظر عن أهمية مواقعهم فيه.

ويستند الصدر في تحرّكاته على قدر من الجماهيرية كان اكتسبها بفعل معارضته خلال السنوات الماضية لكبار الشخصيات الممسكة بزمام الحكم مثل زعيم حزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي الذي تولّى رئاسة الحكومة لفترتين متتاليتين بين 2006 و2014، كما يستمد بعض المصداقية لدى الشارع من خلال انتقاده لإيران صاحبة النفوذ الطاغي في العراق.

لكنّ شرائح واسعة من العراقيين بدأت ترى في معارضة الصدر وانتقاداته أمورا شكلية، يبحث من خلالها عن دور أكبر في السلطة التي يرى أنّه لم ينل منها حصة تناسب مكانة أسرته في مجال التديّن الشيعي بالعراق.

ويقول أحد المنتقدين لنظام المحاصصة الطائفية والحزبية والعرقية في العراق إنّ “مشكلة مقتدى الصدر تكمن في رغبته في اللعب على كل الحبال. فهو معارض بالرغم من أنه شريك في الحكومة من خلال وزرائه ونوابه وجيش من الموظفين ذوي الدرجات الخاصة، وهو إصلاحي ينادي بقلع الحكومة التي سبق له أن شارك في تثبيت أركانها. كما أنه ضد إيران في الوقت الذي لا يكف فيه عن تلقي التعليمات مباشرة من فم الولي الفقيه وتابعه قاسم سليماني قائد فيلق القدس. وهو من جهة أخرى لا يختلف كثيرا عن زعماء الميليشيات الشيعية سيئي السمعة لدى العراقيين، إذ أنّ له هو أيضا ميليشيا تأتمر بأوامره وتعرف بسرايا السلام”.

ويضيف “لذلك فقد الصدر الكثير من شعبيته ولم يعد في إمكانه الحفاظ على هالة الزعيم الشيعي الشاب الذي حارب الأميركيين في النجف عام 2004 ودخل تياره في صراع مع حكومة المالكي أكثر من مرة”.

نجاح الصدر في تهدئة الشارع سيسدي خدمة جليلة لإيران يستحق معها الحصول على ثقتها التي لطالما سعى لنيلها
نجاح الصدر في تهدئة الشارع سيسدي خدمة جليلة لإيران يستحق معها الحصول على ثقتها التي لطالما سعى لنيلها

ويعتبر أنّ “الاحتجاجات الأخيرة كشفت عن تدني مكانة الصدر ومحدودية تأثيره على الجيل الشاب المنتفض بحيث وجد صعوبة في احتواء التظاهرات، الأمر الذي دعاه إلى الكشف عن وجهه الحقيقي حيث كان موقفه من الاحتجاجات لا يقل نأيا عن موقف السيستاني، وهو ما أراح المتظاهرين الذين وجدوا في تخلّصهم من ظلال الصدر فرصة لتأكيد موقفهم الرافض لاستمرار جميع الأطراف المساهمة في العملية السياسية الفاشلة ومن ضمنها التيار الذي يتزعمه الصدر”.

ويختم مؤكّدا أن “شباب العراق المنتفض همّش الصدر وتياره ووضعه في المكان المناسب، ولذلك فإن مواقفه صارت تبنى على أسس بعضها كيدية والأخرى انتقامية وهو لا يفكر اليوم إلا بوضع نهاية للاحتجاجات التي نجحت في تغيير الموقف الخارجي من الشعب العراقي وخلقت صورة مشرقة عن شبابه”.

ونظرا للاهتمام الإيراني بإخماد موجة الاحتجاجات العارمة في العراق حماية للنظام هناك، فإنّ نجاح الصدر في مساعيه سيكون أفضل طريقة لحصوله على اعتماد من قبل طهران ذات الدور الأبرز في اختيار حكّام العراق، والتي تقول مصادر إنّ زعيم التيار الصدري لم ينقطع عن التواصل معها ومحاولة نيل رضاها رغم انتقاده العلني لها.

وعاد الصدر مؤخّرا من إيران التي زارها بشكل عاجل لينغمس مباشرة في الاحتجاجات الشعبية وينضمّ إلى الآلاف من المتظاهرين في مدينة النجف جنوبي بغداد.

ورأى متابعون للشأن العراقي في ذلك محاولة من الرجل فرض نفسه مجدّدا كحل لمشكلة هو جزء منها في نظر المحتجّين أنفسهم والذين لم يعودوا يفرّقون بين جميع المشاركين في العملية السياسية بغض النظر عن صفاتهم وأدوارهم ومستوى مشاركتهم في النظام القائم منذ 16 سنة.

ولم يبد الشارع العراقي في غمرة احتجاجاته العارمة وموجة القمع التي تواجه المحتجّين على يد القوات الحكومية والميليشيات الشيعية الرديفة لها، اهتماما بمبادرات الصدر، إذ لم تعد خطوة من قبيل استجواب رئيس الوزراء تعني شيئا في ظل بروز مطلب حلّ الحكومة وإسقاط النظام.

'