منظمة التجارة العالمية تكسر جمود سنوات بحزمة إجراءات نادرة – مصدر24

منظمة التجارة العالمية تكسر جمود سنوات بحزمة إجراءات نادرة

تمكنت منظمة التجارة العالمية بعد ماراثون من المناقشات المستفيضة بين أعضائها من كسر جمود سنوات في نشاطها بعدما تم إقرار مجموعة من القرارات رغم تعرضها لانتقادات من النشطاء البيئيين لعدم تضمنها لما يشير إلى تقاطعها مع قضية المناخ.

جنيف – توصل أعضاء منظمة التجارة العالمية إلى اتفاق حول حزمة تدابير تراوح بين إلغاء الدعم عن صيد السمك ورفع براءات الاختراع عن اللقاحات ضد كوفيد – 19 مرورا بانعدام الأمن الغذائي، بعد مفاوضات مكثفة.

وانهت الدول الـ164 الأعضاء في اختتام المؤتمر الوزاري الثاني عشر للمنظمة الذي عقد في جنيف جولة من المناقشات استمرت على مدى خمسة أيام تمكنت فيها من رأب التصدعات التي عرقلت عقد اتفاقيات مهمة منذ مؤتمر بالي في 2013.

ويقول خبراء إن العالم ينظر إلى نتائج الاجتماع الوزاري على أنها بمثابة مؤشر يدل على أن النظام القائم على تعدد الأطراف لم ينكسر.

ومع أن المنظمة لم تنشر النصوص النهائية، لكن المديرة العامة للمنظمة نغوزي أوكونجو – إيويلا وصفت ما تم التوصل إليه بأنه يعد “مجموعة غير مسبوقة من النتائج”.

نغوزي أوكونجو – إيويلا: النتائج تُبين أن المنظمة قادرة على الاستجابة للطوارئ

وقالت أمام رؤساء وفود الدول الأعضاء “مضى وقت طويل منذ حقّقت المنظمة مثل هذا العدد الكبير من النتائج متعددة الأطراف”. وأضافت إن “النتائج تُبين أن المنظمة قادرة على الاستجابة للحالات العاجلة في عصرنا”.

وكان الاجتماع يهدف إلى بحث انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الحرب في أوكرانيا، فضلا عن إلغاء الدعم الذي يسهّل الصيد المفرط ويفرغ المحيطات ورفع البراءات التي تحمي لقاحات فايروس كورونا مؤقتا، وصولا إلى إصلاح المنظمة نفسها.

لكن حين بدأ الاجتماع الأحد الماضي، كان الأمل في التوصل إلى نتيجة بشأن كل هذه المواضيع ضئيلا جدا، وحددت أوكونجو – إيويلا نفسها عتبة النجاح عند إقرار نص أو نصين. واستمر الاجتماع الوزاري أكثر مما كان متوقعا بحوالي 36 ساعة.

وأثار النص حول انعدام الأمن الغذائي ترقبا كبيرا رغم أنه مجرد إعلان وزاري. وأدى اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية إلى حرمان العالم من الحبوب والأسمدة ما تسبب بارتفاع حاد في الأسعار وبات يهدد الملايين من الناس عبر العالم بالجوع.

وتشير الوثيقة التي أقرّت إلى أهمية “عدم فرض حظر أو قيود على الصادرات” تكون مخالفة لقواعد المنظمة، وتطالب بأن تكون كل التدابير الطارئة استجابة للمخاوف على صعيد الأمن الغذائي مثل تجميد الصادرات، “مؤقتة وهادفة وشفافة” وأن يتم إبلاغ المنظمة بها.

وكذلك يحمي نص ثان مشتريات المواد الغذائية لحساب برنامج الأغذية العالمي من القيود التي قد تفرضها بعض البلدان.

واستمرت الشكوك حتى اللحظة الأخيرة بشأن التوصل إلى اتفاق حول صيد الأسماك. وحتى لو أن النص كان أقل عن الطموحات الأساسية فإن أوكونجو – إيويلا اعتبرت ذلك نجاحا.

وكان هذا من المواضيع الرئيسية المطروحة على الاجتماع وبدأت المفاوضات حوله قبل أكثر من عشرين عاما وهي تندرج في سياق أهداف التنمية المستدامة التي تعتمدها الأمم المتحدة. والهدف هو منع بعض أشكال المساعدات التي قد تشجع الصيد الجائر والصيد غير القانوني.

وسعيا لمساعدة الدول النامية، تعتزم المنظمة إنشاء صندوق يسمح بتقديم مساعدة فنية وتعزيز قدرات الدول حتى تتمكن من تطبيق الاتفاق ومساعدة صياديها على اعتماد صيد أكثر استدامة.

وأبدت الهند على مدى خمسة أيام من المفاوضات تصلبا في الكثير من الملفات بما فيها المساعدات التي تشجع الصيد الجائر.

وأكد وزير التجارة الهندي بيوش غويال الذي اتهمه عدد من الوفود بالعرقلة، أن بلاده “لا تقف حاجزا أمام أي شيء” بل هي “بانية إجماع”.

وقال هارش ف. بانت الأستاذ في معهد كينغز كولدج في لندن لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الهند لطالما كانت شريكا تجاريا متمنّعا. فهي معروفة برفضها توقيع اتفاقات تبادل حر”.

وبعد عامين ونصف العام من مكافحة الجائحة التي تسببت في خمول الاقتصاد العالمي، توصلت دول المنظمة الجمعة إلى اتفاق من أجل تيسير تجارة المواد الطبية الضرورية لمكافحة الأوبئة.

وأقر رفع براءات الاختراع مؤقتا عن اللقاحات ضد كوفيد – 19 الموجهة إلى الدول النامية بهدف تسهيل إنتاجها، وذلك بعد معارك ضارية بين لوبي الأدوية من جهة، وعدد من الدول النامية والمنظمات غير الحكومية من جهة أخرى.

ورغم هذا الاختراق النادر في نشاط المنظمة، إلا أنها تعرضت لانتقادات من منظمات بيئية وتنموية في ما يخص الاتفاقيات الجديدة لخلوّها من تدابير حماية المناخ وعدم حسمها قضايا متعلقة بالأمن الغذائي.

هل من اتفاق مهم؟
هل من اتفاق مهم؟

وقال الخبير لدى منظمة السلام الأخضر (غرينبيس) المعنية بشؤون البيئة يورغن كنيرش إن “جميع القضايا الخلافية مثل الزراعة ومصائد الأسماك والتجارة الإلكترونية واتفاقية تريبس حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية لها تأثيرات على البيئة والمناخ”.

وأشار إلى أن “حماية المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي لم تظهر تقريبا في المفاوضات”.

وترى نيللي جروتفينت مقررة شؤون السياسة التجارية في منتدى البيئة والتنمية أنه تم تجاهل قضايا صحية أيضا، وهو ما يثير القلق بشكل خاص في مجال الصحة العالمية في زمن يشهد جائحة.

وقالت “كنت آمل حقا أن تصل الدول إلى سابقة بعيدة المدى. في حال وقوع جائحة أخرى، سيتعين علينا المرور بنفس العملية وسيستغرق ذلك الكثير من الوقت”.

وانتقدت منظمة “خبز للعالم” الاتفاقية فيما يتعلق بالغذاء العالمي. وقال فرانسوا ماري، خبير الشؤون التجارة الزراعية في المنظمة إن “الاتفاق لا يتضمن اقتراحات محددة بشأن الكيفية التي يمكن بها للبلدان النامية أن تصبح أقل اعتمادا على واردات الغذاء”.

وأضاف أن “النداء المعروف جيدا لتجنب قيود التصدير لا يزال يمثل محور البيان بشأن الأمن الغذائي”، مشيرا إلى أن هذه هي الدعوة المستمرة من كبار المصدرين الزراعيين لإبقاء الأسواق مفتوحة.

وقال ماري “لقد ذكر باقتضاب فقط أنه قد يكون من المنطقي أيضا أن تمنع الحكومات التجار من تصدير الغذاء بغرض تحقيق أرباح كبيرة في السوق العالمية”، مضيفا أن الدول لا تزال مطالبة بدعم برنامج الأغذية العالمي.

'