من يقف وراء محاولة تأليب الشارع على قيس سعيّد؟ – مصدر24

من يقف وراء محاولة تأليب الشارع على قيس سعيّد؟

كشفت وزارة الداخلية أن عددا من المنحرفين الذين ألقي القبض عليهم في الاحتجاجات المنددة بانتحار بائع متجول نتيجة المضايقات الأمنية في ولاية بنعروس، اعترفوا بتلقيهم أموالا من شخص معروف بانتمائه إلى أحد الأحزاب السياسية لتأجيج الوضع.

تونس – اعترف عدد من الأشخاص وصفتهم وزارة الداخلية التونسية بـ”المنحرفين” بتلقيهم أموالا من قبل أحد المنتمين إلى حزب سياسي، للاحتجاج ليلا في منطقة مقرين من ولاية بنعروس جنوب العاصمة التونسية، على خلفية انتحار بائع متجول، وفق بيان نشرته وزارة الداخلية الثلاثاء.

ويعتقد شق واسع من التونسيين بأن خصوم الرئيس يستغلون الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد لتأجيج الشارع ضد الرئيس قيس سعيّد، رغم أن الأزمة مرتبطة أساسا بالوضع العالمي وبتداعيات عشر سنوات من الحكم أدت إلى عجز تجاري وانهيار التوازنات المالية.

وقد كشفت وزارة الداخلية التونسية أنه تم إيقاف عدد من المنحرفين “على مستوى مفترق السوق بمنطقة مرناق من ولاية بنعروس جنوب العاصمة التونسية، بعد تورطهم في رشق الوحدات الأمنية بالزجاجات الحارقة وإشعال العجلات المطاطية وغلق الطريق بالمواد الحديدية”، وذلك احتجاجا على إقدام أحد الباعة المتجولين على الانتحار بداية الأسبوع الجاري، بسبب حجز جزء من بضاعته و”الميزان” الذي يزن به تلك البضاعة.

وأوضحت الداخلية أن هذه التجاوزات استوجبت التدخل وتفريق المتظاهرين والاحتفاظ بـ12 من المعتدين، وذلك بعد استشارة النيابة العمومية.

وأشارت الداخلية إلى أن “عددا من الموقوفين اعترفوا خلال الأبحاث الأولية بأنّ شخصا معروفا بانتمائه إلى أحد الأحزاب السياسية، قام بتسليم مجموعة من منحرفي الجهة مبلغا ماليا، قصد تفريقه على العديد من المنحرفين لإحداث الشغب وتأجيج الأوضاع”.

وأكدت الوزارة أن “بمراجعة النيابة العمومية ببنعروس، أذنت بفتح محضر بحث موضوعه تكوين وفاق إجرامي الغاية منه المس من الأمن العام والاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة والرشق بمواد حارقة، والاحتفاظ بـ12 نفرا من ذوي الشبهة، وإدراج من توفرت في شأنه شبهة التحريض وتوزيع الأموال بالتفتيش”.

وقال فاكر بوزغاية، رئيس مكتب الإعلام والاتصال بوزارة الداخلية، في تصريح لقناة التاسعة “إن الاحتجاج لا يكون في وقت متأخر من الليل، مضيفا أن “عملية تسليم الأموال من قبل أحد المنتمين إلى الأحزاب ثابتة، وأن المتورط في حالة فرار ويتم التفتيش عنه لكشف كل الملابسات”.

ورغم أن وزارة الداخلية لم تعلن عن الانتماء السياسي للشخص المحرض، لكن مراقبين يرون أن هنالك العديد من القوى المعارضة للرئيس تستغل أي حدث أو أزمة للتحريض ضده، خاصة مع تضررها من التطورات والتغييرات الحاصلة بعد اتخاذ الإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021.

مراقبون يرون أن هنالك العديد من القوى المعادية للرئيس تستغل أي حدث أو أزمة للتحريض ضده

ولوحظ قيام العديد من الصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي ببث بعض التحركات الاحتجاجية الليلية بشكل مباشر، رغم العدد البسيط من المشاركين فيها، وذلك للترويج إلى أن هنالك انتفاضة أو هبة شعبية ضد الرئيس سعيّد، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار وفقدان المواد الأساسية.

ويتذكر التونسيون كذلك قيام القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري، أثناء محاكمة رئيس الحركة راشد الغنوشي في ملف التسفير، برفع “قارورة زيت” لدعوة التونسيين إلى الانتفاض ضد وضعهم الاقتصادي، في لهجة شعبوية يراها مراقبون أنها للتحريض ضد السلطات، بينما تجاهلها الكثير من التونسيين الذين حملوا المنظومة السابقة تداعيات الأزمة، بسبب سوء إدارة الدولة خلال العشرية الماضية.

وسعت الحكومة التونسية إلى منع الاستغلال السياسي لحادثة انتحار البائع المتجول وما تبعتها من احتجاجات، حيث أكد عم الضحية أن والي بنعروس عزالدين شلبي عبّر عن تضامنه مع العائلة، وأكد نيته لتخفيف الضغوط على الباعة المتجولين في الولاية ومحاسبة المسؤولين عن الحادثة.

وشنت العديد من القيادات السياسية سواء من التيار الإسلامي أو من التيار الدستوري وبعض الأحزاب الاجتماعية، انتقادات واسعة ضد الرئيس قيس سعيّد، محمّلة إياه مسؤولية الأزمة، لكن سعيّد لا يزال يحظى بدعم شعبي، وفق ما نشرته مؤسسات استطلاع الرأي.

وأعلن الحزب الدستوري الحر في بيان الأربعاء أنه قرر تنظيم مسيرة وطنية شعبية بالعاصمة يوم الخامس عشر من أكتوبر القادم، احتجاجا على ما أسماه “سياسة التجويع والتفقير”.

وندد الحزب بحالة الاحتقان الاجتماعي التي تعيشها البلاد بسبب عجز الحكومة القائمة على توفير المواد الأساسية، وفشلها في التحكم في غلاء الأسعار الجنوني، مما أدى إلى انهيار المقدرة الشرائية للمواطنين وتفاقم الفقر والجوع، فضلا عن انعدام كل آفاق مستقبلية لحلحلة الأزمة المالية ومعالجة الملفات الاقتصادية الحارقة والعاجلة.

ويرى مراقبون أن الأزمة لا يمكن أن يتحملها فقط الرئيس قيس سعيّد أو الحكومة، نظرا لامتداداتها العالمية وعمق الأزمة المالية في البلاد، والتي تعود إلى سنوات ماضية.

ويتهم الرئيس قيس سعيّد المحتكرين والمضاربين بتعميق الأزمة، وبالسعي إلى تجويع التونسيين. كما طالب مؤخرا بمنع التوريد العشوائي من خلال التخلي عن استيراد بعض المواد الكمالية التي تستنزف العملية الصعبة.

وتسعى الحكومة التونسية إلى إيجاد حلول جدية للأزمة التي تمر بها البلاد، من خلال توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل يمكنها من خلاص بعض المزودين الدوليين واستيراد كميات كافية من المواد الأساسية.

'