من 70 مليارا إلى 600 مليون إلى لا شيء: سويسرا تغلق ملف أموال مبارك – مصدر24

من 70 مليارا إلى 600 مليون إلى لا شيء: سويسرا تغلق ملف أموال مبارك

القاهرة – مثل قرار القضاء السويسري بإغلاق ملف أموال مبارك والإفراج عمّا تبقى منها صدمة للمصريين الذين كانوا يتحدثون عن أرقام خيالية ستعود إلى خزينة الدولة قبل أن يصدمهم الواقع بالتدريج فمن 70 مليارا نزل الرقم لاحقا إلى 600 مليون ثم إلى لا شيء الآن.

وقال المدعون السويسريون، الأربعاء، إنهم سيفرجون عن 400 مليون فرنك، (429 مليون دولار) جمدت في بنوك البلاد، بعدما أخفق الادعاء في توجيه اتهامات لأيّ شخص لعدم كفاية المعلومات.

وأوضح مكتب المدعي العام أن المعلومات الواردة كجزء من التعاون مع السلطات المصرية في هذه القضية لم تكن كافية لدعم الادعاءات التي ظهرت في أعقاب ثورة يناير 2011 التي أسقطت حكم مبارك الذي استمر ثلاثة عقود في السلطة.

ويقول مراقبون إن عدم توفير الأدلة الكافية حال دون صدور أحكام في قضايا عديدة طالت مبارك وأسرته ورموز حكمه، وأضاع الكثير من الأموال التي يتهم هؤلاء بالاستيلاء عليها بالاستفادة من الثغرات القانونية داخل مصر وخارجها.

ويضيف المراقبون أن عدم جدية السلطات المصرية في التعامل مع مسألة أموال مبارك في الخارج خلال الفترة التي تلت سقوط نظامه، قد أضاع المئات من الملايين على الدولة لأن التركيز وقتها انصبّ على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية وتثبيت أركان الدولة في وقت كانت معرضة فيه للانهيار.

عدم توفير الأدلة الكافية حال دون صدور أحكام في قضايا عديدة طالت مبارك وأسرته ورموز حكمه

 

وفي ظل عدم وجود أدلة تتعلق بجرائم محتملة ارتكبت على وجه الخصوص في مصر “لا يمكن إثبات أن الأموال الموجودة في سويسرا من مصدر غير قانوني، وبالتالي يصعب إثبات الاشتباه في غسيل الأموال بناء على المعلومات المتاحة”.

ورغم التحريات العديدة وتحويل 32 مليون فرنك سويسري (45 مليون دولار) لمصر في 2018، تعين على مكتب المدعي العام قبول أن التحقيق لم يستطع إثبات الشبهات التي تبرر اتهام أيّ شخص في سويسرا أو مصادرة أيّ أصول.

وتم الإفراج بالفعل عن 210 ملايين فرنك سويسري (224 مليون دولار) في مرحلة مبكرة من القضية.

واختلطت القصص الحقيقية بالخيالية في مسألة الأموال للدرجة التي بدأ فيها بعض المصريين يحسب كل واحد منهم كم سيتحصل من أموال مبارك ومعاونيه بعد استردادها.

وكان الصحافي الراحل محمد حسنين هيكل قد قال إنه اطلع على تقارير دولية تؤكد بشكل موثق أن مبارك يمتلك من 9 إلى 11 مليار دولار في بعض الدول الأجنبية، وهو ما أخفق في إثباته عندما طلب للشهادة أمام القضاء.

وتضمّنت القضية الجنائية داخل سويسرا في البداية 14 مشتبها، بينهم علاء وجمال حسني مبارك، بالإضافة إلى 28 شخصا و45 كيانا قانونيا تمت مصادرة أصولهم.

وأشار مكتب المدعي العام السويسري إلى أن الجزء الأخير من التحقيق تركز على خمسة أشخاص فقط دون تحديد هوياتهم.

وجاء التطور السويسري بعد أيام قليلة من قرار المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي إلغاء قرارات تجميد أموال مبارك وأسرته التي اتخذها مجلس الاتحاد عام 2011، وكانت المحكمة تجدد التدابير التقييدية الموجهة ضد بعض الأشخاص والكيانات والهيئات.

وبعد أن اتخذت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في السادس من أبريل الجاري قرارها علق علاء مبارك على تويتر قائلا “‏في حكم جديد، المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي تقدم اعترافًا قضائيًا جديدا لا لبس فيه بأن العقوبات التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي على الرئيس مبارك وأسرته كانت غير قانونية منذ البداية، منهية بذلك معركة قانونية استمرت عقدًا من الزمان”.

وقالت المحكمة إن حكم تجميد الأموال الأصلي “لم يلتزم بالتحقق من أن السلطات المصرية تصرفت بما يتفق مع حقوق الدفاع والحق في الحماية القضائية لأسرة مبارك قبل اعتماد القرارات التقييدية ضدها”.

وقضت محكمة الاتحاد الأوروبي بتحمل مجلس الاتحاد تكاليف التقاضي التي تكبدتها أسرة مبارك، لكنها لم تكشف عن حجم الأموال التي تم رفع التجميد عنها، والتي ستكون متاحة بعد انقضاء فترة طعن المجلس في قرار المحكمة خلال 70 يوما، أي في منتصف يوليو المقبل.

وأعلن الاتحاد الأوروبي في مارس من العام الماضي إلغاء العقوبات التي فُرضت عام 2011 على تسعة من المصريين، من بينهم عائلة مبارك (زوجته وابناه وزوجتاهما) على خلفية شبهات بشأن سرقة أموال الدولة بهدف مساعدة السلطات المصرية على استرداد الأصول المختلسة والمملوكة للدولة.

وتردد أن أسرة مبارك تدرس مقاضاة الاتحاد لطلب تعويضات بسبب الإدراج الخاطئ لها في قائمة العقوبات، وأن قرار رفعها جاء نتيجة معركة قانونية.

عدم جدية السلطات المصرية في التعامل مع مسألة أموال مبارك في الخارج خلال الفترة التي تلت سقوط نظامه أضاع المئات من الملايين على الدولة

ولفتت الأسرة إلى تجاهل حماية الحقوق الأساسية الخاصة بهم التي نص عليها القانون وتم تأكيدها في سلسلة من القضايا التي فصلت فيها محكمة العدل الأوروبية.

وأعلن النائب العام المصري في منتصف عام 2020 إنهاء أثر المنع من التصرف في أموال أسرة مبارك، وقدّم رئيس محكمة الاستئناف رئيس إدارة الأموال المتحفظ عليها خطاباً للبنك المركزي المصري يفيد بذلك.

وشمل القرار علاء مبارك وزوجته هيدي راسخ وابنهما القاصر عمر، ورفع قرار التحفظ على أموال شقيقه جمال وزوجته خديجة الجمال وأبنائهما فريدة ومحمود.

وحصل مبارك خلال محاكمة أولى على حكم بالسجن المؤبد من محكمة جنايات القاهرة في يونيو 2012، قبل أن تتم تبرئته بعد الطعن على الحكم في القضية التي عرفت بـ”محاكمة القرن”.

ومن جملة قضايا عدة أدين مبارك فقط في قضية فساد القصور الرئاسية، وحصل فيها على حكم نهائي بالسجن ثلاث سنوات وغرامة مالية عام 2016، ثم قضت محكم النقض بعد ذلك بعامين برفض التصالح الذي عرضته الأسرة.

'