مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي ضرورة وليست خيارا للصحافيين – مصدر24

مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي ضرورة وليست خيارا للصحافيين

مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي ضرورة وليست خيارا للصحافيين

غرف الأخبار في الدول المتقدمة تبدأ بتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي مبكرا، لكن لن يمضي وقت طويل حتى تسير المؤسسات الصحافية على نفس النهج، إذ أصبحت ضرورة قصوى تفرضها تطورات عالم الصحافة اليوم.

دبي – “لو عانق الصحافيون الذكاء الاصطناعي عوضا عن خشيته، لجعلوا منه ‘المخلّص’ الذي يصبو إليه القطاع، مما يمنح الصحافيين فرصة أكبر لتغطية الأخبار العالمية التي تتزايد تعقيدا، وعولمة، ومعلومات وبشكل أفضل”.

نصيحة ماريا تيريزا رونديروس مديرة برنامج المجتمع المفتوح للصحافة المستقلة، ربما لم تعد خيارا للصحافيين، مع دخول الذكاء الاصطناعي بالفعل غرف الأخبار، وإنما الخيار أصبح باختيار الطريقة الملائمة للاندماج مع التطورات الجديدة في عالم الصحافة وابتكار الأدوات لمواكبتها وإرضاء الجمهور.

وبدأت في العالم العربي جريدة “البيان” الإماراتية بخوض التجربة، معلنة عن دخولها عالم “الذكاء الاصطناعي” محققة تحولا جديدا في مسيرة إعلامها الرقمي.

وقالت منى بوسمرة، رئيسة التحرير المسؤولة في الصحيفة “لم يعد تطبيق سياسات الذكاء الاصطناعي أمرا زائدا، بل هو ضرورة قصوى، وهو نهج بدأت دولتنا باتباعه، وتعميمه على كافة قطاعاتها، بل نشره في المنطقة”.

وذكرت الصحيفة أنها ابتداء من الثلاثاء، تغيرت تجربة التصفح على موقعها الإلكتروني، إذ تعمل بتقنية “التخصيص الذكي”، التي تتيح لكل متصفح أن يكون له موقعه الخاص، حسب جنسه وعمره والمكان الذي يتواجد فيه، ومن شأنها أن تضفي الطابع الخاص على تجربة التصفح لكل زائر للموقع الإلكتروني.

وعبر هذه الخاصية يتغير موقع الصحيفة بتغير الشخص الذي يتصفحه، حتى لو كان الاستخدام يحصل في الوقت ذاته. وبحسب المكان الذي يحصل منه التصفح يتيح الموقع الأخبار الأساسية المتعلقة بهذا المكان تحديدا.

وبنهاية الأسبوع المقبل، ستبدأ “البيان” بتنفيذ تقنية جديدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر تطبيقاتها الإلكترونية وتتيح للمتصفحين أن يتحدثوا بصوتهم للتطبيق، ويسألوه عما يرغبون في قراءته أو مشاهدته.

وذكرت الصحيفة أنها ستقوم بمشاركة القراء بتقنيات “الذكاء الاصطناعي” عبر تجربة الخطأ والتصحيح، بحيث يكون القارئ وفريق الصحيفة جنبا إلى جنب في مهمة الوصول إلى تعليم النظام وتصحيح أي خطأ محتمل، وصولا إلى الدقة الكاملة بنسبة 100 بالمئة.

تجربة “البيان” في المنطقة هي الأولى، لكنها ستكون البداية فقط لتجارب أخرى يفرضها التطور العالمي لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عالم الصحافة، ووفق ما تؤكد رونديروس في مقال نشرته منصة ميديوم، قد نتفاجأ بأن باستطاعة الآلات تقديم أخبار أبلغ وأكثر شمولية ممّا يقدمه بعض المراسلين. فعلى عكس العديد من الصحافيين الذين غالبا ما ينسبون قصتهم إلى مصدر واحد، فإن البرامج الرقمية قادرة على استيراد البيانات من مصادر عدة، والتعرّف على النماذج، واستخدام تقنية معالجة اللغة الطبيعية، وتركيب جمل منمّقة تضمّ نعوتا، وصورا مجازية وتشابيه.

كما أصبح بإمكان الأجهزة الآلية الآن تحرير تقارير صحافية عن عواطف الجمهور في مباراة كرة قدم متقاربة النتيجة. وبإمكان الآلات الذكية أن تزيد من زخم تقارير الصحافيين، وإبداعهم، وقدرتهم على إثارة انتباه الجماهير، من خلال اتّباع نماذج البيانات، وبرمجتها “لتعلّم” المتغيّرات فيها.

ومع الوقت، يصبح بإمكان الخوارزميات مساعدة الصحافيين على ترتيب النصوص، وفرزها، وصياغتها بسرعة لم يكن بالإمكان تصوّرها من قبل. فهي قادرة على تنظيم البيانات من أجل العثور على الحلقة الضائعة في أيّ تحقيق صحافي. كما أن بإمكانها التعرّف على النزعات، ورصد النشاز من بين الملايين من نقاط البيانات التي قد تشكّل بداية لسبق صحافي عظيم. فاليوم، مثلا، أصبح بإمكان وسائل الإعلام تلقيم بيانات المشتريات العامة للخوارزمي، والقادر بدوره على مراجعة البيانات ومقارنتها بالشركات الكائنة على العنوان نفسه. وقد يمنح تحسين هذا النظام المراسلين الصحافيين العديد من التلميحات التي قد تقودهم إلى كشف الفساد في بلد معين.

ولا يقتصر عمل أجهزة الكمبيوتر الذكية على تحليل كميات هائلة من البيانات للمساعدة على إنهاء التحقيقات بسرعة، بل إنها تساعد أيضا على إيجاد المصادر، والتحقق من وقائع القصص من الجمهور لمعرفة ما إذا كانت المساهمات محط ثقة.

ووفقا لتقرير صدر في عام 2017 عن مركز “تاو سنتر”، تستخدم العديد من وسائل الإعلام في الولايات الأميركية الذكاء الاصطناعي حاليا للتحقق من الوقائع. فوكالة رويترز، مثلا، تستخدم برنامج “نيوز تريسر” لتعقّب الأخبار العاجلة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتحقق من نزاهة ما يُنشر على تويتر.

'