نتنياهو يغير استراتيجيته الانتخابية: من استعداء عرب 48 إلى استمالتهم – مصدر24

نتنياهو يغير استراتيجيته الانتخابية: من استعداء عرب 48 إلى استمالتهم

نتنياهو يغير استراتيجيته الانتخابية: من استعداء عرب 48 إلى استمالتهم

حزب الليكود عمد إلى تغيير استراتيجيته الانتخابية من معاداة الناخب العربي إلى محاولة استمالته، وهذا يعود لإدراكه بأن هذا المكون رقم صعب في المعادلة وأن استعداءه بشكل مباشر يصب في صالح “القائمة العربية المشتركة” واليسار الإسرائيلي.

القدس  – بدأ العدّ العكسي للانتخابات التشريعية الإسرائيلية (الكنيست)، مع احتدام المنافسة بين الأقطاب المشاركة في هذا الاستحقاق الذي يأخذ طابعا مصيريا بالنسبة للبعض وفي مقدمتهم حزب الليكود (يميني) وزعيمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو.

وتقول أوساط سياسية متابعة إن نتنياهو عدل من استراتيجيته في الحملة الانتخابية الجارية، لينتقل من معاداة الكتلة العربية داخل المجتمع الإسرائيلي، إلى محاولة استمالتها، بعد أن ثبت بالكاشف أنها كتلة وازنة وقادرة على التأثير في مجريات العملية الانتخابية، وهو ما برهنت عليه الانتخابات السابقة التي جرت في سبتمبر الماضي.

ويشكّل العرب 20 في المائة من مجموع سكان إسرائيل البالغ عددهم 9 ملايين نسمة. ويحق لنحو 960 ألف نسمة من عرب إسرائيل التصويت في الانتخابات المقرّرة في 2 مارس المقبل.

ويعتمد زعيم الليكود على مسارين لاختراق هذا الجزء من النسيج المجتمعي الإسرائيلي: الأول شنّ حملة على القائمة العربية المشتركة التي نجحت خلال الاستحقاق السابق في إحراز المرتبة الثالثة في انتخابات الكنيست بـ13 نائبا، والمسار الثاني هو محاولة استقطاب الناخبين العرب خاصة أولئك الذين لديهم تحفظات على القائمة المشتركة ولا يرون في الليكود تهديدا.

نواب في الكنيست ونشطاء يقولون إن عرب الداخل لن ينسوا حملات نتنياهو التحريضية التي استهدفتهم

ووفق تقارير إسرائيلية فإن الليكود بدأ العمل على أجندة تستهدف إحداث اختراق في صفوف المكوّن العربي، وقد دشّن الحزب اليميني الذي يتطلع إلى تكريس هيمنته على الحياة السياسية في إسرائيل حملة دعائية في المناطق ذات الغالبية العربية شعارها “ولا شي” (لا شيء) في إشارة إلى إنجازات القائمة المشتركة.

ويقود نتنياهو بنفسه هذه الحملة، وقد أجرى هذا الأسبوع لقاء مطوّلا مع موقع “بانيت” باللغة العربية، حرص خلاله على توجيه جملة من الرسائل للمجتمع العربي يفنّد فيها عداءه لهم، مركّزا على انفتاح دول عربية كثيرة على إسرائيل خلال عهده حيث أن تلك الدول، وفق رأيه، لم تعد ترى في الأخيرة خطرا يهددها بل على العكس تماما “فالعرب معجبون بالإنجازات الإسرائيلية في مختلف المجالات والتجديدات التي يتم ابتكارها وتطويرها في إسرائيل”.

ولم يغفل رئيس الوزراء المنتهية ولايته في الحوار عن التحريض على القائمة العربية المشتركة حيث يرى بأنها لم تحقق أيّ إنجاز لفلسطينيي الداخل، في المقابل تعهد بتحقيق جملة من المكاسب لفائدتهم في حال نجح في الاستحقاق، لعل من بينها اختصار رحلات الحج بحيث تنطلق مباشرة من مطار بن غوريون إلى المملكة العربية السعودية.

وصرّح نتنياهو خلال المقابلة بأن إسرائيل تجري استطلاعات رأي في الدول العربية حول تأييد خطوات التطبيع مع إسرائيل وأنه سجلت زيادة على هذا المستوى. وأطنب زعيم الليكود خلال اللقاء في ذكر “إيجابيات” خطة السلام الأميركية المعروفة بصفقة القرن، وتأثيرها على وضع فلسطينيي الداخل.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن من البيت الأبيض وبجانبه نتنياهو في 28 يناير عن خطته للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين قوامها إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وضم الأخيرة لغور الأردن والمستوطنات المتناثرة في باقي الضفة الغربية، في المقابل بإمكان الفلسطينيين الحصول على دولة خاصة بهم هي عبارة عن كانتونات موصولة بجسور وأنفاق على المدى البعيد في حال تم الالتزام بجملة من الشروط في علاقة بالأمن الإسرائيلي.

وأثارت هذه الخطة ردود فعل غاضبة لدى فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة و”الشتات” في المقابل كانت مواقف عرب 48 ضعيفة نسبيا، ويفسر محللون ذلك بالتحولات الذي يشهدها المجـــتمع العربي في الداخل الإسرائيلي خاصة  وأنّ جزءا كبيرا منه لم يسبق أن عانى ويلات الصراع، ويعتبر أنه جزء أصيل من “دولة” إسرائيل.

ولكنّ هذه التحولات لا تعني بالمطلق أنّ هناك نسبة مؤثرة تؤيد اليمين الإسرائيلي الذي لطالما تعاطى مع عرب الداخل على أنهم مواطنون من درجة ثالثة، وأنّ ولاءهم لجذورهم وليس لدولة إسرائيل في المقابل فإن هناك عددا لا بأس به من هذا المكوّن لا يخفي تأييده لأحزاب اليسار الإسرائيلية.

وكان حزب ميرتس قد نجح في تجاوز العتبة الانتخابية في الاستحقاق السابق والبقاء في الكنيست بفضل الأصوات العربية، وصرّحت حينها رئيسة الحزب تمار زندبرغ لقد “فزنا بـ35 ألف صوت في البلدات العربية، وبالمجمل حصلنا على قرابة 40 ألف صوت من الناخبين العرب”.

وأضافت “منذ الآن فصاعدا، على اليسار الاعتماد عليهم بصورة أكبر. وفي المستوى الأكثر سياسية وانتخابيا، إذا لم يُنشئ معسكر الوسط – يسار شراكات مع الجمهور العربي، فإنه لن يستطيع العودة إلى الحكم. وإذا صوّت العرب مثل اليهود، فلن يكون هناك رئيس حكومة من اليمين”.

جولة الحسم
جولة الحسم 

ويقول محللون إن الناخبين العرب يشكّلون قوة انتخابية مهمة وقادرة على تغيير المعادلة، وهذا ما يفسر التركيز الكبير عليهم حتى من قبل الليكود الذي أقام في السابق حملاته الانتخابية على استعدائهم والتحريض ضدهم لمغازلة اليمينيين، من خلال سلسلة تصريحات وصفت بالعنصرية من قبيل “العربي متهم طالما لم تثبت براءته”، و”العرب قادمون للقضاء علينا (في إشارة إلى مكاتب الاقتراع)”.

ويقول نواب في الكنيست ونشطاء إن عرب الداخل لن ينسوا حملات نتنياهو التحريضية التي استهدفتهم، وإن محاولات استمالة البعض لن تؤتي أكلها، لأن الناخب العربي يدرك جيدا دوافع هذا التغيّر في موقف الليكود وزعيمه.

وقال النائب منصور عباس، إن هناك “لعبة انتخابية من حزب الليكود لمحاولة غزو الوسط العربي وتحقيق بعض المكاسب عشية الانتخابات الإسرائيلية العامة وفي تقديرنا فإن هذه اللعبة ستفشل”.

وأضاف عباس “ما تم نشره حول اختصار رحلة فريضة الحج هو استخدام رخيص للأوضاع، لأن نتنياهو وحزب الليكود يعلمان جيدا أن أداء مشاعر الحج للفلسطينيين في الداخل المحتل، تتم من خلال الأردن عبر ترتيبات خاصة ولا تغيير على مستوى هذا الوضع”، وشدد عباس أن “لجوء الليكود إلى هذا الأمر هو دليل إفلاس وإدراك بأن الوضع العام لا يسير في مصلحة هذا الحزب وزعيمه نتنياهو”.

وتجاوز نسبة مشاركة العرب في انتخابات سبتمبر حاجز الـ55 في المئة مقابل 40 في المئة في انتخابات أبريل.

وذهب أكثر من 90 في المئة من الأصوات للقائمة المشتركة، فيما النسبة المتبقية ذهبت لليسار.

'