نجاحات أوكرانيا على الجبهات دلالة على إمكانية هزيمة روسيا – مصدر24

نجاحات أوكرانيا على الجبهات دلالة على إمكانية هزيمة روسيا

أثار الإعلان الروسي المفاجئ بالانسحاب من بعض المناطق في خاركيف، ما سمح للقوات الأوكرانية بتحرير العديد من المدن، موجة تساؤلات بشأن هذا التطور على جبهات القتال. ويرى بعض المحللين أن ذلك يبرهن على قدرة القوات الأوكرانية على هزيمة روسيا بينما يحذر آخرون من إمكانية وقوع الأوكرانيين في فخ روسي.

 

واشنطن – تثير السرعة والنجاح الاستثنائيان اللذان يحققهما الهجوم الأوكراني المضاد على القوات الروسية في شمال أوكرانيا احتمالات لم يكن يتصورها سوى قلة قليلة في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير الماضي، وهي هزيمة الجيش الروسي أو حتى انهياره.

 

ويقول الكاتب الأميركي المتخصص في الشؤون الدولية مارك شامبيون إن الانهيار السريع للقوات الروسية في أوكرانيا ما زال أمرا غير محتمل، رغم الغموض الذي يحيط بالتطورات اليومية للمعارك بين الجانبين، ناهيك عن الغموض الذي يحيط بالخطط والظروف الدقيقة لكل من القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية.

وما زالت روسيا تسيطر على حوالي 20 في المئة من أراضي أوكرانيا، وهو ما يجعل المساحة التي تقول أوكرانيا إنها استعادتها خلال الشهر الحالي وقدرها 3000 كيلومتر مربع مساحة ضئيلة.

ورغم ذلك لا شك في أن الهجوم الأوكراني الأخير يمثل من وجهة نظر المراقبين العسكريين الروس والغربيين على حد السواء، نقطة تحول في أطول صراع مسلح في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، على الأقل لأنه أدى إلى تعطيل تحقيق الهدف المعلن من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو الاستيلاء الكامل على إقليم دونباس شرق أوكرانيا.

ليون بانيتا: التطورات الأخيرة في القتال بأوكرانيا محورية وخطيرة

وقال ليون بانيتا مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.أيه) ووزير الدفاع سابقا إن التطورات الأخيرة في القتال بأوكرانيا “محورية وخطيرة”. مضيفا أن “هذه المكاسب الأوكرانية قد تدفع روسيا إلى تصعيد الصراع بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، إذا ما شعرت بخطر الهزيمة. الأمر خطير لأن بوتين إذا شعر بأنه محاصر فقد يلجأ إلى الهجوم النووي”.

وأما لورانس فريدمان المؤرخ العسكري والأستاذ الفخري لدراسات الحرب في كلية “كينجز كوليدج لندن” فكتب في مدونة عبر الإنترنت أن الهجوم الأوكراني “قلب كل ما كان مفترضا بثقة حول مسار الحرب”.

وأضاف أن الافتراض الذي توافق عليه الكثيرون بشأن تعثر الحرب خلال فصل الشتاء ينهار، حتى أن فكرة الانهيار الروسي المفاجئ لم تعد مستبعدة.

وقال “كما هو الحال في الإفلاس للشركات يمكن أن يحدث في الهزيمة العسكرية، وهو أن ما كان يبدو عملية طويلة ومؤلمة يمكن أن يتحول إلى انهيار سريع”.

وأظهرت تقارير مصورة نشرت الاثنين صورا لقوات روسية تنسحب في حالة من الفوضى وتترك وراءها كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات، وهو ما أثار دهشة الكثيرين.

ويعتبر الكثيرون أن تخلي القوات الروسية عن منطقة إزيوم الحيوية بالنسبة إلى قواتها وأسلحتها تطور حرج.

ويقول معهد دراسات الحرب في واشنطن في تقريره اليومي عن الحرب في أوكرانيا إن “استعادة أوكرانيا لمنطقة إزيوم تنهي فكرة أن روسيا تستطيع تحقيق أهدافها المعلنة في إقليم دونباس”.

ولكن مدى تأثير نجاح أوكرانيا مؤخرا على سير الحرب سيتوقف بدرجة كبيرة على رد روسيا، التي تخلت عن هدفها المعلن في البداية وهو الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية كييف، ثم تعثر تحقيق هدفها الاحتياطي وهو الاستيلاء على إقليم دونباس بالكامل.

وحتى الآن مازال بوتين مترددا في إعلان الحرب رسميا وبالتالي إعلان التعبئة العامة وتوجيه ضربات إلى حلفاء أوكرانيا أو المضي في تنفيذ تلميحاته باللجوء إلى السلاح النووي.

روسيا ما زالت تسيطر على حوالي 20 في المئة من أراضي أوكرانيا، وهو ما يجعل المساحة التي تقول أوكرانيا إنها استعادتها خلال الشهر الحالي وقدرها 3000 كيلومتر مربع مساحة ضئيلة

وحتى الأمس تبدو المؤشرات على امتلاك روسيا لاحتياطيات جاهزة لشن هجوم مضاد على القوات الأوكرانية ضئيلة للغاية. وبدلا من ذلك استخدمت الصواريخ طويلة المدى لضرب محطات الكهرباء في خاركيف ودينبرو وغيرها من المدن الأوكرانية مما أدى إلى انقطاع الكهرباء فيها، وهو ما يمكن أن يضغط بشدة على المدنيين الأوكرانيين في فصل الشتاء البارد الطويل. وظهر المعلقون على شاشات التلفزيون الروسي يرحبون بهذه الضربات ويدعون إلى المزيد منها.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا ستستمر حتى تحقق أهدافها الأصلية، في حين لا يبدي بوتين أي علامات قلق وقال خلال اجتماع الاثنين إنه “أمضى الصباح في إعداد ميزانية العام الجديد”.

ويقول جاك وتلينج كبير الباحثين في الحرب البرية بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن “مازلنا نبحث تطورات الموقف في العام المقبل إذا لم يتخذ الروس قرارا سياسيا بالانسحاب لأن الأوكرانيين لا يمتلكون الاحتياطيات الكافية لاستغلال التراجع الروسي والمضي قدما”.

وفي المقابل يقول مايكل كوفمان المتخصص في الشؤون العسكرية الروسية في مركز أبحاث التحليلات البحرية بواشنطن إن السرعة التي نفذت بها القوات الأوكرانية الهجوم المضاد في خاركيف تكشف عن امتلاك الأوكرانيين تفوقا واضحا في عدد القوات، مع القدرة على تدوير القوات ونشر قوات جديدة على عدة جبهات في وقت واحد بطريقة أربكت الروس فيما يبدو.

ويضيف كوفمان أن “كل هذا يقودهم إلى نتيجة واحدة من أي وجهة نظر… وهي أن الحرب لا يمكن أن تستمر بالنسبة إلى القوات الروسية سواء بسبب مشكلات في العنصر البشري أو بسبب مشكلات في كفاءة القوات أو مشكلات في التخصص”.

بوتين مازال مترددا في إعلان الحرب رسميا وبالتالي إعلان التعبئة العامة وتوجيه ضربات إلى حلفاء أوكرانيا أو المضي في تنفيذ تلميحاته باللجوء إلى السلاح النووي

وبحسب مصادر روسية مطلعة فإن الكرملين، ونتيجة للتطورات غير المواتية على الجبهة، قرر إرجاء خطط تنظيم استفتاءات شعبية بين سكاني مقاطعتي لوجانسك ودونيتسك اللتين تشكلان إقليم دونباس في الشرق وإقليمي خرسون وزابوروجيا في الجنوب على الانفصال عن أوكرانيا إلى الشهور المقبلة.

وفي الوقت نفسه كبح المسؤولون الأوكرانيون بما في ذلك وزير الدفاع أوليكسي ريتسنكوف احتفالاتهم بالانتصارات الأخيرة ودعوا إلى الحذر والتركيز، حتى لا يتم إنهاك القوات ونشرها على مساحة واسعة تجعلها هدفا سهلا لأي هجوم مضاد روسي.

وقال أليكسي أريستوفيتش مستشار مكتب الرئيس الأوكراني إنه “بدلا من مرحلة تحقيق الاختراق والتقدم السريع، نتبنى الآن مرحلة تعزيز النتائج والقتال من أجل احتلال الخطوط التي تمنح القوات الأوكرانية ميزة مهمة ثم التقدم إلى المرحلة التالية”.

ومهما كانت الأوضاع على الأرض، تتزايد مشاعر الاستياء من الحرب بين المعلقين العسكريين عبر الإنترنت، بل وعلى شاشة التلفزيون الوطني الروسي حيث ظهر عضو البرلمان السابق بوريس نادزدين ليقول إن الرئيس بوتين ضلل الشعب عندما شن “حربا استعمارية من المستحيل كسبها”، في حين تدعو أصوات روسية أخرى إلى إطلاق العنان لاستخدام كل القدرات العسكرية في الحرب ضد أوكرانيا.

'