نورد ستريم 2 يرى النور بعد سنوات من التوترات – مصدر24

نورد ستريم 2 يرى النور بعد سنوات من التوترات

موسكو- أعلنت روسيا الجمعة استكمال بناء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” المثير للجدل، الذي يربط روسيا بألمانيا ويعتبر منتقدوه أنه سيزيد من اعتماد الدول الأوروبية في مجال الطاقة على روسيا، فيما أكدت أوكرانيا أنها “ستحارب” المشروع حتى النهاية.

وقالت الشركة في رسالة نشرتها على قناتها على تطبيق “تلغرام”، “أثناء اجتماع تشغيلي صباحي في غازبروم، صرّح المدير العام للمجموعة أليكسي ميلر أن هذا الصباح، أُنجز بناء خط أنابيب نورد ستريم 2 بالكامل”.

ودعا الكرملين إلى تشغيل خط الأنابيب “في أقرب وقت ممكن”، مؤكدا أن “جميعنا لدينا مصلحة” في ذلك. في المقابل صرّح المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية سيرجي نيكيفوروف أن أوكرانيا ستحارب نورد ستريم 2، رغم استكمال بنائه.  وقال “الرئيس فولوديمير زيلنسكي أشار دائما إلى أن أوكرانيا ستحارب هذا المشروع السياسي الروسي حتى استكمال بنائه، وبعد ذلك وحتى بعد بدء إمدادات الغاز”.

ويحمل إعلان انتهاء الأشغال طعم الانتصار بالنسبة لروسيا، في حين أن التوترات الدبلوماسية التي خلفها المشروع البالغة تكلفته 10 مليارات يورو كانت قوية جدا في فترة معينة، إلى درجة أن البعض اعتقد أن خط الأنبوب لن يرى النور أبدا.

وبالنسبة لمنتقديه في أوروبا وكذلك الولايات المتحدة، سيزيد المشروع على المدى الطويل اعتماد الدول الأوروبية في مجال الطاقة على روسيا الخصم الاستراتيجي الكبير بالنسبة للدول الغربية، ويشكل خيانة لمصالح أوكرانيا حليفة الغرب في مواجهة موسكو.

سيرجي نيكيفوروف: أوكرانيا ستحارب نورد ستريم 2 رغم استكمال بنائه

ويُفترض أن يضاعف خط الأنابيب الممتد تحت مياه بحر البلطيق عمليات تسليم الغاز الروسي إلى ألمانيا، المروّج الرئيسي للمشروع. ويمتدّ هذا الأنبوب القادر على نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز في العام، على 1230 كيلومترا تحت مياه بحر البلطيق وهو الطريق نفسه الذي يمتدّ عليه مشروع “نورد ستريم 1” الذي وضع في الخدمة في العام 2012.

وعلى مدى سنوات، تواجهت واشنطن وبرلين بشأن المشروع إنما أيضا الأوروبيون في ما بينهم، كذلك روسيا وأوكرانيا، التي ترى أن تشغيل خط الأنابيب يُضعف موقعها. وأخيرا سمح تغيير واشنطن موقفها بعد وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، بالتوصل إلى تسوية ألمانية أميركية لمحاولة وضع حدّ لهذا الخلاف.

وأحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل في مشروع نورد ستريم 2، هو أنه يلتفّ على الطريق التقليدية لتوصيل الغاز الذي يعبر أوكرانيا ما سيحرم هذا البلد من رسوم عبور قدرها حوالي مليار يورو سنويا. وتخشى كييف أيضا أن يجعلها المشروع أكثر ضعفا حيال موسكو، عبر حرمانها من أداة تأثير مهمة.

وتعرّضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لانتقادات كثيرة بسبب هذا الملف وأكدت أواخر أغسطس من أوكرانيا أن بلادها ستفعل كل ما بوسعها لتمديد عقد العبور الروسي الأوكراني الذي ينتهي العمل به العام 2024، كما أنها شدّدت على أن موسكو ينبغي ألا تستخدم الغاز كـ”سلاح”. لكنّ الرئيس الأوكراني أبلغها أنه يعتبر نورد ستريم 2 بمثابة “سلاح جيوسياسي خطير”.

والمشروع الذي تديره شركة غازبروم الروسية العملاقة وتقدر قيمته بأكثر من 10 مليارات يورو، تموّله بشكل مشترك خمس مجموعات أوروبية في قطاع الطاقة (أو.أم.في، إنجي، وينترشال ديا، يونيبر وشل).

وألمانيا هي المروج الرئيسي لخط الأنابيب داخل الاتحاد الأوروبي، وتعتبر أنه مشروع اقتصادي قبل كل شيء وأنه سيساعدها في تحقيق انتقال الطاقة الذي التزمت به، مع جعل أراضيها مركزا للغاز الأوروبي في الوقت نفسه.

وكانت الولايات المتحدة تعارض منذ البداية هذا المشروع الذي من شأنه أن يضعف أوكرانيا، معتبرة أنه يعزز المصالح الروسية، في وقت تريد واشنطن أيضا بيع الأوروبيين غازها الصخري.

وينقسم الأوروبيون في هذا الصدد حيث تشعر بولندا أو دول البلطيق بالقلق من أن رؤية الاتحاد الأوروبي تجعله ينصاع للطموحات الروسية. وحتى في ألمانيا، لا يحظى نورد ستريم بالإجماع.  واعتبر تقرير صادر عن معهد الأبحاث الاقتصادية الألماني “دي.آي.دبليو” في 2018 أن خط أنابيب الغاز يستند إلى توقعات “تبالغ في تقدير الطلب على الغاز الطبيعي في ألمانيا وأوروبا”.

ووجهت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ضربات قوية لأشغال بناء الأنابيب عبر التصويت في العام 2019 على قانون يفرض عقوبات على الشركات المشاركة في الورشة. وبدأت الأشغال في أبريل 2018، وتوقفت في ديسمبر 2019 فيما لم يكن قد تبقى إلا 150 كيلومترا من الأنبوب لمدة في المياه الألمانية والدنماركية، واستأنفت الأعمال بعد عام.

وتخلى الرئيس بايدن عن عرقلة المشروع معتبرا أن الوقت قد فات وأنه من الأفضل الرهان على التحالف مع ألمانيا، بحيث أن واشنطن ترغب في ضمان التعاون معها في ملفات أخرى لاسيما في مواجهة الصين.

'