هاجس غذاء التونسيين يفرض مراجعة النموذج الزراعي – مصدر24

هاجس غذاء التونسيين يفرض مراجعة النموذج الزراعي

تتصاعد مطالبات أوساط الزراعة في تونس يوما بعد يوم من أجل تغيير النموذج المتبع من قبل السلطات في إدارة القطاع الذي يفترض أنه بمثابة العمود الفقري للاقتصاد إلى جانب قطاعات حيوية أخرى في مقدمتها السياحة.

 

تونس – أكد خبراء أنه لا يمكن الحديث عن تنمية الزراعة التونسية التي تعاني من مشاكل تراكمت منذ عقود، فضلا عن موجة الجفاف لتنضاف إليها تأثيرات سلاسل الإمداد بسب حرب أوكرانيا، دون اعتماد خطة شاملة لتطويرها.

وطالب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (نقابة المزارعين) عبدالمجيد الزار بفتح حوار مع المزارعين لتحقيق السيادة الغذائية للبلاد، حيث يشكل الأمن الغذائي مسألة حساسة واستراتيجية للبلد.

عبدالمجيد الزار: الزراعة القوام الأساسي وقاطرة بناء اقتصاد بلدنا

 

ونسبت وكالة الأناضول إلى الزار قوله “نعتبر أن الزراعة هي القوام الأساسي لاقتصاد البلاد، وهي المحرك الأساسي والقاطرة، فهل يمكن أن نأتي للقطار وننزع عنه قاطرته؟”. وأوضح أن الاتحاد له مهمتان أساسيتان، المهمة التنموية أولا والمهمة النقابية ثانيا، و”لو أن الحكومات استمعت لما نطرحه لوصلنا إلى حلول”.

 

وتحتل الزراعة مكانة محورية في الاقتصاد التونسي، إذ تساهم بنسبة 9 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي، وما بين 9 و10 في المئة من مجموع الصادرات سنويا، وتستقطب 8 في المئة من مجموع الاستثمارات، وتشغل 15 في المئة من إجمالي اليد العاملة. وتشير تقديرات اتحاد الفلاحة إلى أن عدد الأسر العاملة في القطاع يبلغ نحو 580 ألفا، يشكل عدد أفرادها حوالي 3 ملايين شخص.

 

وتواجه السوق المحلية تذبذبا في وفرة بعض السلع الرئيسية، وسط عجز جزئي للحكومة عن سداد قيمة بعض الواردات، ما جعل البلاد تسجل مخاوف في وفرة مواد أساسية كالقمح.

وقال الزار “عندما نتحدث عن السيادة الغذائية، كان من المفروض أن تضع الدولة برنامجا لتحقيق سيادتنا الغذائية التي هي مبنية على الحبوب واللحوم الحمراء والبيضاء والألبان وتوفير الأسمدة اللازمة”.

 

واعتبر أن “تعريف منظمة الأغذية والزراعة (فاو) للأمن الغذائي لم يعد كافيا، لأنه يكون في الحالات العادية، بمعنى نوفر الغذاء بالكم والجودة الكافية سواء كان إنتاجا أو توريدا، وهذا لم يعد كافيا، حيث بات مفروضا على البلدان تأمين الأغذية الأساسية باستقلالية”.

وظهر تقصير الحكومات التونسية المتعاقبة تجاه الزراعة خصوصا في الإرشاد الزراعي بوضوح أكبر مع الأزمة الصحية ثم الحرب في أوكرانيا بالنظر إلى ما يعانيه القطاع أصلا مع استمرار موجة الجفاف في منطقة شمال أفريقيا.

 

ووضعت حكومة نجلاء بودن خطة مرحلية تستمر حتى نهاية العام الحالي لتأمين مخزون القمح لمواجهة تحدي الأمن الغذائي الذي يتربص بالبلاد مثل باقي دول العالم بسبب تأثيرات ما يحصل في منطقة البحر الأسود.

وبحسب رويترز أظهرت وثيقة رسمية أن مشتريات تونس من الحبوب في ما تبقى من هذا العام ستبلغ 1.185 مليون طن، مما يجعل إجمالي احتياجاتها من واردات الحبوب في 2022 عند 2.68 مليون طن.

وتشمل المشتريات 600 ألف طن من القمح اللين ومئة ألف طن من القمح الصلب و485 ألف طن من الشعير. وتضررت تونس، التي تعاني من أزمة مالية كبيرة، بشدة من ارتفاع أسعار القمح العالمية من جراء الحرب في أوكرانيا.

وتسبب الجمع بين العقوبات الغربية السريعة وتكاليف الشحن والتأمين المرتفعة، وقبل ذلك تخفيف قيود الإغلاق بسبب الوباء، في دفع الحبوب إلى أعلى سعر لها منذ أكثر من عشر سنوات تقريبا.

ويحمل هذا صدى إضافيا لدى تونس بعدما ساهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية في احتجاجات على السلطة قبل عقد من الزمن، مما يزيد من الضغوط على الحكومة الحالية لتحقيق درجة معقولة من الاكتفاء الذاتي من الغذاء.

Thumbnail

وقال وزير الاقتصاد سمير سعيد لرويترز الأسبوع الماضي إن “تأثير ارتفاع أسعار الحبوب والنفط على الميزانية التونسية سيكون أقل بقليل من 1.7 مليار دولار هذا العام”. وتقدر قيمة واردات تونس من الحبوب في 2022 بنحو مليار دولار.

وتستهلك الدولة، التي بلغ متوسط محصول الحبوب فيها خلال السنوات العشر الماضية نحو 1.5 مليون طن، حوالي 3.4 مليون طن سنويا. ووفق ديوان الحبوب يشكل القمح الصلب واللين حوالي 1.2 مليون طن من إجمالي استهلاك الحبوب في بلد يبلغ تعداد سكانه نحو 11.8 مليون نسمة.

ورفعت تونس هذا الشهر سعر شراء القمح والشعير من المزارعين المحليين لتشجيع الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي. وقال وزير الفلاحة محمود إلياس حمزة حينها إن “تونس تسعى للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج القمح الصلب بدءا من الموسم المقبل”.

وستزرع تونس 800 ألف هكتار إضافية تخصص للقمح الصلب وستركز على توفير البذور التي تزيد الإنتاجية. وحتى تتفادى أي مشاكل في الإمدادات من السوقين الروسية والأوكرانية كونهما تشكلان لوحدهما 80 في المئة من الواردات العالمية، ستلجأ تونس إلى الأوروغواي وبلغاريا ورومانيا للحصول على إمدادات بديلة.

وقالت وزارة الفلاحة مطلع الشهر الماضي في بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك إن “حاجيات البلد من الحبوب مؤمنة حتى نهاية مايو المقبل بالنسبة إلى القمح الصلب والشعير، وإلى نهاية يونيو بالنسبة إلى القمح اللين”. وتستورد تونس قرابة 70 في المئة سنويا من احتياجاتها من الحبوب 90 في المئة منها هي في الأساس من مادة القمح.

ومن بين السلبيات التي تعترض الزراعة تأمين المخزون في الصوامع. وتشير تقديرات اتحاد الفلاحة إلى أن 30 في المئة من المحاصيل يتم اتلافها لغياب منشآت التخزين ما يشكل خسارة للمزارعين وللاقتصاد بشكل عام.

'